صحيح أن ​محمد صلاح​ ليس ​كريستيانو رونالدو​ أو ليونيل ميسي، وصحيح أيضاً أن ليفربول ليس ريال مدريد أو برشلونة، لكن أحداً لا يمكن أن ينكر حالة الحزن التي عمّت أرجاء العالم بعد خروج النجم المصري مصاباً من المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين ​الريدز​ والمرينغي في كييف.

وفي الوقت الذي كان يعوّل فيه الجميع على تألق متوقع لمحمد صلاح في موقعة الختام من أجل تعزيز حظوظه بالمنافسة على جائزة ​الكرة الذهبية​، بعد تتويجة بلقبي ​هداف الدوري الإنكليزي​ وأفضل لاعب في ​البريمييرليغ​، جاءت الإصابة في مباراة الريال لتضع الكثير من علامات الاستفهام ليس حول هذا الأمر فحسب، إنما حتى عن إمكانية غيابه عن نهائيات كأس العالم في روسيا أو بعض مباريات ​المونديال​.

يمكن فهم حالة التعاطف مع محمد صلاح عقب خروجه باكياً في الدقائق الأولى من المباراة، ويمكن فهم حالة الغضب التي عمّت العالم وصبت حممها على قائد ​الميرينغي​ سيرجي ​راموس​ لكونه كان السبب سواء عن قصد أو من دونه في حرمان محبي كرة القدم من رؤية صلاح في نهائي أبطال أوروبا مع العلم ان استمراره على أرض الملعب كان سيغيّر من وجه المباراة دون التقليل من قدرة وخبرة لاعبي الريال على الحسم، لكن المهمة كانت ستكون أصعب دون أدنى شك.

كان خروج محمد صلاح من المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بمثابة انتهاء اللقاء بالنسبة للكثيرين حول العالم الذين انتقلوا للسؤال الأهم والمتعلق بمعرفة امكانية مشاركته في المونديال المقبل، لأن غياب نجم ليفربول لا يشكل ضربة للمنتخب المصري فقط انما لكل عشاق محمد صلاح والذين اثبتوا ليلة السبت انهم أكثر من يتم عدّهم أو احصاءهم.

لكن في خضم كل تلك المعطيات، تحوّل محمد صلاح لكي يصبح الحدث نفسه وحديث مختلف وسائل الإعلام وأهل الرياضة والسياسة والثقافة في مختلف العالم، وتصدر اسمه الترند العالمي بعد عاصفة من التغريدات اجتاحت ​مواقع التواصل الإجتماعي​، ومع ذلك بقي هناك سؤال يبحث عن إجابة: لماذا كل هذا الحب لمحمد صلاح؟

لم يعد محمد صلاح يجسّد صور المواطن العربي أو المصري فقط، لقد تحوّل خلال فترة وجيزة إلى حالة أكثر منها ظاهرة جسّدت صورة الإنسان البسيط الذي لم تدفعه الشهرة للتخلي عن مبادئة أو قيمه، صورة اللاعب الذي يملك من الطموح ما يدفعه لمقارعة النجوم بغض النظر عن اسمائهم أو جنسياتهم أو حتى فرقهم، فكان نموذجاً للصغار قبل الكبار.

لم يكن كل محبو محمد صلاح ممن يشجعون ليفربول حتى أن بعضهم لا يتابع كرة القدم أصلاً، لكن شهرة النجم المصري جعلته على كل لسان، اعتبره كثيرون فرصة للخروج من المشهد المتكرر الذي يحمل بطلين فقط هما كريستيانو رونالدو او ليونيل ميسي، أراده البعض منافساً جديراً بكسر تلك الهيمنة الثنائية على الألقاب الفردية والجماعية.

لذلك من أجل كل هؤلاء، لا بد ان يعود محمد صلاح الى معشوقته، الى جماهيره، الى عالمه الذي يحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى.