يوجد في ​لبنان​ الكثير من الالعاب القتالية والتي ربما لا تحظى بضوء إعلامي كاف حيث لا يعلم الكثيرون عن وجودها.

وكنا في تحقيق سابق قد أضأنا على ألعاب الإيكيدو، ​الووشو​ مع لمحة سريعة أيضا عن ​الكيوكشنكاي​ حيث تكلمنا عن أبرز قوانينها، المعدات اللازمة لها ومتى وجدت في لبنان.

في هذا التحقيق، سنسلط الضوء أكثر على واقع هذه الالعاب مع إجراء بعض المقابلات مع الأشخاص الفاعلين في هذه الألعاب لوضعنا أكثر وعن قرب فيما تعيشه كل لعبة، أبرز المشاكل وأبرز النتائج أيضا وما هي سبل التطور فيها والإضاءة عليها أكثر سواء إعلاميا أم جماهيريا.

الإيكيدو

الحديث كان مع رئيس ​الإتحاد اللبناني​ للعبة القاضي شادي الحجل الذي اعتبر بأن واقع الأيكيدو في لبنان جيد حيث يتم تنظيم اللعبة بشكل واضح مع سعي الإتحاد إلى وضع أطر تنظيمية للعبة من كافة الجوانب عبر إقامة عدة دورات مع خبراء أجانب وضخ دم جديد في اللعبة بجانب تنظيم دورات للمدربين لنشر طريقة تدريب جديدة وفق الأسس الصحيحة لتعليم اللعبة. هناك أندية جديدة انتسبت إلى الإتحاد خارج المناطق التقليدية إذا صح التعبير خاصة ان الإتحاد اللبناني للعبة موجود فقط منذ عام 1998 مع أن اللعبة كانت في لبنان قبل ذلك وبالتالي الواقع بشكل عام مميز وهناك نقلة نوعية واضحة في الفترة الأخيرة.

لعبة الأيكيدو ليست لعبة تنافسية كما قال الحجل، وهذه التوجيهات تأتي دائما من البلد الأم للعبة، ​اليابان​ فلا يوجد مسابقات ولا تنظيم مباريات بل هي فن بحد ذاته وهناك الكثير من اللاعبين اليوم الذين يتدربون في لبنان ويتمتعون بمستويات عالية مقارنة بمستوى اللاعبين في الخارج حيث يوجد بالفعل لاعبون مؤهلون للبروز والتألق في المحافل الخارجية.

تعتبر ميزانية إتحاد الأيكيدو من أقل الموازنات بين الإتحادات اللبنانية حيث يتم تأمينها من إشتراكات الأندية وبعض الرعاة لكن هناك صعوبة في مكان ما لتأمين الرعاة كون اللعبة لا تنافس فيها وهذا ما يجعل الرعاة يبحثون على ألعاب أخرى قد تكون أفضل لهم لكن الإتحاد يحاول في هذا الشق خاصة عبر الإضاءة على نشاطات اللعبة لتعريف الجمهور أكثر بها مع السعي أيضا لأخذ مساعدة من وزارة ​الشباب​ والرياضة.

الحجل كشف بأن إتحاد الأيكيدو يستقبل اللاعبين الصغار من عمر العشر سنوات تقريبا وهو معدل أعلى ربما من الألعاب القتالية الأخرى لكنه يوليهم اهتماما خاصا حيث يتمرنون مع اللاعبين الكبار من أجل كسب الخبرة والإحتكاك للتطور كما هناك برامج تدريبية خاصة بهم بجانب تشجيعهم عبر أخذ رسوم مخفضة منهم وذلك لتحفيزهم على إعطاء كل ما لديهم لهذه اللعبة. وأضاف الحجل بأن إتحاد الأيكيدو وضع خطة لنشر هذه اللعبة في المدارس كي تصبح جزءا لا يتجزأ من ثقافة المجتمع وكي يبدأ اللاعب بممارسة هذه اللعبة وهو في المدرسة كي يجمع بين رياضته وعلمه.

وأكد الحجل بأن طموح إتحاد الأيكيدو كبير للغاية إنما بواقعية طبعا فالتطور يجب أن يأخذ وقته فاللاعب مثلا إن ثابر على التدريب يمكنه أخذ الحزام الأسود بعد خمس سنوات بينما في الألعاب الأخرى يأخذها بعدد سنوات أقل كما أن الإتحاد يقوم بجهد مضاعف من أجل خلق هيكلية واضحة لعمل الإتحاد وتطوير الكادر البشري خاصة من ناحية المدربين الذين هم أساس اللعبة وهذا عبر جلب مدربين دوليين خاصة من اليابان ما يجعل شهادة التدريب اللبنانية معترف بها في كل دول العالم.

وكشف الحجل عن انضمام إتحاد الأيكيدو إلى ​اللجنة الأولمبية​ اللبنانية كعضو مراقب لأن اللعبة غير أولمبية وهذه كانت خطوة مميزة.

كما لفت الحجل إلى اهتمام الإتحاد مؤخرا بالعنصر النسائي لما لهذه الرياضة من انعكاس إيجابي على شخصية المرأة بشكل عام وأيضا بالإهتمام بذوي الإحتياجات الخاصة والذين يمكن أن يكون لهم دور في هذه اللعبة. بشكل عام، كلما زاد الإقبال على هذه اللعبة، كلما أصبحنا امام مجتمع رياضي لأن لعبة الأيكيدو تعلم الفرد وتهذبه فكريا، نفسيا وجسديا لأن ثقافة الأيكيدو تقوم على مبدأ " قاتل من أجل ​السلام​ " فلاعب الأيكيدو ينهي القتال قبل أن يبدأ.

وختم الحجل حديثه بأن هناك مشاريع كبيرة ينوي إتحاد الأيكيدو القيام بها وهو في حال نجح بذلك سيكون الإتحاد حديث الشارع الرياضي في لبنان خاصة من ناحية التعاون مع إتحادات خارجية تستطيع تقديم الكثير لتطوير اللعبة في لبنان. كما أشاد بجميع أعضاء إتحاد الأيكيدو الذين يعملون بيد واحدة وكل واحد منهم يقوم بواجبه على أكمل وجه ما يعكس حبهم للعبة ورغبتهم كل من موقعه في تطويرها وترك بصمة خاصة في هذا المجال كما شكر الإعلام الرياضي على الدور الهام الذي يقوم به ومتابعة كافة نشاط الإتحاد.

الووشو

اللقاء كان مع رئيس الإتحاد اللبناني للوشو ​جورج نصير​ الذي اعترف بأن اللعبة لحد الآن غير معروفة كثيرا حيث أنها بدأت بالإنتشار منذ فترة ليست بالطويلة والأمر يعود إلى أن بعض الدول التي تعتبر مرجعا في الألعاب القتالية كانت تضيق كصيرا على هذه اللعبة لكنها شيئا فشيئا خرجت إلى العلن خاصة أنها رياضة قتالية يقوم أساسها على الدفاع عن النفس. اللعبة معترف بها دوليا وهناك خمسة وأربعون دولة تنتسب إلى ​الإتحاد الدولي​ للعبة وهي لعبة أولمبية بالطبع.

في لبنان، اللعبة تسير بنمط تصاعدي وفق نصير ففي البداية كان هناك أربعة أندية لكن الآن هناك حوالي ثمانية وعشرون ناديا خاصة أنه من الصعوبة بمكان ما أن يتم تأسيس نادي للووشو فهي لعبة معقدة من ناحية القوانين وشروط اللعب بجانب التكنيك المتنوع لها حيث ليس من السهل أن يحصل المدرب على شهادة تدريب إذ يحتاج لكثير من العمل لإتقان هذه اللعبة كي يعلمها للاعبين الصغار بوجود أكثر من نوع لهذه اللعبة وكل مدرب من المفترض أن يكون مختصا في نوع محدد كي يستطيع تطوير اللاعبين بشكل صحيح.

العائق الأساسي بوجه تطوير هذه اللعبة حاليا في لبنان هو هجرة اللاعبين حيث مثلا يعمل الإتحاد على لاعب أو لاعبة وبعد سنة او سنتين يأخذ اللاعب قرارا بالسفر لخارج لبنان للدراسة أو للعمل ما يعني بأن تعب الإتحاد قد ذهب سدى وفي نهاية كل موسم، تخسر لعبة الإيكيدو لاعبا أو اثنين بسبب هذا الأمر. كما يجب بالطبع زيادة عدد المدربين والإتحاد دائما ما ينظم دورات سنوية للمدربين بإشراف أهم محاضري اللعبة في العالم لأنه كلما كان الكادر التدريبي على مستوى عالي كلما كان العمل أفضل والتمرين يسير وفق الطرق الإحترافية.

ويقوم الإتحاد بحسب نصير بكل ما يقدر عليه من الناحية الإعلامية للإضاءة على الأحداث التي ينظمها ويتم العمل حاليا على تنظيم بطولة العالم للشباب في لبنان وفي حال حصل هذا الأمر، فهو سيكون دفعة معنوية وفنية هائلة للعبة وستنعكس إيجابيا على مسار تطورها. ولا يهتم الإتحاد كثيرا بعدد اللاعبين الذين يمارسون لعبة الإيكيدو بل بنوعية اللاعبين ومدى قدرتهم على التطور ودائم وجود 10 لاعبين مميزين أفضل من وجود 10000 لاعب بمستوى أقل من عادي.

لا شك بان الوضع المادي بحسب نصير هو عائق أيضا لكن الإتحاد يأخذ مساعدة من وزارة الشباب والرياضة وهي تساعد وفق إمكاناتها المتاحة لكن قلة الموارد المادية تقف بالطبع حائلا أمام تطوير الإتحاد لكن بشكل عام الإتحاد يحاول دائما أن يؤمن رعاة جدد للعبة.

ورأى نصير بأن التوجه نحو المدارس لنشر اللعبة هي خطوة غير مجدية فهي تحتاج لعمل يومي فالدورة لمدة 3 أيام لا تقدم ولا تؤخر بل الأمر يحتاج إلى عمل يومي وهذا غير ممكن في المدارس لأن الأولوية ليست للرياضة في النظام المدرسي اللبناني وبالتالي هناك طرق أخرى قد تكون أكثر نفعا من أجل اكتشاف المواهب الشابة الصغيرة والعمل عليها من أجل المستقبل.