في شباط الماضي، أعلن وزير الشباب والرياضة محمد فنيش منع لعبة ال MMA وعدم إقامة أي بطولات لها معللا القرار بأن اللعبة تشكل خطرا على صحة المتنافسين نظرا للصراع الوحشي الذي يدور داخل القفص وعدم وجود ضوابط سلامة عامة ما يكون له أثر على الرياضة والمجتمع ال​لبنان​ي. وبعد حوالي سنة من هذا المنع، أحبت صحيفة السبورت الإلكترونية معرفة واقع هذه اللعبة الحالي وهل ما زالت اللعب نشطة وتحت أي إطار يتم ممارستها وهل بالسر أم بالعلن؟

خليل نصور

البداية كانت مع رئيس الإتحاد السابق خليل نصور الذي قّدم استقالته من إتحاد اللعبة قبل ستة أشهر من صدور قرار المنع. يقول نصور بأنه كان يعلم بأن قرار المنع سيأتي ويعلل رحيله عن اللعبة بأن جو البلد جو أحزاب وطوائف وهو لا مصلحة له بالعمل في هكذا جو يخالف قناعاته ما جعله يخرج تماما من جو الرياضة ليس فقط ال MMA لأن الهدف كان جمع الشباب في جو رياضة سليم لكن الأمر على أرض الواقع لم يكن كذلك.

ورأى نصور بأن قرار المنع كان له أثر سلبي على المواهب الكبيرة التي كانت تحتويها اللعبة واتخذ بطريقة خاطئة بناء على معطيات خاطئة قدمت للوزير عبر صور دموية من ​أميركا​ وأوروبا والطبع من قدّم للوزير هذه الصور الخاطئة كان متضررا من هذه اللعبة ويبحث عن وسيلة لمنعها ليس إلا.

واعتبر نصور بأنه لا يفكر أبدا بالعودة إلى هذه اللعبة حتى لو صدر فيما بعد قرار بالسماح لها مجددا لأن الجو الرياضي في البلد غير سليم وقائم على مصالح الأشخاص وليس وفق المصلحة الرياضية العامة.

ورأى نصور بأن عائلة اللعبة ساهمت للواقع الذي وصلت إليه اللعبة حيث أنهم لم ينضموا للخطة الجامعة التي طرحها عند توليه منصبه حيث أنه في الوقت الصعب وعندما كان يجب أن تكون عائلة اللعبة موحدة خلف الإتحاد، كان لكل طرف مصالح خاصة والذي دفع الثمن في نهاية المطاف هم اللاعبين الذين فجأة وجدوا أنفسهم بلا اتحاد مسؤول عنهم ويمارسون لعبة تم حظرها.

وختم نصور حديثه بالقول أن اللعبة كانت أمام فرصة ذهبية للنهوض وأن تصبح إحدى أهم الرياضات في لبنان وفق البرنامج والخطة التي أحب أن يمش بها لكن للأسف السياسة كانت أكبر من اللعبة التي دفعت الثمن وحدها في نهاية المطاف ويمكن القول بالفم الملآن أنه لا مستقبل للرياضة اللبنانية طالما أن السياسة هي من تتحكم بها.

إيلي بيطار

الحديث كان بعدها مع المدرب إيلي بيطار والذي يدرب في لعبة الأم أم إيه والعديد من الألعاب القتالية كما أنه علّق تلفزيونيا على مباريات ​بطولة العالم​ التي أقيمت في ​البحرين​ بمشاركة 60 دولة كأول لبناني يقوم بذلك. بيطار اعتبر بأن منع تنظيم البطولات في لبنان للعبة أثر بشكل إيجابي على اللعبة حيث بدت أقوى فكل شيئ محجوب مرغوب.

اللاعب اللبناني أصبح يتجه أكثر للخارج حسب بيطار وهذا أظهر قدراته الحقيقية حيث أن الإحتكاك زاد والنتائج الخارجية أصبحت أفضل وأفضل. ورفض بيطار القول بأن لعبة الMMA هي لعبة عنيفة فهناك الكثير من الالعاب القتالية أخطر كال Kick Boxing و غيرها حيث هناك العديد من الدراسات التي تثبت بانه اللاعبين يعانون فيما بعد من ارتجاجات في الدماغ وأمراض كثيرة أما عن القول بأنه يوجد دم في هذه اللعبة فقال بيطار بأن هذه النقطة تعتبر في الخارج قوة إضافية لها ويتم جلب المزيد من الإعلانات والترويج وهذا الأمر هو فقط بسيط وجروح خارجية.

وأضاف بيطار، عامل السلامة هو الأساس في اللعبة حيث أنه يمنع في المنافسات التي يشارك فيها لاعبون تحت عمر ال16 سنة أن يستعملوا الضربات على الوجه والركب وهناك دائما تحديثات في القانون الدولي الذي يؤكد بأن عنصر السلامة هو الأساس في هذه اللعبة وهي تتفوق على الكثير من القوانين في الألعاب القتالية الأخرى.

واعتبر بيطار بأن القرار الذي أصدره الوزير ومع كامل الإحترام لشخصه الكريم لم يكن مدروسا بما فيه الكفاية ولو تم الرجوع للإحصاءات الدولية لكان القرار سيكون مغايرا وربما يتم منع العاب أخرى يصاب فيها اللاعب بكثير من الكسور والأمراض الدائمة الجسدية وأحيانا الذهنية نتيجة اللكمات على الرأس كما هناك ألعاب يوجد فيها عنف أيضا ليست فردية بل جماعية كالرغبي مثلا لكن للأسف كان هناك تصويب فقط على لعبة الMMA لغايات شخصية ربما.

وقال بيطار بأن المشكلة في لبنان بأن كل لعبة قتالية تريد أن تطغى على الالعاب الأخرى وهذه نظرة خاطئة وأساس عدم تطور تلك الألعاب فلا يجب لأي لعبة أن تحاول إلغاء لعبة أخرى فالأساس هو واحد والألعاب كلها تتفرع.

المشكلة هي مشكلة عقلية خاطئة للأسف وأصلا كمدرب يجب أن يعطي كافة الألعاب وكل لعبة يمكن أن تفيد الأخرى فنيا. يوجد في لبنان طاقات كبيرة وقادرة على الذهاب بعيدا لكن المشكلة هي في غياب الدعم اللازم وللأسف منع اللعبة قتل الكثير من طموحات اللاعبين كما دعا الأندية إلى ضرورة التوحد حول رؤية واحدة للعبة كي يتم النهوض بها مجددا في ظل الصعوبات والمشاكل الكبيرة التي تحيط بها حيث دفعت ثمن الخلافات بين الألعاب القتالية.

وأكد بيطار بأنه لو عرف كل شخص حقيقة اللعبة لغيّر نظرته إليها مؤكدا بأن السماح بعودة لعبة الMMA سيكون لها أثر إيجابي ليس على اللعبة فقط، بل على كافة الألعاب القتالية الأخرى وهذا سيكون من مصلحة الرياضة اللبنانية ومن مصلحة اللاعبين الموهوبين الذين يريدون بأن يمارسوا هذه الرياضة داخل بلدهم الأم.

وسام أبي نادر

هو رئيس إتحاد آسيا في الMMA وعضو المجلس التنفيذي في ​الإتحاد الدولي​ للعبة، الحديث عن وسام أبي نادر أحد أكثر الأشخاص فعالية في هذه اللعبة. يرى أبي نادر بأن قرار المنع كان بلا شك سلبي، بالطبع هناك وجهة نظر للوزير وهي محترمة تماما لكن هناك وجهة نظر أخرى تعكس الوجه الجميل للعبة لأنها على عكس ما تم تصويرها وإذا ما أراد الإنسان الحديث من باب الحقائق، فهي أقل خطورة بكثير من ألعاب قتالية أخرى كالمواي تاي و​الكيك بوكسينغ​ خاصة أنه مؤخرا تم تخفيف الكثير من الضربات على الرأس في اللعبة وهنا يجب الحديث عن تجربة شخصية حسب ما قال أبي نادر فهو سابقا كان في إتحاد الجودو مثل المنتخب الوطني في مناسبات كثيرة، ومعظم لاعبي المنتخب في الجودو أو كلهم عانوا من إصابات في الركبة وكسور، ألا يعني أن تلك اللعبة خطرة ؟ هذا أمر طبيعي في الألعاب القتالية لكن معيار السلامة في ال MMA تطور كثيرا.

وهنا يجب الغشارة إلى أن معظم الإصابات التي حصلت في اللعبة لم تكن بسبب اللعبة بحد نفسها لكن بسبب عدم وجود لجنة تنظم المسابقات بشكل احترافي وتضبط معايير السلامة وتجري الفحوصات اللازمة لكل لاعب قبل أن يخوض أي نزال. حاليا، معظم الدول الأوروبية اليوم تتجه لإعادة رفع الحظر عن اللعبة خاصة ​فرنسا​ وهو أي أبي نادر عبر الإتحاد الدولي كان له دور كبير في ذلك عبر شرح مفصل تم تقديمه للوزارات المعنية لشرح عدم خطورة اللعبة.

وأكد بأنه هناك اتجاه في المستقبل كي تدخل اللعبة ضمن الالعاب الأولمبية وهذا مطروح بقوة في أولمبياد لوس أنجيلوس 2028 وبالتالي يجب أن يتم إعادة النظر في قرار المنع لأن لبنان لديه فرصة كبيرة في المستقبل كي يحقق إنجازات عالمية تضاف اصلا إلى سلسلة الإنجازات التي تحققت عبر كثير من الأبطال في مختلف البطولات العالمية حيث وصل ترتيب لبنان إلى 9 من أصل 73 دولة قبل أن يتراجع مؤخرا ويصبح 14.

وأكد أبي نادر بأن هناك شكوى في مجلس شورى الدولة لأجل السماح مجددا بتنظيم البطولات في لبنان والبت في هذا القرار سيكون قريبا على أمل أن يكون القرار إيجابيا لمصلحة اللعبة والرياضة بشكل عام مؤكدا بأنه سبق وشرح لمعالي وزير الشباب والرياضة محمد فنيش الصورة الحقيقية للعبة لكنه لم يلق آذانا صاغية ربما لأنه هناك من أوصل له صورة خاطئة عن اللعبة من باب عدم مصلحتهم بأن تنهض هذه اللعبة ولكن بالنهاية أي قرار يصدر منه يجب احترامه.

وأخيرا، وجه أبي نادر رسالة إلى جميع العاملين في ​قطاع الرياضة​ مؤكدا بأن لعبة ال MMA ضرورة للرياضة وهي مثلها مثل غيرها من الألعاب القتالية، وهي تترك أثرا إيجابيا على الشباب وتبعدهم عن كل الموبقات من هنا يجب العمل سريعا على إعادة اللعبة للطريق الصحيح لأنها قادرة على تحقيق الكثير من البطولات والإنجازات للبنان.