لم يكن موسم 2016-2017 من الدوري الألماني موسما عاديا، حيث شهد مفاجآت كبيرة في الترتيب النهائي للبطولة على الرغم من حسم هوية الفائز باللقب قبل عدة مراحل من انتهاء الدوري والذي كان كالعادة بايرن ميونيخ لكن أمورا هامة لفتت الأنظار على صعيد الفرق التي تأهلت للمسابقات الأوروبية أو في تلك التي يمكن تصنيف موسمها بالمخيب للآمال.

إذا للمرة الخامسة على التوالي، أحرز بايرن ميونيخ اللقب بعدما قدم في موسمه الأول تحت قيادة المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي أداءا شبه مثالي حصد من خلاله 82 نقطة ولم يخسر إلا مرتين كما لم تتلق شباكه إلا 22 هدفا وهو رقم قياسي كما سجل 89 هدفا ليكون صاحب أفضل خطي دفاع وهجوم في الدوري.

المفاجأة المدوية كانت في هوية صاحب الوصافة، آر بي لايبزيغ بطل الدرجة الثانية تمكن في موسمه الأول بالبوندسليغا من تقديم أداء أقل ما يقال عنه إنه رائع مع أسلوب لعب سريع قوامه ما يعرف بالسهل الممتنع مع وجوه شابة لكنها موهوبة تمكنت من التأهل المباشر لدوري الأبطال لأول مرة في تاريخ النادي الحديث العهد والذي لا يتجاوز عمره التسع سنوات.

بوروسيا دورتموند حل في المركز الثالث في موسم كان يمني عشاق أسود الفيستفاليا أن يكون أفضل وهم لم يستطيعوا حتى نيل الوصافة وخاضوا صراعا شرسا من أجل حجز البطاقة المباشرة لدوري الأبطال أمام هوفنهنايم.

مشكلة دورتموند الأساسية تمثلت في عدم استقرار الفريق فنيا وكثرة الإصابات ما أثر على تشكيلة الفريق وأسلوب اللعب.

ومع مدربه الشاب نايغلسمان، قدم هوفنهايم موسما للذكرى حصد فيه المركز الرابع وتأهل للدور التمهيدي من بطولة أبطال أوروبا مع كرة قدم متوازنة بين الدفاع والهجوم لعبها الفريق وفيها القليل من تكتيكيات كرة اليد التي مزجها المدرب الشاب مع تكتيكات كرة القدم وأبهر الجميع بها خاصة دفاعيا.

مفاجأة أخرى كانت من نصيب كولن الذي احتل المركز الخامس المؤهل لليوروبا ليغ بعدما قدم بإمكانات بشرية متواضعة فريقا مميزا يقوم على الإنضباط التكتيكي والإنتشار الجيد في أنحاء الملعب ما أهداه بطاقة أوروبية مثله مثل فريق العاصمة هيرتا برلين والذي بدوره أظهر قدرات فنية جيدة وتطور في المستوى بدأه منذ الثلث الأخير في الموسم الماضي.

هيرتا ورغم أنه إحصائيا لم يسجل أهدافا كثيرة وتلقت شباكه أهدافا أكثر لكنه كان ذكيا في طريقة التعامل مع المباريات وحسمها من دون أي اندفاع هجومي غير مبرر أو رغبة في الإستعراض فكانت النتيجة دائما عنده أهم من الأداء.

المركز السابع كان لفرايبورغ الذي بدوره قدم مستوى مميز للغاية نسبة للإمكانات المتوفرة في الفريق فظهر بشكل مقبول من الناحية الهجومية ساعده على الفوز بأكثر من مباراة. المركز الثامن كان لفيردير بريمن الذي حاول أن يكون أفضل من الموسم الماضي وهو نجح نسبيا في ذلك رغم أنه كان باستطاعته حصد مركز في اليوروبا ليغ لولا أن تعثر في آخر ثلاث مباريات حيث خسرها ليسمح بضياع المركز الخامس والذي كان بمتناوله إذ أن الفارق بينه وبين فرايبورغ كان الأهداف فقط وبينه وبين المركز الخامس ثلاث نقاط فقط.

الملفت في منطقة الوسط بالبوندسليغا كان وجود فرق عريقة كغلادباخ، شالكه وليفركوزن التي تراجعت كثيرا هذا الموسم وبعدما كانت تنافس وتشارك بانتظام في دوري أبطال أوروبا فشلت حتى في دخول المنافسة على مقاعد اليوروبا ليغ.

وظهرت هذه الفرق بمستوى متواضع هجوميا ناهيك عن مشاكل دفاعية كثيرة عكست ضعف المنظومة الجماعية للفريق فيما كان فريق فرانكفورت مرتاحا في المركز الحادي عشر حيث ضمن وبشكل مبكر جدا البقاء فدخل المنطقة الدافئة وتجنب الدخول لا من قريب ولا من بعيد في صراع الهبوط.

محاولة النجاة من الهبوط للدرجة الثانية دار بين ستة فرق هي : أوغسبورغ، هامبورغ، ماينز، فولفسبورغ، إنغولشتدات ودارمشتادت. دارمشتادت كان أول المودعين حيث اكتفى بحصد 25 نقطة مسجلا 28 هدفا فقط بهجوم أقل ما يوصف بأنه كارثي ودفاع هو الاضعف أيضا في الدوري إذ تلقت شباكه 63 هدفا ما يعني أن الهبوط لدوري المظاليم كان أمرا عادلا ومنطقيا.

المغادر الثاني كان إنغولشتادت والذي حاول المنافسة على البقاء قدر المستطاع لكنه لم ينجح بسبب ضعف إمكاناته مقارنة بالفرق المنافسة الأخرى بجانب خط دفاع لم يستطع حمل الفريق في الأوقات الصعبة.

أوغسبورغ كان أول الناجين بفارق الأهداف عن هامبورغ الذ ككل سنة يخوض معركة الهبوط ثم ينجح في الأمتار الأخيرة من البقاء لكن الملفت هذه المرة كان التراجع الهائل في مستوى ماينز وفولفسبورغ مع مشاكل كثيرة في تركيبة الفريق وطريقة إدارة المباريات من قبل مدربي الفريقين حيث تحولا من ناديين يريدان احتلال مراكز أوروبية إلى ناديين يريدان البقاء في البوندسليغا وهما نجحا في ذلك رغم حاجة فولفسبورغ صاحب المركز السادس عشر لخوض دور فاصل حسمه أمام براونشفايغ ليبقى موسما آخر في البوندسليغا وينجو من كارثة محققة كانت ستحل بالفريق لو هبط لدوري القسم الثاني.

أحمد علاء الدين