أثار قرار الإتحاد السعودي لكرة القدم السماح لأندية دوري المحترفين السعودي بالتعاقد مع حارس مرمى أجنبي بعد 25 سنة من المنع ردود فعل متفاوتة حيث أيد البعض هذا القرار فيما انتقده كثيرون.

والواقع بأن هذا القرار لم يأت من فراغ، بل إن مستوى الحراسة السعودية قد تدنى كثيرا وهو ما دفع الأندية للسعي لحل هذه المشكلة والتي كلفت الأندية خسارة العديد من المباريات الهامة.

وقبل الدخول في سلبيات وإيجابيات هذا القرار، لا بد من التأكيد على ان الحراسة السعودية اليوم ليست بخير فلم يعد هناك حارس كمحمد الدعيع، أو كعبد الرحمن الحمدان أو جاسم الحربي أو أحمد عيدو غيرهم من الحراس المتميزين.

هذا بدا واضحا من خلال الأخطاء الساذجة التي يقع بها الحراس السعوديون والذي يغيب عنهم الثبات في المستوى ولم يشعر زملائهم في خط الدفاع أبدا بالراحة النفسية والقدرة على الإعتماد عليهم ولم يقف في الفترة السابقة تحت الخشبات السعودية حارس متميز كما لا يلوح في الأفق حارس ناشئ قادر على حمل لواء الحراسة السعودية مستقبلا.

هذه المشكلة ليست وليدة اليوم بل بالطبع نتيجة غياب سياسة صحيحة طوال الفترة الماضية في التعامل مع أحد أكثر المراكز حساسية في لعبة كرة القدم ألا وهي حراسة المرمى.

لا يبدو القرار إيجابيا إلا من ناحية واحدة وهي بأن مستوى الفرق سيتحسن أكثر بسبب مستوى الحراس الأجانب المتميزين الذين بدأت الفرق بالتعاقد معهم وكانوا من الجنسيات العربية كالمصري عصام الحضري، العماني علي الحبسي، التونسي فاروق بن مصطفى، الجزائري عز الدين دوخة لكنه في المقابل يطرح القرار علامات استفهام كثيرة حول مستقبل الحراسة في ظل وجود حراس أجانب وأسئلة كثيرة قد يصعب الإجابة عليها حاليا.

السؤال الأبرز حاليا هو لماذا وصلت الكرة السعودية على هذا المستوى الغير متذبذب ؟ في الواقع، يتحمل كلا من إدارات الفرق والمدربين مسؤولية كبيرة في هذا الأمر فالإدارات لا تستثمر في الفئات العمرية كما يجب بينما المدربين لا يعطون الحراس الشباب فرصا لإثبات أنفسهم.

كما أن هناك نقطة هامة وهي غياب مدربي حراسة المرمى الأكفاء إذ أنه ومن غير المقبول أن لا تخرّج الكرة السعودية على مدى الخمسة عشر سنة الماضية حارسا متميزا، والمدرب الجيد لا يكفي أن يكون حامل شهادات بل أن يعرف كيفية التعامل مع المواهب وتصحيح أخطائه والتعلم منها.

كما أنه لا يبدو وأن عملية البحث عن المواهب في هذا المركز تتم كما يجب، خاصة أن الأولاد لا يرغبون في اللعب كحارس مرمى في الصغر وهذا يستوجب اهتماما خاصا من قبل الأندية وتأسيس مدارس خاصة لتعليم اللاعبين الصغار أصول حراسة المرمى وتشجيعهم على الإستمرار في اللعب بهذا المركز.

قد يبدو هذا القرار حلا مؤقتا لمشاكل حراسة المرمى في السعودية حيث سيعطي الأندية المشاركة أسيويا قوة إضافية كما أنه سينعكس إيجابا على مستوى الدوري ومن المفترض رؤية أخطاء أقل من الحراس لكنه في المقابل سينعكس سلبا على الحراس السعوديين الذي سيفقد كثير منهم مركزه الأساسي وهذا سيؤثر فيما بعد على المنتخب فالحارس الأجنبي من الطبيعي أنه سيلعب أساسي والحارس السعودي سيكون هو البديل له والكل يعلم بأن جلوس أي حارس على دكة البدلاء سيفقده حساسية المباريات وسيؤثر سلبا على نفسيته وتهتز شخصيته وتكثر أخطاءه كما ستقل فرص الحراس الشباب في الإضطلاع بدور هام داخل فرقهم.

هذا كله سيجعل الأمور تذهب بالمبدأ نحو معاناة سعودية مستقبلية أكثر مع حارس المرمى فالفرق لن تهتم كثيرا بصناعة اللاعبين طالما لديها الأموال لشراء حارس أجنبي من طراز رفيع وسيزيد إهمال الفئات العمرية أكثر.

إذا لن يكون هذا القرار بمثابة الحل لمشكلة غياب الحراس السعوديين المميزين، وهو إن كان من المؤكد أنه سيطور المستوى بشكل عام لكنه سيؤثر بالسلب على عملية صانعة الحراس الصغار وستتفاقم المشكلة أكثر إلا إذا كان لهذه الخطوة مردود غير متوقع حيث يدفع الحراس السعوديين للشعور بأنه هناك من ينافسهم ويسعون تحت ضغط خسارة مراكزهم الأساسية لتقديم الأفضل مع استبعاد هذه الفرضية لأنه لا مجال للمنافسة على مركز أساسي مع الحارس الأجنبي كما أن حراسا سعوديين أساسيين كانوا الموسم الماضي ووصلوا لمرحلة يريدون إثبات أنفسهم فيها فوجئوا بتعاقد أنديتهم مع حراس أجانب ما يعني ان دكة البدلاء ستنتظرهم مجددا وهو سيؤثر سلبا على مشوارهم الذي بدأ ولم يكتمل كما يجب.

ما يجب على الجميع في السعودية معرفته، بأن المشكلة لن تحل بهكذا قرار، بل يجب إعادة النظر بشكل كامل في عملية حراسة المرمى وتهيئة الحراس الجدد وعدم السماح بإهمال صناعة الحارس الناشئ كما في دعم القضاء على مسيرة حراس بدأ نجمه بالبزوغ في الموسم الماضي لأنه عندها قد نصل لمرحلة ما لا نجد فيها أي حارس سعودي جدير بحماية خشبات مرمى المنتخب السعودي والذي قد يدفع تحديدا أكثر من غيره الثمن الأغلى.

" أحمد علاء الدين "