إن كنت من متابعي كرة القدم وتفهم تفاصيلها جيدًا أو حتى لا تفقه بها شيئًا بالتأكيد تكون قد سمعت بمباراة ​الكلاسيكو​ التي تجمع فريقي ​ريال مدريد​ وبرشلونة خلال موسم كرة القدم. ولدينا على الأقل مبارتي كلاسيكو في الموسم.

مباريات الكلاسيكو هي الأشهر عالميًا في كرة القدم خلال الموسم ولربما ينافسها بذلك بعض مباريات ​دوري الأبطال الأوروبي​ حسب هوية المنافسين.

في مقال تحليلي نشرته مجلة forbes- التي تعد أكثر الأكثر شهرة في العالم وهي تُعنى في الدرجة الأولى بإحصاء الثروات ومراقبة نمو المؤسسات والشركات المالية حول العالم- في 21/12/2017 كشفت فيه أن نسب مشاهدة الكلاسيكو مضخّمة بشكل كبير جدًا.

وكشفت المجلة أن عدد مشاهدي مباراة كرة قدم في ​الدوري الإنكليزي​ مثلاً لا يتعدى 12 مليون حول العالم، ومع إقامة 10 جولات هذا يعني أن نسبة المشاهدة تصل الى 120 مليون في كل نهاية أسبوع وهذه هي الكتلة التي تشاهد الدوري الإنكليزي خلال الموسم. بالتأكيد هذا الرقم يرتفع في حال كان هناك مباراة مهمة لكنه بالمقابل ينخفض في المباريات غير المهمة وهذا يعدّل الأمور.

لكن ما يقوم به مروجي الدوري الإنكليزي هو ضرب ال120 مليون مشاهد بال38 جولة في الدوري ما يعطيهم عدد مشاهدين في الموسم 4.56 مليار إنسان! وهذا حسب المجلة هو تضليل كبير. كون هذه الحسابات تعتبر أن كل إنسان لديه إشتراك بالمحطة الرياضية التي تنقل مباراة الدوري هو تلقائيًا مشاهد للمباراة لكن هذا الأمر لا يحصل أبدًا.

بالعودة الى الكلاسيكو الأخير الذي اقيم في 23/12/2017 وإنتهى بفوز برشلونة بنتيجة 3-0 تناقلت الكثير من وسائل الإعلام أن عدد المشاهدين سيصل الى 650 مليون إنسان قبل إقامة المباراة. ووصل هذا الرقم حتى الى مليار إنسان!

حسب المجلة هذا الرقم يمكن ضحده بسهولة، فمثلاً في ​بريطانيا​ لن تتعدى نسبة المشاهدة 2 مليون وفي أسبانيا أكثر بقليلاً، وفي ​الولايات المتحدة​ أكثر بقليل من مليون مشاهد للغة الإنكليزية و2 مليون لباقي اللغات. هذه الأسواق يمكن التأكد من أرقامها بدقة ولديها نسبة سكان تصل الى 430 مليون إنسان مع نسبة مشاهدة تراكمية تصل الى 8 مليون أنسان أو 1.8% من الحصة العالمية. وفي حال قمنا بتوزيع هذا الحصة على الكرة الأرضية نصل الى 134 مليون مشاهد وحسب رأي الكاتب حتى هذا الرقم مبالغ به. يعتبر الكاتب ان الرقم المنطقي لعدد مشاهدي مباراة كلاسيكو التي تعتبر الأهم في كرة القدم في الموسم لا يتعدى ال100 مليون إنسان حول العالم.

وذكرت المجلة دراسة إعتبرتها ذات مصداقية كشفت أن معدّل مشاهدة مباراة ​الدوري الإيطالي​ تصل الى 4.5 مليون عالميًا ومعدل مباراة ​الدوري الألماني​ والإسباني تصل الى 2 مليون. سوف يجادل البعض هذه الأرقام ولكن بشكل عام فإنها تتماشى تاريخيًا مع رسوم حقوق التلفزيون في الخارج الناتجة عن هذه البطولات.

من جهة اخرى أشارت المجلة الى أن البعض سيشير الى أن نسبة المشاهدة ستكون ضخمة في الصين و​الهند​ التي تملكان عدد سكان هائل. لكن أشارت المجلة أن أعلة نسبة مشاهدة صينية لمباراة قدم كانت للفريق الصيني ​غوانزهو​ ايفيرغراندي في كأس أسيا في 2013 و 2015 ولم يتعدى عدد المشاهدين 25 مليون.

أما في الهند فيتم تشجيع الناس لمشاهدة الكلاسيكو من خلال إنشاء ساحات كبيرة مع شاشات عملاقة. وتساءلت المجلة في حال كان الكلاسيكو لديه نسبة مشاهدة عالية في الهند لماذا يحتاج الى هذه الدعاية المستميتة.

الآن، لنعد الى فكرتنا الأساسية من هذا المقال وهي المقارنة بين نسبة المشاهدة بين سباقات الفورمولا 1 واهم ​مباريات كرة القدم​ لنرى إن كان هناك من منافسة.

قام الموقع الرسمي للفورمولا 1 في 5/1/2018 بنشر نسب المشاهدة التلفزيونية لموسم 2017 الذي تألّف من 20 سباق. وكشف الموقع أن المشاهدة التراكمية (المباشرة وغير المباشرة) وصل الى 603 مليون إنسان.

بالإضافة الى ذلك هناك أيضًا 352.3 مليون مشاهد "فريد" للفورمولا 1.

هذا الأرقم تناولتها مجلة فوربز أيضًا في مقال تحليلي طويل في 6/1/2018 وشرحت فيه كيف أن الفورمولا 1 تخسر نسب مشاهديها سنة بعد الأخرى بسبب إنتقالها الى النقل التلفويوني المدفوع. وكيف أن عدد المشاهدين "الفريد" كان يصل في موسم 2008 الى 600 مليون إنسان!

من جهتي تواصلت مع كاتب المقال في مجلة فوربز وشرح لي أن تعريف المشاهد "الفريد" هو  "كل أنسان شاهد سباق فورمولا 1 في الموسم أو شاهد جميع سباقات الموسم فهو يتم حسبانه مرة واحدة في أعداد المشاهدة" وحتى لو شاهد دقيقة واحدة أو طول مدة السباقات وانه كان هناك 352.3 مليون مشاهد فريد للسباقات في موسم 2017. ولذلك من المستحيل معرفة العدد الفعلي للمشاهدين لكل سباق على حدة.

مما هو واضح أنه في حال إستمرت الفورمولا 1 على هذا المنوال فهي ستخسر مشاهديها بالتأكيد. أي في حال إستمرت حال عدم المنافسة في السباقات والرسوم العالية لمشاهدة هذه السباقات فسنصل في النهاية الى أعداد قليلة من المشاهدين الميسورين فقط.

بالمقابل يعمل مالك الفورمولا 1 الجديد شركة ​ليبرتي ميديا​ الأميركية التي أستلمت زمام الامور في الموسم الماضي على تحسين هذه الشروط ورفع نسب المشاهدة وهي سوف تطلق ​نقل تلفزيوني​ جديد خاص بالإنترنت يعطي المشاهد خصائص كثيرة جديدة وبسعر زهيد في محاولة منها لجذب جمهور الفورمولا 1 مجددًا.