السباحة هي إحدى الرياضات الفردية التي لها حضور قوي في الألعاب الأولمبية ومنتشرة بشكل كبير في مختلف دول العالم. وفي لبنان، تعتبر الرياضة موجودة على خريطة الألعاب اللبنانية لكنها مثلها كمثل الكثير من الألعاب تعاني من إهمال رسمي وتكافح كي تبقى نشطة وتسير نحو الأمام. وكان ملفتا في هذه الرياضة هو انتشار العديد من المدارس والأكاديميات التي بدأت نوعا ما تحل مكان الاندية في عملية تطوير اللعبة وتفعيلها في ظل إتحاد جديد استلم اللعبة في أواخر السنة الماضية.

صحيفة السبورت الإلكترونية، ومن باب إضائتها المستمرة على لعبة السباحة، قامت بجولة في خبايا هذه اللعبة كي يتعرف القراء الأعزاء أكثر على هذه اللعبة وواقعها الحالي وعادت بما يلي.

رئيس إتحاد السباحة ​طوني نصار

تولى الدكتور طوني نصار رئاسة إتحاد السباحة قبل حوالي الستة شهور ولمعرفة المزيد عن الخطوات الأولى التي قام بها الإتحاد في هذه الفترة القصيرة، كان لا بد من حديث مع نصار الذي بدأ حديثه بالقول بأن الإتحاد وضع خطة تطويرية للعبة بدأ العمل عليها منذ أول يوم خاصة من إعادة تنظيم اللعبة التي كانت تعاني في هذا الشق كما تم إعادة هيكلية الإتحاد مع تشكيل لجان جديدة وتقسيم للبطولات والفئات والأعمار حسب متطلبات اللعبة عالميا إذ ما زالت اللعبة تعتمد على شكل البطولات القديم المعتمد سابقا دوليا. هدف الإتحاد هو ترجمة خطته الكاملة المتكاملة من أجل رفع مستوى اللعبة وتحسين النتائج الخارجية. كما كشف نصار بأن الإتحاد استقدم مدربا فرنسيا متخصصا ينظم كل شهر دورة للمدربين اللبنانيين من أجل رفع مستواهم أكثر وتطويرهم وإطلاعهم على أبرز الأمور التي تتطور في علم التدريب في ظل صعوبة سفر المدربين اللبنانيين للخارج من أجل كسب الخبرة مع الإشادة بمستوى المدربين اللبنانيين المميز والذين نعقد أملا كبيرا عليهم كإتحاد من أجل تطوير مستوى لاعبينا.

واعتبر نصار بأن المشكلة المادية هي أكثر ما يؤثر على تطور اللعبة، حيث يمول الإتحاد شخصيا لأنه لا يوجد أي مساعدات كما أن التجهيزات للعبة ما زالت ناقصة وغير كافية. الإتحاد بكافة أعضاءه يعملون بشكل دائم حسب نصار من أجل السهر على تنظيم كافة البطولات ومراقبتها كلها من أجل رفع مستوى البطولات المحلية وكي يبقى الجميع تحت جناح الإتحاد لأن النادي لوحده مهما قام من مجهود لن يستطيع الوصول بدون دعم الإتحاد له.

وأوضح نصار بأن هناك خطة مع وزارة الشباب والرياضة من اجل دعم الإتحاد حيث كان الأمر معلقا في السابق ولم يحصل الإتحاد على أي مساعدة مالية في السنوات الماضية لكن الأمور شبه تحلحلت كما يبحث الإتحاد عن تأمين رعاة للعبة بالرغم من أن اللعبة ليست شعبية مثل كرة السلة أو كرة القدم ما يجعل الرعاة يتجنبونها قليلا لكن نحن نحاول إيصال فكرة للرعاة بأن دعم اللعبة الفردية أقضل بكثير من دعم الرياضات الجماعية ومربح للطرفين، للراعي وللعبة التي ستتقدم وتتطور.

وعلى الرغم من الواقع الصعب والمشاكل والحواجز بالإضافة إلى قلة الإمكانات، يؤكد نصار أنه ما زال بالوصول إلى تطبيق خطته كاملة بعد أربع سنين عندما تنتهي ولاية الإتحاد لتكون السباحة قد اصبحت منظمة مثل ما هي في الدول المتطورة في الخارج مؤكدا أن لا احد يعرقل مسيرة الإتحاد وهناك انسجام كامل بين الأعضاء من أجل العمل على رفع اسم لبنان عاليا في رياضة السباحة وإعادة رونق بطولة لبنان للسباحة وإدخال اللعبة إلى كل بيت وإقامة نشاطات مع الجامعات والمدارس إذ أن من خطة الإتحاد أن تصبح السباحة مادة تدرس في الجامعة إضافة لتنظيم مادة تعنى بتدريب السباحة حيث يتخرج المدربون وفق الأصول العلمية السليمة وهذا سينعكس إيجابا على اللعبة بكل تأكيد.

المدرب ​محمد صقر

هو أحد أبرز المدربين حاليا في لبنان، صاحب مدرسة Proswim والمدير الفني لفريق النجاح وحاصل على شهادتين ماسترز دوليتين بتدريب السباحة، الحديث هنا عن المدرب محمد صقر الذي كان لنا معه حديث عن مدرسته ورؤيته لواقع اللعبة وكيفية تطويرها. صقر أخبرنا بأن سباحيه حققوا حوالي 50 رقما قياسيا في آخر 4 سنوات ولديه تحت إشرافه حوالي 45 سباحا وسباحة من كل الفئات بدءا من عمر 8 سنوات وصولا لعمر 18 سنة وما فوق. وشهدت الشهور الأخيرة تألقا كبيرا للسباحين حيث حققوا 5 أرقام قياسية في بطولة لبنان كما شارك سباحو نادي النجاح في بطولة دولية في فيينا بمشاركة 18 دولة أوروبية وحققوا 3 أرقام قياسية للبنان كما شارك السباحون في بطولة دولية أخرى في جنيف بمشاركة 13 بلدا منهم المغرب، تونس ولبنان وحققوا أيضا 3 أرقام قياسية جديدة للبنان أضيفت للإنجازات الكثيرة التي حققها السباحون في السنوات الماضية. أما عن أبرز المشاركات القادمة، فكشف صقر عن التركيز على بطولة لبنان ثم من بعدها بطولة العرب إضافة لعدة بطولات في أوروبا كي يبقى السباحون ينافسون على مستوى عالي في ظل المستوى المميز الذي يظهروا به بطولة بعد أخرى.

صقر يعقد أمالا كبيرة على الإتحاد الجديد كي يسير باللعبة إلى الأمام حيث يعمل على تطويرها لكن المشكلة الأساسية هي أن عدد السباحين محدود والأندية غير فعالة كما يجب ما يعطي صورة بأن الوضع ما زال على ما هو عليه لكن الأمل يبقى بأن يتحسن الوضع في المستقبل رغم أنه لم يظهر لحد الآن نتائج عمل الإتحاد الجديد وربما يحتاج لبعض الوقت. سيتم تنظيم بطول لبنان في الصيف في زحلة وهي ستكون متعبة للجميع لكن الإتحاد لدية رؤية في أن يشارك السباحون في بطولة لبنان بكل المناطق اللبنانية وهذا أمر ليس بسيئ كم أن لجان الإتحاد أصبحت أكثر فعالية لكن أعضاء الإتحاد ما زالوا نفسهم ما عدا الرئيس الذي تمنى له النجاح في مهمته.

وأضاف صقر: يجب زيادة البطولات ودعم اللعبة مادية بشكل أكبر فالألعاب الفردية في لبنان قائمة على مبادرات شخصية من الأهل أو رؤساء الاندية أو أشخاص يحبون السباحة وهذا عائق كبير في تطور اللعبة، وإذا ما أردنا الوصول للعالمية في هذه اللعبة، يجب على الجميع دعم اللعبة ماديا أكثر وأن يكون الإتحاد فعالا أكثر كي تبدأ مسيرة السير في طريق طويل لتطوير لعبة السباحة.

صقر أبدى عتبه على الإعلام، فالتغطية الإعلامية ضعيفة للغاية وهناك بعض النتائج التي توضع في الجرائد والمواقع إنما بشكل مختصر فلا يوجد دعاية قبل انطلاق البطولة أو نقل تلفزيوني والأندية دائما المبادرة تجاه الإعلام وليس العكس. يجب علينا تشجيع السباحين المميزين والإضاءة على إنجازاتهم من أجل تحفيزهم للإستمرار وتقديم المزيد وكي يتم تعريق الناس أكثر بلعبة السباحة.

واعتبر صقر بأن المجهود الجبار الذي يبذل في اللعبة حاليا هو من قبل الأكاديميات ومدارس السباحة وليس من قبل الأندية بنسبة كبيرة وهي تعمل بمجهود فردي ولم تعتمد يوما على أية دعم اتحادي. الأكاديميات تعمل مع أشخاص يحبون اللعبة ويحاولون نقل تجربتهم ومهاراتهم وما تعلموه لتطوير اللعبة وهو يضحون كي يظهروا بأن لعبة السباحة قادرة إن تم الإهتمام بها على أن تصل إلى مكان بعيد وما كسرنا كنادي وكمدرسة خلال خمسة أشهر ل11 رقم قياسيا لبنانيا إلا خير دليل على ذلك.

السباح أنطوني غصن

على الساحة المحلية، يبرز اسم أنطوني غصن كأحد أبرز السباحين الذي ينتظرهم مستقبل كبير. الحديث هنا عن صاحب الواحد وعشرين عاما أنطوني غصن طالب علم الإقتصاد في السنة الثالثة بالجامعة اليسوعية.غصن بدأ تمارينه كسباح عام 2008 عندما كان عمره 12 سنة مع المدرب سيفاك ديميرجيان حتى عام 2011 حيث فاز بأول سباق سباحة حرة لمسافة 200 م ثم من عام 2011 حتى عام 2014 انتقل لنادي الرمال مع المدرب إيلي بطرس قبل أن ينتقل في نهاية عام 2014 رفقة بطرس لنادي الجمهور. غصن كان بطل لبنان من عام 2011 إلى عام 2015 في السباحة الحرة لمسافات 200م، 400م و1500م كما بحوزته ميداليات في بطولات عربية وعالمية في قطر والأردن وأبو ظبي إضافة للكثير من الأرقام القياسية اللبنانية في مسافات مختلفة دون نسيان تألقه في البطولات الجامعية المحلية والدولية آخرها في بلغراد مؤخرا. هدف غصن حاليا الأساسي هو العودة للتألق على المستوى العربي خاصة أن ما يؤلمه كسباح وجود بلدان عربية تحت ظروف حرب كسوريا لكن ما زال سباحوها يتبوؤون المراكز الأولى.

يفتقد السباح اللبناني برأي غصن لنقص الدعم المادي بجانب غياب المعسكرات الخارجية والدورات مع مدربين محترفين أجانب وذلك بسبب غياب الرعاية من الدولية وعدم وجود رعاة للألعاب الفردية ما يؤثر بشكل سلبي على تطوير المستوى كما أنه عادة ما يتم إرسال البعثات للمشاركة في دورات خارجية دون تحضير كافي فتكون النتائج متدنية جدا، التحضير والمعسكرات أهم بكثير من المشاركة دون تحضير. نقطة أخرى هامة سلبية تحدث عنها غصن وهي أن السباح اللبناني المقيم في لبنان يتعب ويضحي ثم يأتي سباح لبناني يعيش في الخارج ويشارك مكان السباح اللبناني المحلي فتكون مثلا تحضر لبطولة طوال السنة وفجأة يخبروك بأن هناك سباحا من الخارج لبناني سيحل مكانك وهذا يشكل ضربة قوية لمعنويات السباح اللبناني. السباح اللبناني المغترب يعيش حياة احتراف بعكس السباح اللبناني المحلي الذي يتمرن ويتعلم ويشتغل بنفس الوقت ما يجعله يتمرن وهو متعب للغاية ما يؤثر على عطائه بعكس السباح الذي تؤمن له السباحة مالا كافيا كي يبني حياته ما يجعله متفرغا للعبة بشكل تام.

ودعا غصن إلى إعادة بناء بنى تحتية جديدة للسباحة، فآلة اللمس التي تحدد أرقام السباح أصبحت قديمة جدا وتحتاج لتغيير لأنها تعطي أرقاما غير دقيقة. وهناك مسبح إميل لحود الرياضي في ضبيه والذي ما زال العمل فيه لم ينتهي منذ أكثر من 10 سنوات، السباحون اللبنانيون بحاجة كبيرة لهذا المسبح لأنه مغطى وذو مواصفات أولمبية حيث سيحل مشاكل كثيرة لأن السباح اللبناني يتمرن شهرين أو ثلاثة في برك خارجية ثم يضطر شتاءا للتمرن في برك داخلية لكن ليس بالمواصفات المطلوبة وأقل بكثير من طول 50 مترا وهذا يؤثر أيضا على الأداء في المسابقات.

وفي الختام دعا غصن الإتحاد الجديد إلى الإهتمام باللاعبين الناشئين وتأسيس منتخب وطني قوي مع مدرب خبير وجهاز فني متكامل من مدربي لياقة ومعالجين فيزيائيين لما ينعكس هذا الأمر إيجابا على مستوى السباحين كما في التحضير الجيد قبل أي مشاركة خارجية فالهدف لا يجب أن يكون فقط المشاركة بل تحقيق نتائج مميزة وهذا لن يحصل أبدا غذا استمرت طريقة المشاركة مثلما كانت من قبل دون أن ننسى إلى عدم تفضيل السباحين المغتربين على المقيمين الذين يبذلون الغالي والرخيص من أجل الإستمرار في اللعبة ورفع اسم لبنان عاليا.

السباحة لين دوغان

اسم لامع على صعيد السباحة النسائية في لبنان، أحرزت العديد من الالقاب وكسرت أرقاما قياسية لبنانية كثيرة، الحديث كان مع لين دوغان بطلة لبنان بسباحة الصدر وطالبة الهندسة الإلكترو ميكانيك في الجامعة اليسوعية. بدأت دوغان السباحة في عمر الثماني سنوات في المدرسة حيث اشتركت من باب التسلية فقط في تجارب سباحة، وحققت المركز الثاني ما دعا إدارة المدرسة لضمها لتمارين الفريق وهي ما زالت منذ ذلك التمارين تتمرن بانتظام. منذ عام 2010، سيطرة دوغان على سباقات الصدر محليا مع تحقيقها للعديد من البطولات الداخلية والخارجية أبرزها برونزية العرب عام 2013، و4 ذهبيات مع فضية وبرونزيتين في قطر أيضا مع مشاركات جامعية خارجية في إسبانيا وصربيا حققت خلالهما ذهبيتين و4 فضيات.

تتمرن دوغان من مرتين لأربع مرات أسبوعيا في بركة السباحة بجانب ثلاث تمرينات ركض حسب ما يسمح لها وقتها خاصة في ظل تركيزها على دراستها وهو أمر تعتبره دوغان أصعب ما يواجهها من ناحية التنسيق بين جامعتها والسباحة لكن في النهاية إذا ما أردت تحقيق أمر فهناك دائما مجال لذلك وهذا ما تعتمده في حياتها حيث تحاول دائما التركيز في الصف من أجل تقليل وقت الدرس في البيت واستغلاله في زيادة التمارين لكن الأمر يبدو صعبا عندما تأتي مرحلة الإمتحانات النهائية حيث تكون هذه الفترة معقدة جدا. وستشارك دوغان في معسكر بالولايات المتحدة مع الجامعة اليسوعية سيتضمن في نهايته بطولة دولية كما لديها في شهر آي سفر لتايبيه من أجل المشاركة أيضا في بطولة أسيوية ويشرف على تمرينها حاليا المدرب مصطفى بغدادي في نادي الجزيرة والمدربة نادين كامل في الجامعة اليسوعية.

ترى دوغان بأن الإتحاد الحالي أفضل من السابق وهو يحاول التغيير لكن الطريق طويل من اجل تطوير اللعبة خاصة في ظل بقاء نفس الوجوه تقريبا في الإتحاد. يجب على الإتحاد دعم السباحين أكثر والتعامل معهم بجدية اكثر خاتمة حديثها بالقول أنه لا مستقبل للرياضيين في لبنان وكل هدفها حاليا هي أن تنافس بقوة في السباحة الجامعية سواء على صعيد لبنان أو على الصعيد العالمي.

دائما ما تحظى الرياضة اللبنانية بمواهب كثيرة تستطيع الوصول بعيدا ورفع اسم لبنان عاليا في المحافل الخارجية لكن كل ما ينقصها هو الدعم المادي والمعنوي وهذا ما ينقص رياضة السباحة والسباحين اللبنانيين على أمل أن تحمل الفترة المقبلة نهضة ملحوظة للعبة ستنعكس بلا شك إيجابا على جميع من يعمل في هذه الرياضة الممتعة.