على بُعد نحو أربعة أشهر من انطلاق نهائيات كأس العالم 2018 في ​روسيا​، تأتي الدعوات للاستعانة بحكم الفيديو للمرة الأولى في ​المونديال​ بمثابة وضع الحدث الأهم في الكرة الأرضية على "خط تماس" يفصل بين النجاح والفشل، في الوقت الذي لم يصل فيه ​الاتحاد الدولي لكرة القدم​ بعد إلى رؤية كاملة عن إدخال التكنولوجيا في اللعبة الشعبية الأولى في العالم على الرغم من مئات الإختبارات في هذا الصدد.

يمكن اعتبار التأييد الذي أظهره رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم ​جياني إنفانتينو​ لهذا الأمر واحداً من الأهم الأصوات المنادية بتحويل كرة القدم إلى ما يشبه نظام إلكتروني تتحكم فيه الشاشات وأجهزة الكومبيوتر في الوقت الذي لا يمكن نسيان أن نجاح اللعبة وانتشارها على مدى العقود الماضية يكمن في سهولتها وقدرة الجميع على ممارستها.

صحيح ان الكثير من المباريات شهدت أخطاء فادحة في السنوات الماضية ولم تسلم حتى نهائيات كأس العالم من "شرها"، لكن في المقابل فإن من المستحيل أن تقنع تلك الجماهير المتعطشة لمشاهدة المونديال أو تلك التي قطعت آلاف الأميال لحضوره على أرض الواقع، بتوقف مستمر للعبة من أجل الرجوع إلى الفيديو مع كل ما يترتب على ذلك من قتلٍ للمتعة والإثارة التي تتمتع بها مواجهات كأس العالم.

وفي الوقت الذي يتم فيه تسويق نظام التكنولوجيا حول العالم، نجد ان أخطاء الحكام في تزايد مستمر في بعض ​الدوريات الأوروبية​ وليس آخرها ما شهدته مباراة توتنهام وليفربول ضمن منافسات الدوري الإنكليزي لكرة القدم.

وإذا كان بإمكان حكم الفيديو ان يضبط تسللاً أو يؤكد صحة هدف من عدمه، إلا ان المسؤولية تبقى كبيرة على الحكم "البشري" في اتخاذ القرار باحتساب ركلات الجزاء من عدمها أو طرد لاعب من أو هناك، مما يعني انه أريد للتكنولوجيا أن تكون عاملاً مساعداً، فلماذا إذاً لا يتخذ قرار برفع عدد الحكام المتواجدين على أرض الملعب على غرار التجربة في ​البطولات الأوروبية​.

لعل ما يميز نهائيات كأس العالم عن غيرها من البطولات العالمية، هو انها قادرة على إثارة الجدل حتى بعد انتهائها بسنوات، وإلا لماذا يستمر الحديث عن نهائي مونديال 1966 بين ​ألمانيا​ و​انكلترا​ حتى الآن، أو ربع نهائي مونديال 1986 بين ​الأرجنتين​ وانكلترا لولا تلك الحالات الجدلية المثيرة؟

صحيح ان القرارات الصحيحة في عالم كرة القدم تعطي كل ذي حق حقه، لكن ليس المطلوب تحويل اللعبة إلى ما يشبه الآلة، وإلا فقدت قيمتها الحقيقية خاصة اذا بدأنا بسحب صلاحيات من "قضاة الملاعب"، فهل يمكن ان نتخيل مثلاً قاضٍ في محكمة يستعين بالكومبيوتر لإصدار حكم بقضية ما؟