بعد ان قدموا كل ما عندهم من طاقات وامكانات وقدرات في مجال الالعاب التي اجبوها وبرعوا فيها، غاب نجوم لبنان المخضرمين عن الاضواء. واذا كان قسم قليل منهم لا يزال اسمه متداولاً في الحياة الرياضية اللبنانية، كمسؤولين رياضيين او مدربين او اداريين، فإن الغالبية بقيت غائبة عن انظار محبيها في لبنان.

صحيفة "السبورت" الالكترونية، قررت الاضاءة على عدد من اسماء ذهبية في عالم الرياضة اللبنانية، وتتبعت اخبارهم وتحدثت معهم، وستنشر تباعاً ما عادت به من معلومات عنهم.

إذا ما أردنا ذكر نجوم كرة القدم اللبنانية في عالم الثمانينات، فلا بد أن نمر على اسم ​عدنان بليق​ كابتن ​منتخب لبنان​ ونادي الأنصار الذي له صولات وجولات في ملاعب كرة القدم اللبنانية والعربية. صحيفة السبورت الإلكترونية التقت بليق وتحدثت معه عن آخر أخباره ونظرته إلى كرة القدم حاليا إضافة إلى مسيرته في الملاعب.

يعمل بليق حاليا في شركة صقر للهندسة والمقاولات وبدأ حديثه بالقول أن جيله كان بمثابة وهج وانطفأ ولولا بعض المحبين ومواقع التواصل الإجتماعي لما سمع بنا أحد في هذه الأيام رغم أيام العز التي عشناها وعاشتها كرة القدم اللبنانية بشكل عام. ويقول بليق أن عدم وجود وقت فراغ لديه هو السبب في ابتعاده عن كرة القدم لكنه ما زال بالطبع يتابع الدوري المحلي إضافة لكرة القدم الأوروبية. وعلى رغم حصولي على ثلاث شهادات في التدريب، لكن كما ذكرت لم أستطع التوفيق بين عملي وممارسة نشاط التدريب لذلك فضلت التركيز على العمل وليس على كرة القدم.

ويعتبر بليق بأن الفارق الفني في المستوى بين لاعبي الزمن الجميل واللاعبين اليوم ليس كبيرا رغم أنه لمصلحتنا، لكن ما نتفوق به بشكل كبير نحن هو الروح عندما ننزل لأرض الملعب، كنا بمثابة أخوة تذهب لخوض المباراة من أجل الفوز والبدل المادي كان رمزيا للغاية. كنا نتدرب على الملعب البلدي ومعاشنا كنا نصرفه فقط على شرب العصير بعد التمرين وكان يكفي فقط لشرب العصير! لكن ما دفعنا للعب هو حبنا للعبة وللنادي الذي نلعب له. اليوم هذا الأمر لم يعد موجودا، فاللاعب يشترط وجود المعاش وإلا يعتكف ولا بنزل حتى إلى التمارين.

كما أنه حاليا نجوم اللعبة معدودون على الأصابع، أما في أيامنا فكانت النجوم كثيرة وكل فريق يضم عددا كبيرا من نجوم الصف الأول وهذا يعود إلى أن مستوى كرة القدم اللبنانية للأسف هبط. وعزا بليق السبب إلى غياب الملاعب كبيرة الحجم المتاحة أمام الأولاد، فتلك الملاعب هي من تخرج لاعبين كبار وملاعب الميني فوتبول لا تصنع لاعبا فالملعب الكبير يتطلب أسلوب لعب مختلف فيركض أكثر ويسدد لمسافة أكبر وبطريقة أقوى وهذا أمر في الملاعب الصغيرة لا يحصل وعندما يبدأ اللاعب بممارسة اللعبة لسنوات على ملعب صغير ثم يعود ويلعب على ملعب كبير، يجد الصعوبة ويعاني.

وقال بليق بأن مستوى المدربين اللبنانيين جيد للغاية وكي أكون صريحا، وهذا حسب مفهومي الخاص، في الماضي لم يكن هناك على أيامنا خطط لعب بل كان المدرب يعطي فكرة عن طريقة اللعب مع تكتيك معين قبل أن ننزل إلى أرض الملعب وينفذها اللاعبين. الأمر نفسه يحصل اليوم، لكن الفرق أن اللاعبين ينفذون على مزاجهم خطة المدرب ويريد كل لاعب أن يطبق ما يراه مناسبا أو أن يبرز أكثر، فلا يوجد أسلوب لعب جماعي أو يلعبوا كفريق واحد بل يريد كل لاعب أن يبرز هو فقط . وأضاف بليق بأنه إذا ما نظرت إلى الدوري، ترى كل الفرق باستثناء العهد نوعا ما تسير في مسار متذبذب، فتارة فوز وتارة خسارة وهذا يعكس تصرف اللاعبين المزاجي ويؤكد كلامي بأن خطط المدرب لا تنفذ هذه الأيام وبالتالي لا يمكن لومه رغم أن هناك مبدأ في كرة القدم وهو خاطئ طبعا بأن الفوز يتشاركه الجميع والخسارة يتحملها فقط المدرب.

وعن الدوري هذا الموسم، أشار بليق بأن العهد هو الاقرب للفوز باللقب لأنه فريق يتمتع باستقرار إداري وفني وبقية الفرق تعاني من تذبذب في المستوى. الأنصار والذي دافعت عن صفوفه دفع غاليا ثمن الإستغناء في منتصف الموسم عن ربيع عطايا، فعطايا كان نصف فريق وكان ممسكا بخط الوسط وصاحب حلول هجومية كثيرة وبصراحة أستغرب تماما كيف تم السماح له بالرحيل بغض النظر عن أي تبرير.

وعن وضع فريقه السابق الأنصار في السنوات الأخيرة وابتعاده عن اللقب، قال بليق بأن المسؤولية الكبرى تقع على عاتق اللاعبين فعندما يقدم اللاعب كل ما لديه على أرض الملعب سيكون الفوز حليفك دون شك. أحيانا أتابع مباريات للأنصار أرى فيها نوعين من اللاعبين، نوع يركض ويتعب ويجتهد كي يقدم كل ما لديه ونوع آخر تراه لا مزاج له أن يلعب وكأنه فقط يمضي ساعات العمل. الإدارة والجهاز الفني دائما ما يقوموا بواجباتهم لكن يبقى اللاعب هو صاحب الكلمة الكبرى في أي مباراة وبالتالي يجب على لاعبي الفريق الأخضر أن يتحملوا مسؤولياتهم.

ويعتبر بليق بأنه لم يأخذ حقه أبدا كلاعب كرة قدم، وأنا عاتب جدا على بعض الإداريين في نادي الأنصار عندما كنت ألعب في صفوف النادي. فأنا حرمت من فرصة حياتي ففي أواخر الثمانينات أتاني عرض من الإمارات بعدما خضنا مباراة للمنتخب الوطني أمام المنتخب الإماراتي، العرض كان حوالي 200000 درهم مع سيارة وبيت ومعاش شهري بحدود ال10000 درهم. العرض كان رسمي وبعدما نزلنا إلى لبنان وصل العرض بشكل رسمي لكن أحد الإداريين الذي لا أريد أن أذكر اسمه أخفى رسالة العرض وتسلمتها بعد سنتين من وصولها ! عندها مزقت العرض وسافرت إلى سويسرا لمدة خمس سنوات وعدت بعدها للأنصار كي أختم مسيرتي فيه لأني أحب النادي لكن الفترة كانت قصيرة واعتزلت بعد أشهر قليلة.

وختم بليق حديثه بتوجيه رسالة للاعبين اللبنانيين بأن يلعبوا فقط للكنزة التي يرتدونها وأن يكون الإخلاص هو الأساس عندهم فلكي ينجح اللاعب يجب أن يلعب من قلبه وأن يسنى كل الأمور المادية التي تأتي لوحدها عندما ينجح.

احمد علاء الدين