وليد بيساني

يمكن اعتبار استدعاء نجم أياكس اللبناني الأصل أمين يونس إلى صفوف المنتخب الألماني الذي سيشارك في كأس القارات الشهر المقبل في روسيا، نتيجة منطقية وطبيعية للاعب ولد وترعرع ونشأ في بلد يقدر الموهبة ويبذل الغالي والنفيس من أجل تطويرها والإستفادة منها مستقبلاً، وهو ما حصدته المانيا في "الطرابلسي" الذي انتظر الفرصة دون أن تأته على طبق من ذهب، ليأتي استدعاء يواكيم لوف له بمثابة الجائزة التي يستحقها.

صحيح ان أمين يونس لبناني الأصل إلا انه لا يعرف من هذا الوطن الصغير سوى ما يرويه له والده ذو الفقار وما شاهده هو شخصياً من خلال بعض الزيارات التي قام بها الى لبنان، لكنه يدرك أيضاً ان ما قدمته له ألمانيا وضعه على الطريق الصحيح الذي يتيح له تحقيق حلمه ألا وهو المضي قدماً في عالم الإحتراف من أجل دخول الشهرة من أوسع أبوابها.

لا يمكن فهم التعليقات التي صدرت خلال اليومين الماضيين والتي اتهمت اللاعب بالخيانة، دون أن نعرف مَنْ خان مَنْ؟ ثم لا يمكن الجزم بأن أمين يونس كان سيختار ارتداء شعار المنتخب اللبناني على الألماني فقط لأنه لبناني الأصل وهو ما يدفعنا لطرح الكثير من الأسئلة عما قدمه بلده الأم له ولوالده الذي فضل الهجرة قبل أكثر من 25 عاماً عن بلد ممزق ومشرذم وخال من أبسط حقوق العيش.

قد يكون من الأجدى الإعتزاز والفخر بلاعب مثل أمين يونس أجاد وأبدع في الملاعب الأوروبية فكان ثابتاُ نحو الهدف الذي أختاره من البداية وهو الوصول الى قائمة أبطال العالم واللعب في بطولة كبرى، وهو أمر ما كاد ليتحقق لو بقي أمين خاضعاً لتجاذبات وصراعات الرياضة اللبنانية بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص.

من الواضح ان الفائدة من استدعاء أمين يونس الى المنتخب الألماني أكبر مما لو ارتدى شعار منتخب الأرز (على الأقل بالنسبة له) ، لكن بالنسبة للبنان فإن بالإمكان الاستفادة من انعكاسات تألق اللاعب مع المانشافت من أجل الشروع في وضع خطة هدفها متابعة الفرق السنية والاكاديميات في أوروبا والتي تضم بالتأكيد لاعبين أمثال يونس وهو أمر سيمكننا من قطف ثمرة تألقهم قبل ان يحذو حذو أمين.

في المقابل لا بد من الاعتراف ان أمين يونس لم يكن ليصبح حديثنا لو بقي في لبنان، لذلك حبذا لو نكف عن البكاء على الأطلال ونمنح فرقنا بمختلف فئاتها العمرية المزيد من الإهتمام والدعم عن طريق الاستثمار في إمكانيات هؤلاء واريسالها الى اكاديميات لتعليم أصول الكرة، وإلا سنبقى نشاهد أمين تلو الآخر يختار بلداً يفهمه ويدعمه ويساهم في ايصاله لمستويات مرموقة ويترك موطنه الأصلي بحثاً عن عقول احترافية نفتقدها كثيراً في رياضتنا!.