تشارك السيدات بشكل فعال في الرياضة حيث هناك في معظم الألعاب منافسات خاصة بها أسوة بتلك الموجودة عند الرجال. وتعتبر القوة الجسدية التي يتفوق بها الرجال على السيدات عاملا هاما في جعل المنافسات الرياضية الخاصة بالرجال ذو مستوى فني أعلى ما ينعكس بالبطع على نسبة المشاهدة ومتابعة الجمهور والعائد المادي.

في لبنان، تعد الرياضة النسائية فعالة لكنها تعاني بشكل أساسي من غياب الضوء الإعلامي عنها إضافة إلى بعض الضعف في المستوى الفني في بعض الألعاب نتيجة غياب الدعم اللازم والإمكانات المطلوبة.

في هذا التقرير، سنحاول تسليط الضوء على الرياضة النسائية في لبنان وعن أهم المشاكل التي تعانيها وأبرز التحديات وكيفية مواجهة العوائق الموضوعة في وجهها إضافة إلى محاولة البحث عن حلول لتطوير الرياضة النسائية وذلك عبر الحديث مع سيدات تركوا بصمتهم في المجال الرياضي النسائي على صعيدالألعاب التي تخصصوا بها.

راي باسيل

عندما نتكلم عن الرياضة النسائية في لبنان، لا يمكن إلا ذكر الرامية المميزة راي باسيل والتي تعتبر من أفضل الراميات حول العالم. التقينا باسيل لنتحدث أكثر عن مسيرتها وعن رؤيتها للواقع الرياضي النسائي في لبنان. باسيل بدأت ممارسة رياضة الرماية في عمر صغير حيث كان والدها في منتخب لبنان للرماية وكنت أرافقه دائما في مبارياته وبعدها أخذني على الحقل وجربت لعبة الرماية وأحببتها كثيرا ومع الوقت اكتشفت بأن لدي موهبة كبيرة وأصبحت أطورها شيئا فشيئا بدعم من عائلتي التي وقفت بجانبي دائما وهذا كان سببا أساسيا في نجاحي.

باسيل تعتبر بأن وجودها في هذه الرياضة هي رسالة بأن المرأة تقدر على أن تحمل سلاحا وقادرة على أن تخوض هذه الالعاب والتي تتطلب قوة بدنية وتركيزا عالي وتعامل مع السلاح. هذه اللعبة أيضا تتطلب تركيزا عالي من الناحية الذهنية وهذا لا ينقص الفتاة أبدا. كنت أمارس كرة السلة من قبل لكني بكل صراحة رايت بأن الألعاب الفردية أفضل وهناك قدرة أكبر على تحقيق نتائج أفضل فيها على الصعيد الخارجي لذلك ركزت على الرماية وسرت على الطريق الصحيح بجانب دعم كبير ساعدني على تحقيق الكثير من أهدافي.

باسيل لم تخف بأن بدايتها كفتاة في هذه الرياضة كانت صعبة نوعا ما لكن وجود أهلي بجانبي بشكل دائم وخاصة والدي الذي ما زال معي حتى الآن والرماة الذين بدأت معهم كانوا أصدقاء والدي وبالتالي لم أشعر أبدا بجو غريب وشيئا فشيئا بدأت العالم تتقبل خاصة بعدما حققت نتائج مميزة اثبتت بأن المرأة لا ينقصها شييء كي تصل بعيدا في رياضات قد يعتقدها البعض حكرا فقط على الرجال. ورأت باسيل بأن الإهتمام الإعلامي بمسيرتها كان جيدا للغاية حيث وقف بجانبي في مراحل عديدة ولا أشعر باي تقصير تجاهي لكنها في المقابل دعت وسائل الإعلام إلى الإضاءة أكثر على الالعاب المحلية وخاصة تلك التي تمارسها النساء اللواتي سيشعرن بحماس كبير لو كانت التغطية الإعلامية لنشاطاتهم الرياضية كما يجب وسيدفعهن لتقديم المزيد من أجل التقدم في اللعبة التي يمارسنها.

باسيل دعت الإتحادات المحلية إلى أن تركز على دعم الرياضة النسائية عبر محاولة نشرها في المدارس والجامعات وهذا بتنسيق دائم مع وزارة الشباب والرياضية واللجنة الأولمبية. هي بشكل عام مثل دائرة عمل متكاملة ويجب علينا دائما أن نتعاون من اجل أن ندعم النساء ونشجعهم أكثر وأنا جاهزة لأي دور ممكن أن يساعد في تطوير الرياضة النسائية في لبنان.

باسيل دعت جميع الفتيات الرياضيات إلى عدم السماح لأي شيئ بالوقوف في وجههن وعلى أن يؤمنن بأنفسهن ويتمتعن بالقوة كي يتجاوزن كل الصعاب وأن يعرفن بأنه عندما تؤمن بأحلامهن، ستصلن بكل تأكيد.

هدى العوضي

تعتبر لعبة كرة القدم من أهم الألعاب الرياضية حوالي العالم وهي تصنف على أنها اللعبة الشعبية الأولى. هذه اللعبة بدأت بالتطور كثيرا في الفترة الاخيرة على الصعيد اللبناني ما دفعنا للحديث مع هدى العوضي، عضو لجنة الكرة النسائية في الإتحاد اللبناني لكرة القدم والحكمة الدولية السابقة. العوضي هي أيضا بطلة لبنان والعرب وغرب آسيا سابقا في المسافات المتوسطة والطويلة في ألعاب القوى ومراقبة حكام حالية ومحاضرة وطنية في التحكيم.

سالنا العوضي بداية عن سبب دخولها المجال الرياضي فقالت بأن مدرسة عمر بن الخطاب والتي كانت فيها جرت العادة أن تنظم كل سنة نشاطات رياضية وهي كانت تشارك دائما في لعبتي الجمباز والجري وأحست بأن لديها موهبة رياضية ما خاصة بعدما أحرزت المركز الأول في مسابقة الجري والتي نظتمها آنذاك الوحدة الرياضية في وزارة التربية الوطنية. بعد ذلك تقول العوضي: طلب مني نادي الأنصار الإنضمام إليه وحققنا سوية إنجازات كثيرة وبتشجيع دائم من أخي الكبير ووالدتي. وتضيف العوضي: عام 1997 بدأت بممارسة لعبة كرة القدم في جامعة بيروت العربية ثم انضممت للفريق النسائي في الأنصار وذلك من باب شغفي الكبير بلعبة كرة القدم والتي كنت ألعبها مع إخوتي ورفاقي في الحي منذ الصغر. وعن أبرز الصعوبات التي واجهتها في مسيرتها كفتاة، أشارت العوضي إلى أنها عام 2002 قررت ارتداء الحجاب وهنا بدأت أمور كثيرة تعيقها خاصة في ألعاب القوى حيث تم منعهت من السفر بعدما كانت تمثل لبنان سنويا في المشاركات الخارجية أما على صعيد لعبة كرة القدم فالأمور كانت طبيعية جدا. ولفتت العوضي إلى أنه في بداية مسيرتها كحكمة، كان اللاعبون الذكور يحترمون وجودها كسيدة ويتقبلون قراراتها بعكس الآن حيث لا يتقبل اللاعبون الشباب أن تقود المباراة امرأة حتى إن كان مستواها التحكيمي مميز.

وترى العوضي بأن واقع الكرة النسائية في لبنان مميز والمستوى يسير في تطور دائم حيث هناك 11 فريقا للسيدات ودوريات للفئات العمرية U17 ,U19 وهنا اتجاه قريبا لإطلاق دوري U14 كما يوجد عدة لاعبات مميزات يبشرن بمستقبل باهر نظرا لمستواهم الفني المميز لكن المشكلة الأساس برأي العوضي التي تقف حائلا دون تطور المستوى أكثر وأكثر هو قلة المشاركات الخارجية ما يؤدي إلى غياب الإحتكاك وكسب الخبرات اللازمة دون أن ننسى وجوب الإستمرار في إقامة دورات تطورية للمدربين المشرفين على فرق السيدات من أجل أن يطلعوا على أهم الأمور الجديدة في الرياضة وفي تعديلات قانون التحكيم والأهم هو تنظيم دورات تعلم الإدارة الرياضية التي هي الآن سبب نهوض كرة القدم فالرياضة أصبحت علم ولم تعد مجرد هواية.

العوضي وجهت في نهاية حديثها رسالت إلى الفتيات الرياضيات حيث دعتهم إلى الصبر والتواضع خاصة عند بلوغ النجاح وتحقيق الأهداف لأن الوصول إلى القمة سهل لكن الأصعب منه هو كيفية البقاء في القمة وهذا يتطلب ثلاثة أمور: الصبر، التواضع والإصرار على النجاح.

بيرلا ابي راشد

لا نجد في مجتمعنا الكثير من السيدات اللواتي يرغبن في خوض معترك الرياضات القتالية، لكن مؤخرا في لبنان، بدأت هذه الرياضات تستهوي العديد من النساء ممن أحببن سلوك طريق مختلف ليبرهنّ بأن الالعاب القتالية والتي تحتاج قوة جسدية إضافية ليست حكرا على الرجال بل يمكن للسيدات التألق فيها.

وهذا هو حال بيرلا أبي راشد التي التقيناها وتحدثنا معها عن مسيرتها الرياضية. أبي راشد البالغة من العمر 21 سنة بدأت مسيرتها الرياضية منذ أن كان عمرها ست سنوات في النادي الذي يمتلكه والدها وحققت أول بطولة في مسيرتها عندما كان عمرها 11 سنة وفي رصيدها لحد الآن 14 بطولة. حاليا أبي راشد هي مدربة اتحادية منذ عمر ال15 عام حيث استلمت النادي خلفا لوالدها، النادي اسمه " إشتباك " وهو يقع في عين الرمانة كما أنها حاليا تعطي دروسا خصوصية وتشرف على أكثر من 12 نادي حيث تعطي تلاميذهم دورات تدريبة كي يصبحوا هم بدورهم مدربين في المستقبل إضافة إلى تنظيم معسكر صيفي في نيحا الشوف حيث يتم تطبيق عملي لما يتم تدريسه في النادي. كما أن هناك مشاركة للفتيات في إيران للفتيات في وزن 55 وصولا ل65 كيلو وآمل بأن نحقق نتائج جيدة. وكشفت أبي راشد بأن النادي الذي تديره هو مرخص من قبل وزارة الشباب والرياضة التي تمتلك معها علاقة أكثر من جيدة وهي المرجع الصالح دائما والنادي يمكن تصنيفه بأنه معهد تدريبي كما ينظم العديد من البطولات محلية والدولية.

أبي راشد وهي التي تدرس اختصاص العلاج التجميلي، قالت بأن دور المرأة في الالعاب القتالية هام جدا فهو يساعدها على أن تثق بنفسها أكثر وأن تتخطى مشاكل الحياة. الالعاب القتالية اليوم لم تعد تستلزم قوة بدنية هائلة بل من الممكن بضربة واحدة أن تهزم اي إنسان مهما كان حجمه كبيرا، وشعاري دائما وأقوله إلى التلاميذ بأنه يجب تشغيل الرأس أكثر من الجسم في أي لعبة قتالية. من هنا المرأة لا ينقصها شيئ من أجل أن تبدع في مجال الالعاب القتالية فلا يوجد شاب أقوى من فتاة بل يوجد فتاة تريد أن تصل وتحقق ما تريد وفتاة تضع أعذارا لنفسها. وذكرت أبي راشد بأنه في الماضي، كان ينظر إلى الفتاة التي تلعب الالعاب القتالية بأنها تتعدى على ألعاب الشباب وتفقد أنوثتها لكن الآن أصبح هناك وعي أكثر وهذا جعلنا نرى الكثير من النساء اللواتي يبدعن في الالعاب القتالية لبنانيا.

أبي راشد وهي البنت الوحيدة في لبنان والشرق الأوسط التي تمتلك نادي ألعاب قتالية مرخص تخبرنا بأنها مدربة دولية تعطي محاضرات دائما في مصر والأردن وتركيا والعديد من البلدان وهي دائما عندما تسافر تتفاجأ الناس بأن فتاة تلقي المحاضرة عن لعبة قتالية لكن هذا دليل على أن المرأة لا ينقصها شيئ من اجل أن تبدع في هذه الرياضة.

أبي راشد وردا على سؤال حول اختيارها لهذا المجال عدا عن أي رياضة أخرى أجابت بأن اللعبة هي من تختارك ولست أنت من تختارها وأنا وصلت حاليا لدرجة من الشغف باللعبة حيث أعطي يوميا لأكثر من عشر ساعات دون ان اشعر بأي تعب او ملل. وقالت أبي راشد بأن الناس دائما يسألونها كم مشكل قمت به لكن الأهم بأن الالعاب القتالية تساعد الشخص والفتاة خاصة على تهذيب النفس والإبتعاد عن كل الأمور السلبية في الحياة كما تجعلها تخرج كل ما في داخلها من مشاعر سلبية وضغط.

أبي راشد قالت بأن لا يوجد أي سقف لطموحاتها وهي دائما ما تنصح الفتيات بأن لا يضعن حدا لطموحاتهن وأن لا يقفن عند أي حد حتى عندما يتعرضن للمحاربة فالشخص الناجح هو من تحاربه الناس وهذا ما يحصل معي لكن لا أكترث أبدا كما من الممنوع الإستسلام وأنا في احدى المرات كسرت يدي واستمريت في التمرين لأنه لا يجب أبدا أن نقف عند أي عائق.

تضم الرياضة النسائية في لبنان مواهب كثيرة وسيدات يصررن على رفع شأن هذه الرياضة عاليا وإثبات أنهن على مستوى قريب من زملاؤهم الرجال وكل ما يحتاجونه هو المزيد من الدعم والإضاءة الإعلامية على نشاطهن وإنجازاتهن إضافة إلى تقدير معنوي ومادي أكثر للتضحيات التي يقمن بها. والحقيقة تقال بأنه وفي حال دعم الللاعبات في شتى الالعاب الرياضية فإننا كبلد قادرون على تحقيق نتائج خارجية لافتة لما تملكه لاعباتنا من مهارات فنية وروح وإصرار على تحقيق المساواة على الصعيد الرياضي أقله من ناحية الإهتمام والمساعدة.

احمد علاء الدين