لم يكتب للحلم السوري بالوصول إلى كأس العالم روسيا 2018 أن ينجح وذلك بعدما دمرته رأسية تيم كاهيل في الوقت الإضافي من مواجهة الإياب.

ولم يكن أكثر المتفائلين في سوريا، ذلك البلد الذي يعاني من حرب ضروس يتوقع وصول منتخب بلاده للحظة التي ينافس فيها على بطاقة مؤهلة لكأس العالم في ظل الظروف العصيبة للبلاد لكن المنتخب السوري أثبت أن لا شيئ مستحيل مع الإرادة والعزيمة فوصل إلى الملحق الأسيوي وخاض مواجهتين فاصلتين أمام أستراليا ليخسر أمام منتخب الكانغارو الأسترالي بصعوبة بالغة.

وفي ماليزيا، الأرض التي اعتمدها المنتخب السوري أرضا له بديلا عن سوريا لأسباب أمنية، دخل السوريون مواجهة الذهاب بحذر شديد فالتزموا بتعليمات مدربهم أيمن الحكيم بإغلاق المناطق الخلفية ما دفعهم للتراجع للخلف قليلا وهو ما سمح للمنتخب الأسترالي بالسيطرة على الشوط الأول بشكل كلي بعد حسم معركة وسط الملعب مع محاولات عبر طرفي الملعب وإرسال كرات طولية في عمق الدفاع مقابل اعتماد المنتخب السوري على الهجمات المعاكسة مع الثنائية عمر خريبين وعمر السومة لكن المنتخب الأسترالي ترجم افضليته بتسجيله هدف التقدم لينهي الشوط الأول 1-0. بداية الشوط الثاني كانت كما الأولى لصالح الأستراليين لكن المنتخب السوري تحرك أكثر بعد مرور ساعة من اللقاء ودفع بخطوطه للأمام مقابل انهيار معدل اللياقة البدنية للفريق الأسترالي لتميل الكفة لسوريا التي لعبت بشكل هجومي جيد وحاول الفريق حصار المنتخب الأسترالي مع تحرك جيد في وسط الملعب وعرضيات من كلا الجهتين لعمر السومة وبعد سلسلة من الفرص الخطرة إضافة لدخول فراس الخطيب الذي نشط في الجهة اليسرى نجح السومة في تسجيل هدف التعادل عبر ركلة جزاء في الدقيقة 85 ليضغط بعدها المنتخب السوري من أجل تسجيل هدف الفوز لكن الحظ لم يحالفه.
هذا التعادل جعل المنتخب السوري يدخل مباراة الإياب وهو يحتاج للفوز على أستراليا في أرضها أو التعادل بأكثر من هدف للتأهل وكانت انطلاقة المباراة مثالية للسوريين الذين سجلوا من هجمة سريعة هدف التقدم في الدقيقة 7 عبر عمر السومة نفسه. هذا التقدم المبكر والبداية الممتازة جعلت السوريين يتحمسون أكثر من اللازم فاندفعوا للأمام ليتلقوا في الدقيقة 13 هدفا من أستراليا كان يمكن تجنبه بمزيد من الإنضباط الدفاعي. بعدها، عاد المنتخب السوري لإغلاق مناطقه وتحمل الضغط الهجومي الأسترالي وسط تألق حارسه ابراهيم عالمة.

التعادل الإيجابي كان يودي بالمباراة لأشواط إضافية وهذا ما دفع المنتخب الأسترالي في الشوط الثاني إلى الهجوم بضراوة أن عبر طرفي الملعب أو اعتما خيار التسديد من خارج منطقة الجزاء فيما تكتل السوريون في الخلف واعتمدوا على انطلاقات عمر السومة في الأمام بهجمات مرتدة سريعة ومن ثم دخول فراس الخطيب في منتصف الشوط الثاني.

هجمات السوريين المرتدة افتقدت للكثافة العددية ما جعل المباراة تذهب لأشواط إضافية لكن تعرض اللاعب محمود المواس للطرد في الدقيقة 94 ما أجبر المنتخب السوري على اللعب بعشرة لاعبين طوال الوقت الإضافي ليترنح لدفاع السوري أمام كرات أستراليا العرضية عندما سجل تيم كاهيل هدفا ثانيا في الدقيقة 107.

هنا أصبح المنتخب السوري يحتاج لهدف ثاني يؤهله وبالفعل تقدم السوريين وضغطوا في الدقائق العشر الأخيرة رغم النقص العددي وسط تراجع أسترالي للخلف لكن الحظ عاند السوريين إذ أصاب السومة الكرة في القائم عند الدقيقة 121 والتي كانت كافية من أجل التأهل لكن المباراة انتهت بفوز أسترالي وخروج سوري.
مسيرة سوريا في التصفيات المونديالية بظل الظروف القاسية واللعب خارج الديار وبعيدا عن الجمهور كان بمثابة درس لجميع المنتخبات العربية بأن الوضع الأمني ليس حجة من أجل تحقيق نتائج مميزة في أصعب المباريات، كما أثبت المدرب الوطني أيمن الحكيم أنه الرجل المناسب في المكان المناسب دون نسيان وجود جيل سوري مميز يحترف كثير منه في الخارج مع أفضل الأندية العربية والحق يقال بأن المنتخب السوري ولو أتيحت له مقومات كافية وظروف مثالية لكان وصل للكأس العالمية غير أنه دائما ما تبقى تفاصيل صغيرة وغير متوقعة تحصل في الأمتار الأخيرة تعيق منتخباتنا العربية في كثير من المباريات كطرد من هنا وإصابة من هناك وتحديدا في المباراة أمام أستراليا الأخيرة التي غاب فيها عن المنتخب السوري خمسة لاعبين مؤثرين لكن يبقى ما تحقق أكثر من إنجاز وضع الكرة السورية مجددا على الخريطة الأسيوية والعالمية بقوة.
أحمد علاء الدين