شهر كروي اسمتعنا به حيث تسمرت أنظار محبي كرة القدم باتجاه الأراضي الروسية الخضراء حيث ركلت أقدام أكثر من 450 لاعبا الجلد المدور من أجل الظفر باللقب العالمي الأغلى في رياضة كرة القدم ليبتسم الجلد المدور في نهاية المشوار لأقدام لاعبي منتخب ​فرنسا​ الذين حصدوا اللقب الثاني في تاريخهم بعد عشرين سنة من لقبهم الأول عام 1998 في الأراضي الفرنسية.

في هذا التقرير سنستعرض أبرز ما يمكن الخروج منه كعبر ودروس من هذه ال​كأس العالم​ية.

أسلوب ​أتلتيكو مدريد​ والإستراتيجة الدفاعية ينتصر

كان كأس العالم هذا بمثابة انتصار للكرة الدفاعية على الكرة الهجومية. فكل من شاهد المباريات يرى بأن المنتخبات التي لعبت بفكر الإستحواذ لم تستطع الذهاب بعيدا والعيب ليس في الفكر بحد ذاته بل بطريقة تطبيقه وغياب الأدوات اللازمة لذلك. وكان تتويج فرنسا باللقب وهي التي لعبت بشكل تكتيكي منضبط مع خطف الأهداف في كل مباراة سواء من كرات ثابتة أو هجمات مرتدة كان تأكيدا على أن هذه الإستراتيجية هي التي انتصرت فلم ينجح البلجيكيون أصحاب النزعة الهجومية في تجاوز الجدار الدفاعي الفرنسي فيما خيب ​البرازيل​ و​ألمانيا​ و​الأرجنتين​ الآمال بشأن تقديم كرة هجومية ممتعة. وهذا يضعنا أمام أمر واقع، وهو بأنه أيضا على صعيد المنتخبات، أصبح هناك "أتلتيكو مدريد" جديد، فالنادي الإسباني مع ​سيميوني​ والذي حقق الكثير من الإنجازات بفكره الدفاعي البحت، أصبح شخصية ملهمة لكثير من الفرق والمنتخبات وما كأس العالم الأخيرة إلا خير دليل على ذلك.

ديشان حفر إسمه من ذهب في سجلات المونديال

دخل المدرب الفرنسي ديدييه ديشان التاريخ من أوسع أبوابه، حيث حمل كأس العالم كمدرب بعد عشرين سنة من حمله كقائد للمنتخب ليصبح بذلك الشخص الثاني والذي يقوم بهذا الإنجاز بعد القيصر الألماني ​فرانتس بيكنباور​. ورغم الكثير من الإنتقادات لديشان قبل البطولة لكن الأخير رد كما يجب ورغم عدم اقتناع البعض بأسلوب لعب فرنسا لكن لا يمكن أبدا إنكار بأن منصب المدير الفني أصبح في أمان، كيف لا وهو حامل لقب كأس العالم.

4 ملايين مواطن كافيين لتقديم فريق منافس على لقب كأس العالم

كنا نسمع ونحن صغار بأنه لا يمكن لبلد صغير لا يتجاوز عدد سكانه الأربعة ملايين نسمة أو أقل أن ينافس على كأس العالم فكي تفوز بالكأس، عليك أن تكون دولة عظمى وما ساعد على ذلك هو عدم وصول إلا الفرق الكبيرة للنهائية، ذات المساحة الهائلة والكثافة السكانية، أقله في النسخ العشر الأخيرة أو أكثر حتى لكن هذه القاعدة قد انكسرت وتم إثبات أنها خاطئة. فكرواتيا، تلك الدولة الصغيرة من ناحية السكان قدمت نموذجا مميزا وأثبتت بأنه يمكن لأي دولة إن خططت صحيح واهتمت بمواهبها كما يجب أن تصل لأبعد المراحل الكروية وما الوصول إلا لنهائي كأس العالم إلا دليل ساطع على ذلك.

نجوم وجدوا في كأس العالم فرصة للخروج من عباءة ميسي ورونالدو

كان الكثيرون وفي غمرة الصراع بين برشلونة و​ريال مدريد​ يعتبرون بأن كرة القدم محصورة فقط من ناحية النجومية المطلقة للاعبين الافضل في العالم بين الأرجنتيني ميسي والبرتغالي رونالدو.

وما ساعد على ذلك هو احتكارهما لجوائز اللاعب الأفضل في العالم، ورغم التسليم بنجومية اللاعبين الإثنين، لكن كان هناك الكثير من اللاعبين الذين يقدوم أيضا مستويات رائعة لكنهم لا يأخذون حقهم الإعلامي ربما لأنهم لا يقدرون على تسجيل 50 هدفا في الموسم، بل كانوا يقومون بأشياء مميزة أخرى لم تكن تدخلهم أبدا ضمن نطاق منافسة ميسي ورونالدو. وعلى الأراضي الروسية كانت الفرصة مؤاتية للاعبين تابعوا مسيرة التألق ونجحوا في الحصول على التقدير اللازم مثلا ك​مودريتش​ الكرواتي، ​غريزمان​ الفرنسي، ​هازارد​ البلجيكي. هؤلاء وجدوا أخيرا من يقدر تعبهم وينصفهم ويضعهم ضمن نخبة اللاعبين الأفضل في العالم ولم لا قد نرى أحدهم يحوذ على جائزة الأفضل في العالم عما قريب وهذا سيعطيهم مزيدا من الإنصاف الإعلامي والتسويقي بكل تأكيد.

​​​​​​​

لا كبار بعد الآن في كرة القدم

كانت النسخة الحالية تأكيدا على أن اللعب بالأسماء فقط من دون العطاء لن يقدم أبدا ولن يؤخر فكل الكبار خرجوا بسبب أدائهم رغم امتلاكهم ترسانة من النجوم لكن الأمور أصبحت في كرة القدم جماعية أكثر ويمكن لأي منتخب أن يقف بوجه أي منتخب آخر وبالتالي لم ينجح أي منتخب مثل الأرجنتين، ألمانيا، البرازيل على سبيل التحديد في تجاوز الضعف الفني والتكتيكي بالمستوى الفردي العالي للاعبيهم بل على العكس رأينا المنتخبات المنظمة والأقل نجومية على صعيد الأفراد هي من تصل وهذا كان تتابعا لما حصل في آخر السنوات على صعيد الأندية حيث لا يمكن فقط أن يكون لديك فريق من النجوم كي تحصل البطولات فكرة القدم الآن تغيرت وهذا أمر إيجابي لأنه بقدر العمل والتنظيم والتخطيط الجيد، بقدر ما تكون النجاحات وهذا ما يفرض على المنتخبات الكبيرة أن تعيد النظر في طريقة لعبها وتحضيرها للبطولات الكبرى من جديد وأن يكون هذا المونديال بمثابة درس لهم.