تحاول الرياضة النسائية في لبنان السير نحو الأمام في ظل اهتمام أكبر من الإعلام وحضور جماهيري يزداد يوما بعد يوم في ظل المنافسة والمستوى الجيد في اللعبتين الشعبيتين أي كرة القدم وكرة السلة دون نسيان تحقيق العديد من الرياضيات لنتائج جيدة في الألعاب الفردية.

وعادة ما يتم دائما طرح السؤال عن مدى الصعوبات التي تواجهها السيدات في ​ممارسة الرياضة​ أقله من ناحية المساواة مع الرجال وفي الوصول إلى مناصب فنية وإدارية رفيعة المستوى.

في هذا التحقيق، سنحاول تسليط الضوء أكثر على تجارب نسائية رائدة خاصة على صعيد لعبة كرة القدم والتي تشهد الكرة النسائية نهضة حقيقية في السنوات القليلة الماضية مع منافسة محتدمة في الدوري وظهور فرق دفعت الكثير من الأموال والتعاقد مع لاعبات أجنبيات من مستوى عالي وهو أمر كان لافتا للغاية، ما جعل الدوري النسائي يصعد للضوء أكثر وأكثر بجانب دوريات الفئات العمرية والتي بدأت تظهر أهميتها في ظل جيل نسائي ناشئ يبشر بالكثير.

عادة ما نرى رؤساء الأندية الرياضية في لبنان من الرجال لكن نادي ​ستارز أكاديمي​ الناشط في دوري السيدات وحامل اللقب في السنين الثلاث الماضية تترأسه سيدة شابة وطموحة، الحديث هنا عن سارية الصايغ والتي تحدثت لصحيفة السبورت الإلكترونية عن تجربتها على رأس النادي ورؤيتها ل​كرة القدم النسائية​.

ترى الصايغ بأن وجودها على رأس الهيئة الإدارية لنادي ستارز أكاديمي هو أمر عادي فالمرأة في الحياة لا تقل شأنا عن الرجل ويمكنها استلام أي منصب رفيع كما أن كرة القدم في حياتها أمر اعتيادي فهي من أول ما وعت ترافق والدها إلى ملاعب كرة القدم ووالدها لعب مع أكثر من فريق محلي كالراسينغ ولديه في رصيده أكثر من 35 ​مباراة دولية​ ما جعلها تتعلق باللعبة وبالتالي يمكن القول بأن كرة القدم موجودة في دمها منذ الصغر.

ترى الصايغ بأن فوز نادي ستارز أكاديمي لثلاث سنوات متتالية بلقب دوري السيدات هو نتيجة المتابعة الدائمة للفريق ورغبتها في إكمال مسيرة الوالد بنادي قوي له إسمه على صعيد الكرة النسائية وهي سخرت كل خبرتها مع المنتخب الوطني والفرق الكثيرة التي لعبت لها لمدة أكثر من 15 عام.

الأهم في ثقافة النادي هو تقبل الخسارة قبل الفوز وبالتالي هذا كان مفتاح الفوز ببطولة لبنان لثلاثة سنوات متتالية وهذا يعود أولا للاعبات الذين بذلوا الغالي والرخيص لهذا النادي حيث هناك أكثر من عشر لاعبات تلعبن مع المنتخب الوطني دون نسيان عمل الجهاز الفني للفريق ما جعل الجميع يعمل كيد واحدة من اجل هدف محقق.

مستوى الكرة اللبنانية على الصعيد النسائي جيد للغاية وهو يسير في مسار تصاعدي وذلك من خلال الإهتمام الإتحادي المتزايد باللعبة حيث أنه لا يقصر أبدا وفق الإمكانات المتاحة والظروف الصعبة التي تمر بها اللعبة والبلدي بشكل عام لكنها تحتاج إلى عمل كبير من الناحية الإعلامية فالنادي مثلا حقق الكثير من الإنجازات خلال 3 سنوات وهناك الكثيرون لا يعلمون شيئا حيال ذلك وهناك ايضا بقية الفرق التي لا يتم الإضاءة عليها فالكثير لا يعلمون حتى وجود دوري نسائي ودوري فئات عمرية.

وأبدت الصايغ عدم رضاها عن وجود لاعبات أجانب في بطولة لبنان رغم أن نادي ستارز أكاديمي يتعاقد مع لاعبات أجانب فاللاعبات الأجانب يأخذن مكان اللاعبات اللبنانيات فمن غير المنطقي ان تكون اللاعبة اللبنانية تتمرن ومن ثم تجد نفسها خارج قائمة ال18 وتأخذ مكانها لاعبة أجنبية وهذا يؤثر كثيرا على مستواها كما أن هناك نقطة هامة في موضوع الأجانب وهو عدم اختيار لاعبة تقوم بمهام الفريق كله وهذا ما نراه في فرق أخرى أما في ستارز أكاديمي فيتم اختيار اللاعبة الأجنبية كي تخدم الفريق جماعيا وليس لأن تبرز فرديا لأن كل اللاعبات في الفريق مهمين ولا يجب التركيز على لاعبة واحدة فقط أو اثنتين.

وتمنت الصايغ في ختام حديثها زيادة التغطية الإعلامية للبطولة وهذا سيشجع فرق أخرى على الإنضمام لأسرة كرة القدم النسائية وسيحسن أكثر من مستوى البطولة لأنه كلما زادت الفرق كلما كان هناك لاعبات أكثر وبالتالي قاعدة اللعبة ستتسع وسيتمكنّ الفتيات من أخذ فرص لإثبات أنفسهن أكثر وأكثر.

ينافس نادي ستارز أكاديمي نادي الذوق والذي حقق لقب الكأس الموسم الماضي وهو هذا الموسم قريب من تحقيق لقب بطولة لبنان ويعتبر حاليا المنافس الأشرس لستارز أكاديمي في كل البطولات وذلك عبر استقدام لاعبات أجانب من مستوى عالي وضمه لعدد من اللاعبات المحليات المميزات.

التوجه بعد الشق الإداري كان نحو الشق الفني أي اللاعبات وإحداهن هي أسيل الطفيلي، والتي تعتبر أيضا أحد الوجوه النسائية الفاعلة في لعبة كرة القدم فالتقتها صحيفة السبورت الإلكترونية وتحدثت معها عن تجربتها ورؤيتها للواقع الكروي النسائي حاليا.

أسيل والبالغة من العمر 21 سنة، والحائزة على ليسانس تربية بدنية من الجامعة اللبنانية وهي تحضر حاليا لشهادة الماسترز. عائلة أسيل ساعدتها كثيرا من أجل الذهاب لكرة القدم فمعظم أفراد العائلة يلعبون كرة القدم كهواية ووجود مساحات بجانب المنزل جعلها تلعب رفقة أخيها كل يوم بعد الظهر كرة القدم وهو ما علّقها أكثر باللعبة.

كرة القدم النسائية بحسب الطفيلي تطور كثيرا مقارنة بالبداية حيث شهد الكثير من التغييرات التي كانت نحو الأفضل بالطبع لكن ما زال لم يأخذ حقه مثل باقي الرياضات النسائية.

أهم سبب لتطور كرة القدم النسائية كان التغطية الإعلامية الجيدة من بعض وسائل الإعلام للعبة ما زاد من عدد البنات اللواتي يردن ممارسة اللعبة وفق الأصول مع نوادي واكاديميات ليبدأ الحاجز الإجتماعي الذي كان موجودا بالإنكسار شيئا فشيئا وهذا كان أمرا إيجابيا للغاية كما أن الدورات التدريبية التي يقيمها ​الإتحاد اللبناني لكرة القدم​ للمدربين وصقلهم كما يجب كان عاملا هاما في زيادة ثقافة المدربين الفنية والإدارية على حد سواء لبناء جيل جديد من اللاعبات وفق الأس الصحيحة والسليمة.

دوري السيدات هذه السنة يشهد منافسة قوية مثل الموسم الماضي حيث لم يعد هناك نادي واحد يحتكر كل الألقاب مثلما كان الوضع مثلا أيام ​نادي الصداقة​ وهذه المنافسة تنعكس بشكل خاص على المنتخب الوطني لأنه كل ما زاد مستوى الدوري كلما كان مستوى المنتخب أفضل. المنتخب الحالي النسوي يملك الكثير من العناصر المميزة والتي هي قادرة على القيام بإنجازات كبيرة على الصعيدين العربي والدولي في حال تم تأمين الإمكانات اللازمة لذلك. وأضافت الطفيلي، بأن الإتحاد يحاول تشكيل لجان خاصة للسيدات لكن العمل ما زال ليس كما يجب وهذه اللجان في حال كانت فعالة سيكون لها أثر إيجابي أيضا في تطوير اللعبة.

لكن هناك العديد من النقاط التي ما زال يجب العمل عليها من أجل المزيد من التطور وأهمها النقل التلفزيوني لبعض مباريات الدوري والذي بلا شك يمكن أن يجذب الكثير من الرعاة ما يساعد على اسمترارية الفرق كما يجب على الإتحاد القيام بالمزيد من العمل رغم كل الجهود التي يبذلها حاليا ويشكر عليها لعل أهمها إعادة النظر بتوقيت بعض مباريات الدوري فاللعب عند الساعة 11 أو 12 ظهرا هو وقت مبكر كما يجب إقامة المزيد من الدورات التدريبية بجانب معسكرات للاعبات لزيادة مستوى الثقافة الكروية لديهن والأهم هو إقامة أنشطة إجتماعية رياضية بالتعاون مع المدارس ووزارة الشباب والرياضة من أجل الوصول للمناطق البعيدة التي يغيب عنها أي نشاط نسوي رياضي.

يعتبر الحكام عنصرا أساسيا لتقدم أي لعبة والحديث كان مع أحد أهم الوجوه التحكيمية النسائية في لبنان ​هدى العوضي​ التي تقوم الآن بدور مقيم للحكام في مباريات دوري السيدات بجانب إشرافها على تدريب عدد من الحكمات الشابات. الكرة النسائية في لبنان بحسب العوضي تتقدم شيئا وشيئا وهذا عكسه إحراز لبنان لكأس العرب منذ سنتين ودوري السيدات أصبح ذو مستوى فني جيد وساعده على ذلك وجود العديد من اللاعبات الأجانب الجيدين في الدوري وهذا يعود إلى أن بعض الأندية أصبحت تضخ أموالا أكثر على الفرق لكن ما زالت التغطية الإعلامية تنقص هذا الدوري حيث يجب أن يكون هناك زاوية مخصصة لدوري السيدات في البرامج التلفزيونية الرياضية.

العوضي وضمن خطة عمل طويلة الأمد، تقوم بالإشراف على عدد من الحكمات الشابات وتقوم بتدريبهن وتحضيرهن ثم إعطائهن فرصا في المباريات الودية قبل أن يتم دفعهم لقيادة مباريات دوري السيدات والفئات العمرية لهن وهذا ما حصل مع بعض الحكمات اللواتي يقدن الكثير من مباريات الدوري النسوي هذا الموسم وبنجاح لافت ودون أية أخطاء تحكيمية تذكر وما يساعد خطة العوضي التحكيمية تلك هو أن لبنان بلد فيه الكثير من المواهب. الهدف من تلك الخطوة هو إيجاد دوري سيدات يقوم بقيادته طاقم نسائي كامل وهذا الهدف ليس ببعيد ونأمل أن يتحقق بدءا من الموسم المقبل بجانب الطموح لأن تصبح تلك الحكمات دوليات وتدخل فيما بعد ضمن حكمات نخبة آسيا وهذا سيكون أمرا مميزا للغاية إن حصل.

إذا ينتظر الكرة النسائية في لبنان على مختلف أصعدتها مستقبل مشرق شرط رعايتها والإهتمام بها أكثر والأهم عو الدعم الإعلامي بشكل أكبر لها ما يساعد في انتشارها واستمرارها خاصة في الزمن الذي نعيشه حيث أن الإعلام هو العنصر الأول لنجاح أي رياضة على أمل أن يحصل هذا قريبا.