قد تكون حادثة الدهس التي تعرض لها أبرياء في برشلونة أمس فصلاً مكملاً لحالة الحزن التي تعيشها كاتالونيا هذه الأيام جراء ما يمكن اعتباره بداية إنهيار منظومة النجاح التي حققها البارسا في الألفية الجديدة والتي رسخت الفريق الكاتالوني كأحد أفضل الفرق في العالم دون منازع.

ولم يكن التفوق المستحق لفريق ريال مدريد على غريمه التقليدي في مباراتي السوبر الإسبانية،هو الوحيد الذي كشف حال برشلونة هذا الموسم بقدر ما كان عاملاً إضافياً لطرح العديد من علامات الاستفهام حول ما يمكن أن تشهده الأيام المقبلة من استمرار لهذا الإنهيار والذي يترافق مع صمت مستغرب وفشل ذريع لادارة النادي في التعامل مع الأزمة التي يمر بها النادي الكاتالوني.

وبدا واضحاً للعيان ان برشلونة يعاني من أزمة فنية وإداريةمنذ الموسم الماضيأفضت إلى رحيل المدرب لويس إنريكي، ليدخل الفريق استعدادات الموسم الجديد بخبر صادم تجلى برحيل النجم البرازيلي نيمار إلى باريس سان جيرمان مقابل صفقة قياسية بلغت 222 مليون يورو، وهو الأمر الذي ترك آثاراً فنية ومعنوية على البارسا خاصة وان نيمار كان أحد أركان منظومة msn التي وضعت برشلونة على منصات التتويج.

وعلى الرغم من المكابرة الادارية والتقليل من رحيل البرازيلي، إلا ان التأثير السلبي لهذا الرحيل لم يستطيع حجبه تصريح من هنا أو تأكيد من هناك على السعي لتوفير البديل، لأن هذا البديل لم يتوفر حتى ما قبل 48 ساعة من المباراة الأولى لبرشلونة في الليغا هذا الموسم في الوقت الذي تلقى فيه الفريق ضربة أخرى تجلت باصابة لويس سواريز وابتعاده أربعة أسابيع.

من هنا فإن الانتصارين اللذين حققهما ريال مدريد في الكامب نو وسانتياغو برنابيو كشفا الكثير من العورات الفنية في جسد البارسا، أضف إلى ذلك الحالة المعنوية "المهترئة" للاعبين خلال المباراتين والتي أظهرت برشلونة فريقاً عادياً وربما أقل من ذلك أمام غريم فرض وجوده منذ تولي زين الدين زيدان تدريبه ومستعد لتأديب خصمه إلى حد الإذلال والتشفي.

وإذا كان المدرب الجديد أرنستو فالفيردي قد ارتكب بعض الاخطاء في مباراتي الذهاب والاياب، فإن من الظلم تحميله كل المسؤولية التي تقع بالدرجة الأولى على رئيس ناد ضعيف الشخصية ولا يفقه شيئاً في أصول إدارة فريق عملاق مثل برشلونة وفي دوري ساخن مثل الدوري الإسباني.

لذلك يمكن اعتبار الحالة التي يمر بها برشلونة بداية النهاية لجيل من اللاعبين لطالما أثروا الملاعب الخضراء بإبداعاتهموجيل آخر انتهت صلاحيتهم، وبات يتعين على الفريق الكاتالوني البحث عن بدلاء لانييستا، بيكيه، ماسكيرانو، بوسكيتس، غوميز والعودة مرة أخرى إلى "لامسيا" التي قدمت الكثير من النجوم ومنهم ليونيل ميسي.

ومما لا شك فيه، فإن أي عاشق لمتعة كرة القدم لا يمكن أن يتمنى هذا المصير لبرشلونة، لأن انهيار الفريق الكاتالوني سينعكس سلباً على الدوري الاسباني خاصة وان البارسا والميرينغي لطالما شكلا رافعة ليس لليغا فحسب إنما للكرة الأوروبية بشكل عام.

وإذا كان تراجع برشلونة لا يقلل من النقلة النوعية لريال مدريد بوجود زيدان، فإن استعادة عافية الأول سيعيد مباريات الكلاسيكو إلى المستوى المعهود، إذا ليس مجدياً أن تتحول تلك المواجهات إلى ما يشبه "الضرب بالميت"، وعندها قد نشاهد المزيد من "سيناريو نيمار" وبالتالي انهيار ما تبقى من القسم الأكبر لمتعة كرة القدم في العالم.