لا يمكن اعتبار وصول ​كرواتيا​ إلى المباراة النهائية من ​بطولة كأس العالم​ الحالية في ​روسيا​ بمثابة المفاجأة، ومن غير المنطقي وصف ما فعله رجال المدرب ​زلاتكو داليتش​ بأنه مغامرة، صحيح أن بلوغ المنتخب الكرواتي نهائي المونديال هو حدث غير متوقع، إلا ان مسيرته منذ مباراته الأولى على الاراضي الروسية كانت تقدم كل مرة مؤشراً على ما تحقق حتى الآن.

من الواضح ان كل المفاهيم الكروية والأسس السابقة التي كانت تزّين كل مونديال تلاشت في روسيا، خاصة بعدما لعبت الكثير من المنتخبات ومن بينها كرواتيا دوراً في إبعاد القوى التقليدية أو تلك التي سبق لها الفوز باللقب عن ساحة المنافسة، لذلك فإن تأهل الكروات الى النهائي لمواجهة ​فرنسا​ هو أقل من مفاجأة وأكثر من مغامرة.

من المنطق القول ان أحداً لم يكن يتوقع بلوغ كرواتيا المباراة النهائية لكأس العالم قبل الرابع عشر من حزيران/يونيو الماضي، لكن رفاق ​لوكا مودريتش​ كشروا عن أنيابهم منذ المواجهة الساخنة أمام ​الأرجنتين​ بقيادة ليونيل ميسي والفوز الكبير والمستحق بثلاثة أهداف دون رد.

في الحقيقة لا يُعرف عن المنتخب الكرواتي تحقيقه أي انجاز سوى تحقيقه المركز الثالث في ​مونديال 1998​ بقيادة جيل ذهبي قاده ​دافور شوكر​، زفونيمر بوبان، روبرت يارني، ماريو ستانيتش،روبرت بروزينيكي وغيرهم، لكن الجيل الحالي للكرة الكرواتية ربما يكون الأفضل بوجود لوكا مورديتش، ​إيفان راكيتيتش​، ​ماريو ماندزوكيتش​، ​إيفان بيرسيتش​ وآخرين اثبتوا جدارتهم في روسيا وتغلبوا على عامل الإجهاد والتعب وحتى الترشيحات المسبقة من أجل حجز مكان في المباراة النهائية هو خير مكافأة لكل ما بذلوه حتى الآن.

من الخطأ اعتبار المباراة النهائية لكأس العالم بين كرواتيا وفرنسا مجرد ثأر يريد الكروات تنفيذه بعد خروجهم على يد الفرنسيين في نصف نهائي مونديال 1998، لأن الحلم الكرواتي كان يكبر مع كل دور يتخطاه المنتخب في المونديال حتى باتوا على مرمى حجر من تحقيق اللقب للمرة الأولى في تاريخهم.

صحيح ان المنتخب الفرنسي ليس سهلاً، وصحيح أيضاً ان الكروات لعبوا 120 دقيقة في ثلاث مباريات متتالية في الادوار الإقصائية على عكس خصومهم، لكنهم اثتبوا في كل مباراة ان ذلك لم يكن مؤثراً، لذلك فإن فوز كرواتيا باللقب ليس مستبعداً على الإطلاق والمشوار قد ينتهي بفرحة لم تكن بالحسبان حتى لأكثر المتفائلين في دولة لا يتعدى عدد سكانها أربعة ملايين نسمة.

من هنا يمكن اعتبار ما حققته كرواتيا في مونديال روسيا حتى الآن انجاز قد يتوّج بلقب عالمي يضعها بين الكبار ويهدي لاعبيها نجمة مضيئة على قمصانهم ستكون مستحقة دون أدنى شك فيما لو تمكن مودريتش ورفاقه من الصعود إلى منصة التتويج يوم الأحد المقبل.