الرماية هي رياضة تعنى بالتصويب إلى هدف وتشمل سبع أنواع مختلفة وهي: البندقية، رماية الأطباق، اسكيت،اسفل الخط،المسدس الحر، والرماية سريعة الطلقات، ويتم فيها جميعاً استخدام أسلحة وذخائر مختلفة وهي بالطبع لعبة أولمبية معترف بها. في لبنان، تعتبر لعبة الرماية أحد أهم الألعاب الفردية والتي تحقق العديد من النتائج الجيدة على المستوى الخارجي.

سنحاول في هذا التقرير الإضاءة على لعبة الرماية بالمسدس والحديث عن واقع هذه اللعبة ومستوى الرماة فيها بجانب البحث عن الطرق لتطوير هذه اللعبة وزيادة انتشارها بين الشباب اللبناني.

لا نستطيع ذكر لعبة رماية المسدس من دون المرور على إسم رجل قدم وما زال الكثير لهذه اللعبة. الحديث هنا عن مدرب المنتخب الوطني وفريق الجيش اللبناني ​لويس رعيدي​ الذي تحدثت معه صحيفة السبورت الإلكترونية. رعيدي بدأ حديثه بأن لعبة رماية المسدس لها أوجه كثيرة وهي متشعبة إن صح التعبير فهناك مسدس 9 مم الموجود بشكل عام بأيدي كثير من اللبنانيين لذلك كان الهدف إنشاء بطولة لهذا العيار وهذا ما حصل بالفعل فهناك بطولة لبنان في هذه الفئات: 9 مم رماية حرة 25 متر، 15 متر بيد واحدة و15 متر رماية حرة إضافة لعيار 32 مم والذي هو معيار أولمبي ويبلغ عدد البطولات المحلية التيت تنظم سنويا حوالي 25 بطولة إضافة لمباريات خاصة لضباط الجيش اللبناني الذي يمثل لبنان خارجيا في البطولات العسكرية وهناك ​منتخب لبنان​ي جاهز يشارك في المباريات الخارجية.

الرحلة الفعلية لتطوير لعبة رماية المسدس حسب رعيدي بدأت منذ عام 1995 حيث كان بطل لبنان يحقق اللقب بمعدل 525 نقطة أما الآن فالبطل يحقق اللقب بمعدل 575 ما يعني بأن المستوى العام تطور بشكل ملحوظ ف50 نقطة في الرماية أمر غير سهل إطلاقا. هناك حاليا في لبنان ستة أندية هي: الجيش اللبناني، النسر، السواط، الماغنوم ​فاريا​، سيلوبيلو وغانز الكسليك.

يوجد إقبال جيد من المواطنين كما قال رعيدي على أندية الرماية وعلى لعبة المسدس تحديدا، والأساس في النوادي الآن هو تعليم المواطنين كيفية الإستعمال الآمن للسلاح فكيفية حماية الرامي لنفسه ولمن يحيط به أمر ضروري للغاية فاللعبة هذه تحتاج لهدوء ولمعرفة التكنيك الصحيح لها.

واعترف رعيدي بصعوبة تأمين المسدس الأولمبي في لبنان حيث يوجد عدد محدود من المسدسات وقديمة نوعا ما ويجب أن يتم تجديد المسدسات عادة كل فترة لكن للأسف يوجد حظر على لبنان لاستيراد هكذا سلاح لكن بتوجيه من العماد قائد الجيش جوزيف عون، سيؤمن الجيش اللبناني في الفترة القليلة المقبلة مسدسات أولمبية وبالتنسيق مع رئيس المركز العالي للرياضة العسكرية جورج الهد الذي يقوم بتسهيل الكثير من الأمور ومنها وضع المركز العالي للرياضة العسكرية بتصرف منتخب لبنان لإقامة التمارين عليه وهو مشكور على ذلك.

سيشارك لبنان عام 2018 في عدة بطولات دولية أهمها البطولة العسكرية والتي سيمثله فيها الجيش اللبناني كما أن روزنامة الإتحاد لعام 2018 فيها الكثير من الأحداث والبطولات الرياضية وهنا قال رعيدي بأن الإتحاد اللبناني للرماية برئاسة بيار جلخ لا يقصر أبدا ويضع كل الإمكانات المتاحة تحت التصرف.

وأضاف رعيدي بأن مستوى التدريب في لبنان مميز للغاية ويتم وفق الأصول الدولية كما أنه يوجد تنسيق دائم مع الإتحاد العالمي للرماية من أجل الإطلاع على أي جديد في هذه اللعبة سواء من تعديل في قوانين التحكيم والبطولات وإلى ما هنالك.

وأكد رعيدي بأن إدخال فئة 9 ملم إلى البطولات اللبنانية جعلها أقوى وهي تتقدم شيئا فشيئا مع معايير سلامة عالية وهذا هو الأهم ومعدل الإصابات من جراء هذه الرياضة هو أمر لا يذكر كما دعا إلى تجديد المعدات الموجودة في لبنان وهناك حاجة لاستقدام معدات جدد من أجل متابعة التطور واللحاق بالمستوى العالمي في هذه اللعبة مراهنا على أنه في السنوات القليلة المقبلة سيكون هناك رماة في لعبة المسدس قادرين على الذهاب بعيدا في هذه الرياضة ورفع اسم لبنان عاليا.

يعتبر الرامي إيلي حداد أحد أبرز رماة لعبة المسدس في تاريخ اللعبة حيث أحرز بطولة لبنان لعدة مرات كما كان عضوا في الإتحاد اللبناني للرماية لمدة ولايتين. إلتقينا حداد وسألناه في البداية عن السبب الذي دفعه للمارسة هذه اللعبة فأشار إلى أنه كان في البداية بعيدا عن لعبة الرماية والمسدس وإلى ما هنالك لكن بالصدفة مر على أحد نوادي الرماية في الحدت حيث أحب تجربة هذا الأمر وتم اللقاء بالصدفة أيضا مع المدرب لويس رعيدي الذي علّمه على أصول اللعبة بداية وفي المرة الثانية أشاد رعيدي بالتقدم السريع والملحوظ في الأداء حيث كان حداد يستمع للتعليمات وينفذها حرفيا لحين أن تم تنظيم بطولة لبنان بعد حوالي الثلاثة أشهر فدعاه المدرب رعيدي للمشاركة كهاوي وبالفعل حقق نتائج مميزة حيث حل رابعا وكانت عندها انطلاقته الحقيقة في اللعبة.

توقف حداد منذ أربع سنوات عن الرماية كلاعب محترف بعد مسيرة استمرت لحوالي السبع سنوات سيطر فيها على البطولات المحلية بفئة المسدس محققا نتائج لافتة وهو كان بنفس الوقت مسؤولا عن هذه اللعبة في الإتحاد اللبناني للرماية. وعزا حداد توقفه للانشغال بأمور العمل والعائلة كما أن النادي الذي يمارس فيه اللعبة كان قريبا من بيته لكن تم بيعه وبالتالي الظروف كلها لم تكن مساعدة بعد ذلك لكنه بقي يمارسها من باب الهواية وهو علّم أولاده وزوجته أصول هذه اللعبة لأنها تساعد على التركيز وتهدئ الأعصاب خاصة في بلد مثل لبنان حيث يوجد في كل بيت قطع سلاح وبالتالي يجب تعلم كيفية عدم تشكيله خطر على الفرد وكيفية الإستعمال الآمن له وذلك حتى للولد الذي يبلغ عمره خمس سنوات لأنه حدثت كثيرا قصص مؤلمة عن الاستعمال الخاطئ للسلاح. وهذه كانت رسالة حداد منذ دخل الإتحاد نشر التوعية ودعوة من لديهم قطع سلاح للمجيئ إلى النوادي من أجل تعلم أصول استخدام السلاح والحماية منه.

واعترف حداد بأن لعبة الرماية هي لعبة مكلفة وليس باستطاعة الجميع ممارستها، فالساعة تكلف حوالي 50-60 $ فالشباب ربما لا يكون بمقدورهم دفع هكذا مبلغ من اجل هواية وبالتالي يجب إيجاد البديل لهم وهو موجود. اليوم الإتجاه هو للخرد الصغير وهي غير مكلفة أبدا فيمكن استيراد المسدسات الخاصة بها مع كامل عدتها وبالتالي يمكن عندها تخفيف الكلفة كثيرا على أي شخص يرغب ببمارسة هذه الرياضة ويقف العنصر المادي عائقا أمامه خاصة أن اليوم شيئا فشيئا الخردق يحل مكان الخرطوش إذ هناك توجه أولمبي للتخلص من رماية الخرطوش شيئا فشيئا.

كما أن فرص حصد ​ميداليات​ بمسدس الخردق ستكون جيدة خاصة أن لبنان في كل ​لعبة فردية​ يمتلك مواهب تستطيع الذهاب بعيدا وبمبلغ قليل من المال مع راعي صغير يمكن دعم تلك المواهب وربما قد يكون هذا أفضل من صرف أموال طائلة على الرياضات الجماعية دون أي فائدة.

وأشاد حداد بمستوى المدربين اللبنانيين في لعبة الرماية قائلا بأن التدريب يتم وفق معايير عالمية بإشراف المدرب لويس رعيدي وكلما أتى ​مدرب أجنبي​ في زيارة إلى لبنان يشيد بطريقة رعيدي التدريبية وهذا يعطي فرصة كبيرة للرماة اللبنانيين بتعلم أصول اللعبة على يد مدرب مميز أي رعيدي وبأحدث الطرق وبدون أي عناء أو تكلفة مادية كبيرة. رعيدي هو الجندي المجهول في هذه اللعبة وهي قامت على أكتافه وبكل صراحة لولا هذا الرجل، لكانت رماية المسدس بواقع مزري فهو منذ 20 سنة عمل على تطويرها ونشرها وصقل لاعبيها داعيا الأسرة الرياضية لتكريمه لأنه يستحق ذلك والسعي إلى التمسك به لأنه بالفعل قيمة كبيرة ليس للعبة الرماية فحسب بل للرياضة اللبنانية بشكل عام.

ولا يبدي حداد أي رغبة في الترشح مجددا للإتحاد اللبناني للرماية بعدما فعل ذلك في ولايتين سابقتين مشيرا إلى أن الإتحاد اليوم يسوده جو من التوافق والأعضاء هم أصحاب نوادي وبالتالي بما أن العمل يسير بشكل جيد فلا داعي للمزايدات أو لكسر جو العمل الإيجابي. وأشاد بعمل إتحاد الرماية الحالي حيث يحاول القيام بالكثير من الأمور الجديدة في لعبة الرماية، وهناك أعضاء كثر يمولون ميزانية الإتحاد من جيبهم الخاص في ظل الإهمال الرسمي وصعوبة الحصول على مساعدات كافية من الدولة. الأشقاء العرب ساعدوا لبنان كثيرا في هذا المجال وقدموا الكثير من الهبات والمسدسات المميزة للعبة الرماية لكن أحيانا الدولة ترفض إدخال الأسلحة لحجج كثيرة.

هناك مواهب صغيرة يراها حداد عندما يتابع البطولات يجب الإهتمام بها وبميزانية بسيطة يمكن إيصالها للعالمية وتحقيق نتائج مميزة عربيا، أسيويا وعالميا. هناك مثل حي أمامنا هي الرامية راي باسيل والتي أثبتت بأن لعبة الرماية اللبنانية قادرة على الذهاب بعيدا وفي أهم المحافل الدولية وهذا يجب أن يكون حافزا للمسؤولين الرياضيين بأنه يمكن الوصول بعيدا إن تم دعم الرامي كما يجب. الهدف طبعا ليس إهمال الرياضة الجماعية بالمطلق، لكن اللعبة الفردية لا يجب أن تدفع ثمن الإهمال أيضا.

في الختام، يبقى أن نقول بأن لعبة رماية المسدس في لبنان تستطيع إن تم الإهتمام بشكل جيد قادرة على تحقيق نتائج خارجية جيدة للبنان نظرا لوجود العديد من الأشخاص القادرين على رفع اسم لبنان عاليا إن تم دعمها بالوسائل المتاحة معنويا، لوجيستيا وماديا.