في خضم الصراع على الأفضلية بين ​الدوريات الأوروبية​، شكّل انتقال البرتغالي ​كريستيانو رونالدو​ من ريال مدريد إلى يوفنتوس علامة بارزة أعادت قوة الدفع للدوري الإيطالي الغائب منذ سنوات عن مشهد التميز في القارة العجوز، على الرغم من أن "​الكالتشيو​" كان واحداً من أفضل البطولات إن لم يكن الأفضل في أوروبا على مدى سنوات طويلة.

من الواضح ان الجيل الحالي من عشاق كرة القدم لم يعِ أو يلمس هذا الواقع لكونه استفاق على فورة ​الدوري الإسباني​ بوجود نجمين هما ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو، كما انه شاهد وتابع تطور ​البريمييرليغ​ بشكل هائل في السنوات الماضية، في الوقت الذي واصل ​الدوري الإيطالي​ سباته حتى بات "يتيماً" بين أقرانه.

لطالما كان الدوري الإيطالي محطة لأبرز نجوم العالم في القرن الماضي قبل أن يخبت بريقه مع تراجع أجور اللاعبين وارتفاع مستوى الضرائب وتفشي الفساد والمراهنات، الأمر الذي حوّل أنظار اللاعبين إلى وجهة أخرى وهو ما ساهم في تراجع مخيف لمستوى الكرة الإيطالية بشكل عام على الرغم من تتويج المنتخب بكأس العالم عام 2006، لكن الآثار السلبية تجلّت واضحة مع غياب الآزوري عن ​مونديال 2018​ للمرة الأولى منذ 58 عاماً.

ومما لا شك فيه ان انتقال رونالدو إلى الدوري الإيطالي شكّل حدثاً ربما يمهد لثورة حقيقة أو انتفاضة قد تساهم في إعادة الأضواء المفقودة إلى دوري كان في يوم من الأيام يحظى بأعلى نسبة مشاهدة حول العالم وبحشد غير مسبوق من النجوم الذين ما تزال إنجازاتهم ساطعة حتى الآن.

ومع الحديث عن انتقال لاعبين آخرين الى الدوري الإيطالي منهم ​مارسيلو​ و​كريم بنزيما​، ثم عودة المدرب ​كارلو أنشيلوتي​ للتدريب المحلي مع نابولي، فإن الباب ربما يفتح على مصراعيه من أجل إعادة الزخم للكالتشيو خاصة وان وجود لاعب مثل رونالدو سيمنحه من دون أدنى شك قيمة مضافة سنشهد على آثارها منذ اللحظة الأولى لبداية الموسم الجديد وقد تؤتي ثمارها في البطولة الأغلى والأهم أي ​دوري أبطال أوروبا​.

​​​​​​​

وإذا كانت كل تلك المؤشرات بداية لعهد جديد في الدوري الإيطالي، فإن الأنظار ستكون متجهة أيضاً نحو دوري آخر هو الإسباني المتضرر الأول من غياب المنافسة بين ميسي ورونالدو، خاصة وان الليغا الإسبانية لطالما عاشت وتغذّت على هذا الصراعفي السنوات الماضية ليس بالنسبة لمباريات الكلاسيكو والمنافسة على اللقب فحسب، إنما حتى في صراع اللاعبين على لقب الهداف وعدد الثنائيات والهاتريك في كل موسم، لا بل انه تعدى ذلك في الحديث عن الأجور والأرباح السنوية لكل من الأرجنتيني والبرتغالي.

وحين تنطلق الليغا في ظل غياب المنافسة بين أفضل نجمين في العالم، فإن التأثيرات السلبية لا بد وأن تكون واضحة لكل متتبعي الدوري الإسباني، ولنا أن نتخيل مثلاً لو قرر ليونيل ميسي الرحيل بعد عامين أو اثنين إلى إيطاليا فماذا سيكون المشهد عندها؟

من البديهي القول ان رحيل رونالدو إلى إيطاليا سيعزز من قوة المستوى الفني للدوري وهو أمر لا يمكن الإستهانة به سواء أحببنا اللاعب أم لا، وفي المقابل فإن ميسي سينافس نفسه على الأفضلية في إسبانيا وهو أمر لا بد وأن يترك أثره في المرحلة المقبلة.