نجحت الإنتخابات البلدية في اجتياز الامتحان الصعب الذي خضعت اليه، وأفرزت مجالس بلدية جديدة ورؤساء جددا في عديد من المناطق اللبنانية. الأمر اللافت في هذه الإنتخابات كان وصول أشخاص رياضيين، سواء نجوم سابقين، رؤساء أندية أو إداريين حاليين بارزين في الإتحادات الرياضية إلى المجالس البلدية، لكن الامر لم يقف هنا، بل تعداه إلى أن يتولى هؤلاء الأشخاص المنصب الأول في البلدية، ألا وهو منصب الرئاسة.


فمن ريمون سمعان نائب رئيس اتحاد كرة القدم الذي حافظ على منصبه رئيسا لبلدية فرن الشباك، إلى أحمد قمر الدين نائب رئيس اتحد كرة القدم والذي تبوأ منصب رئيس بلدية طرابلس، مرورا ب​فريدي كيروز​ أمين عام اتحاد التزلج الذي ترأس بلدية بشري، وأسعد النخل نائب رئيس اتحاد كرة الطائرة ورئيس نادي السفارة الاميركية الذي أصبح رئيس بلدية بيت شلالا، وصولا لإيلي بعينو الرئيس التاريخي لنادي التضامن الذي تولى رئاسة بلدية ذوق مكايل، علي أبو علي رئيس بلدية دلهون ورئيس نادي الطلائع دلهون في الدرجة الأولى لكرة السلة وإيلي مشنتف النجم الغني عن التعريف الذي أصبح رئيس بلدية عبرا، دون أن ننسى العديد من الوجوه الرياضية التي دخلت العمل البلدي من أوسع أبوابه.


ولا شك أن دخول هذه الأسماء سيعطي الرياضة دافعا قويا، خاصة أنها ستكون من صلب اهتماماتهم لما يدركون من أهميتها في تطوير الفرد والمجتمع وكذلك جذب أموال للبلدية في حال تم الإستفادة من أي منشأة رياضية موجودة في البلدة. في هذا التحقيق، وبعيداً عن السياسة، سنسلط الضوء على العلاقة بين العمل الرياضي والبلدي ، الدافع الذي يكمن وراء ترشح العامل في القطاع الرياضي إلى البلدية وعلى أهم ما سيحمله الرياضيون المنتخبون على رأس البلديات من مشاريع وأفكار تنمي وتطور العمل البلدي والرياضي معا.


فريدي كيروز


البداية كانت من عضو اللجنة الأولمبية اللبنانية سابقا، وأمين عام اتحاد التزلج الحالي، فريدي كيروز الذي أصبح رئيسا لبلدية بشري. التقينا كيروز وسالناه في البداية لماذا أخذ الخطوة بالترشح للانتخابات البلدية فأجاب: الرياضة والعمل البلدي برأيي مكملان لبعضهما البعض، وأنا اساس انطلاقي في الرياضة كان من مدينتي بشري من نادي التزلج ووصلت إلى ما وصلت إليه رياضيا من ورائها. العمل البلدي يتعاطى في كل القطاعات الشبابية وبالتالي الرياضة جزء لا يتجزأ منها. والبلدية هي حجر أساس في تطوير الرياضة ودعم الأندية بمختلف الألعاب إضافة لبناء المنشآت الرياضية اللازمة كما بتنشئة الجيل الصاعد على حب الرياضة وممارستها. كيروز رأى أن وصول رياضيين للمجالس البلدية سيسهم بلا شك في أن تكون حدة المناقشات أخف كون الرياضي يعلم جيدا معنى الحوار ولديه روح رياضية تجعله يتقبل كل ما يقال بصدر رحب، إضافة إلى أنها تعطي حافزا للشباب من أجل إيصال رسالتهم عبر رفع شأن بلدتهم كون طموح الشباب غالبا ما يكون كبيرا مرفقا بحماس لا محدود من أجل الوصول إليه.


وتابع: ان رياضة التزلج هي الرياضة الاساسية في بشري إضافة لوجود ثلاثة أندية كرة سلة ونادي للشطرنج كما أن هناك ناد تقدم بطلب للحصول على رخصة في اتحاد كرة القدم. نحن في البلدية سندعم كل هذه الأندية من أجل التقدم في كافة الالعاب التي تمارسها دون أي تمييز. كما أود ان أقول باننا سندعم كل الابطال الذين يحققون نتائج مميزة عبر صرف مكافآت لهم لتشجعيهم على رفع اسم بشري عاليا. أما فيما خص المنشآت الرياضية في بشري فقال ان هناك ملعب مسقوف مجهز من قبل النائبين ستريدا جعجع وأيلي كيروز وهو مطابق للمواصفات الدولية في لعبة كرة السلة والكرة الطائرة إضافة إلى ملعب للميني فوتبول.

وأكد أن هدفه هو إبعاد السياسة عن الرياضة وعن العمل البلدي ايضا ونحن على مسافة واحدة من الجميع إذ أننا كبلدية مسؤولة عن الكل في البلدة ومجددا اقول أنني كشخص رياضي تربيت على أن أكون على مسافة واحدة من الجميع. كما أبدى سعادته بوصول عدد كبير من العاملين بالقطاع الرياضي لرئاسة المجالس البلدية مؤكدا ان هذا يعكس مدى محبة الناس للرياضة وثقتها بمن يعمل بها. وختم حديثه مؤكدا أنه سيسعى لتقديم كل الدعم للشريحة الشبابية في بشري كي تصبح مدينة نموذجية وان كل إمكانيات البلدية هي بتصرفهم من أجل إعلاء الرياضة في بشري وإدخال رياضات جديدة إلى المدينة وأن تكون مثالا يحتذى به لكل المدن والمناطق اللبنانية.


ايلي مشنتف


هو نجم من نجوم الزمن الجميل في لعبة كرة السلة، عاصر إنجازات نادي الحكمة وكان عنصرا أساسيا فيها، انه إيلي مشنتف الذي انتخب رئيسا لبلدية عبرا. شرح مشنتف بداية الدوافع وراء ترشحه وخوضه لغمار العمل البلدي فقال: هو تحد جديد لي إنما من نوع آخر. فبعد تحقيقي لإنجازات كبيرة على الصعيد الرياضي، احببت أن أركز على العمل الإجتماعي والبلدي كي أحقق نفس الإنجازات وبنفس النوعية.

وقال: نجوميتي المطلقة في لعبة كرة السلة ساعدت في الإنتخابات البلدية فمحبة الناس لي وتقديرها لمسيرتي الطويلة في الملاعب ترجمت في صناديق الإقتراع، لكنها من جانب آخر تزيد من المسؤولية الملقاة على عاتقي حيث ينتظر الكل ما سيفعله إيلي مشنتف رئيس البلدية وعما إذا كان قادرا على نقل نجاحه من ارضية الملعب إلى العمل البلدي وبلدة عبرا تحديدا.


اما عن هدفه على رأس البلدية فيقوله بصراحة: العمل على الجيل الناشئ وجذبه للرياضة إضافة لتطوير الحياة الإجتماعية وبناء صرح رياضي مهم مع مسرح للنشاطات الثقافية كما بلا شك تحسين مستوى المعيشة لأبناء البلدة. الامر صعب، بحسب اعترافه، فعبرا ينقصها كل شيء، من بنى تحتية إلى مرافق وطرقات. نحتاج لعمل من الصفر لكنني مؤمن باني ساصل لهدفي المنشود. هو مشروع طويل لكنه ليس مستحيلا إذا ما تكاتفنا جميعا في البلدية لتحقيقه. شعارنا سيكون من الرياضة، التي تجمع ولا تفرق مع تقوية التعايش والإنصهار بين أبناء عبرا.


وأكد أن بلدية عبرا ستحاول قدر الإمكان الإستفادة من المنشآت الرياضية في الجوار وتحديدا صيدا حيث سيكون التعاون معها وثيقا. صيدا مدينة كبيرة وأنا هدفي ليس فقط عبرا، بل تشجيع كافة الانشطة الرياضية في معظم البلديات المجاورة لنا. وجزم بأن السياسة لن تدخل في بلدية عبرا كما كان يصر في السابق على عدم إدخال السياسة بالرياضة وأصلا تأثير الاحزاب في البلدة قليل وهذا امر جيد للغاية، نحن سنكون على مسافة واحدة من جميع السياسيين وسنحاول قدر الإمكان استغلال علاقتنا الجيدة بهم من أجل تحقيق الإنماء فقط ولا شيء غير ذلك بعيدا عن المصالح السياسية الضيقة.


واوضح انه تم الإتفاق في الإجتماع الأول للبلدية على لجان معظمها من الشباب كي تهتم بالأمور الرياضية والإنمائية. فيما خص الأندية الرياضية في عبرا، يوجد في عبرا ناد مرخص في لعبتي كرة السلة وكرة الطائرة، وسنسعى لإيصال فريق من عبرا لمصاف أندية الدرجة الاولى كي يمثل البلدة خير تمثيل كاشفا عن خطة لبناء مدينة رياضية في عبرا تشجع ممارسة كافة الالعاب وإدخال العاب جديدة، دون أن ننسى مساعدة بلديات الجوار بخبرتي الطويلة في الملاعب من اجل إعلاء شان الرياضة في الجنوب بشكل عام.


في الشق الإداري، يرى مشنتف أن تجربته على رأس ادارة نادي الحكمة والمشاكل التي حصلت معه علمته الكثير، وهو يتوقع أن يخضع لتجربة مماثلة في البلدية نظرا لصدقه وشفافيته في التعامل التي لا تعجب الكثيرين، "لكني لن ادع شيئا يقف في وجه حلمي بتحويل عبرا لبلدة مميزة ورائدة تكون مثلا أعلى لكل البلديات ولا شيء اسمه مستحيلا متى توفرت الإرادة والصدق في العمل، وأنا متأكد بأن سكان عبرا سيقفون إلى جانبي من اجل تحويل الحلم إلى حقيقة لانهم يحبون بلدتهم ولديهم ثقة كاملة بأني الشخص المناسب لقيادة هذا التحول التاريخي. كما أعد بأن الرياضة في عبرا ستشهد ازدهارا لم تشهده طوال تاريحها وسنخرج جيلا جديدا من الابطال الرياضيين الذين سيرفعون اسم عبرا عاليا كما رفعت اسمها انا في السابق، وسنثبت من جديد بأن الرياضة هي اساس المجتمع وحجر الزاوية في بناءه. "

ايلي بعينو

من عبرا انتقلنا إلى ذوق مكايل، حيث التقينا رئيسها إيلي بعينو وهو الرئيس الفخري لنادي التضامن الذوق والذي يلعب في دوري الدرجة الأولى لكرة السلة. لا يعتبر بعينو جديدا على العمل البلدي، فهو نائب رئيس البلدية منذ عام 1998 وعندما قرر رئيس البلدية السابق نهاد نوفل عدم الترشح مجددا، رسى الخيار على بعينو كي يصبح رئيسا لبلدية الذوق.


بدأ بعينو حديثه بالقول ان وصول أشخاص رياضيين لسدة رئاسة بلديات هو أمر مميز يساهم في تحقيق الرفاهية للمجتمع وتحسين ظروفه من كافة الجوانب لما يملكه هؤلاء من شغف بالرياضة ومن حب للحياة ورغبة في تحقيق أهداف عالية، كما انهم يتمتعون بحس المسؤولية اكثر من غيرهم ويستطيعون العمل تحت الضغط لانهم في حياتهم الرياضية معتادون على ذلك. ولفت الى أن ذوق مكايل كانت منذ خمسين سنة، وما زالت وستبقى فاعلة وبقوة على صعيد الرياضة، فهي تمتلك ثلاثة أندية مرخصة في كرة السلة، التضامن، الكهرباء ونادي أحياء الرياضة دون ان ننسى وجود مجمع نهاد نوفل الرياضي وهو مجمع ضخم تستطيع أن تمارس فيه كل الالعاب، وهدفنا نحن كبلدية، هو استقدام العديد من النشاطات والبطولات لتقام على أرضية هذا الصرح إضافة لتشجيع دخول رياضات أخرى إلى البلدية غير كرة السلة ككرة القدم، كرة اليد، كرة الطائرة، كرة الطاولة، الجودو وغيرها من الالعاب القتالية والفردية إذ نمتلك كل المقومات للمارسة هذه الأنواع من الرياضة في البلدة.


واضاف: الدعم سيكون بلا حدود لكل الرياضيين حيث سنشجع الجميع ونقدم لهم كل التسهيلات من أجل ممارسة رياضاتهم في الذوق دون أن ننسى الدعم المادي في حال تحقيق أي انجاز رياضي كمكافأة على ما يقدمونه للرياضة والمجتمع في الذوق. كما سندعم الاندية لأنها ملجأ الشباب من أجل الهروب من الآفات والعادات السيئة المنتشرة في الشوارع والتي تؤثر سلبيا على صحتهم وعلى المجتمع الذوقي بشكل عام.
وأكد ان السياسة في ذوق مكايل لم تكن يوما هدفنا ونحن قريبون من الجميع، علاقتنا جيدة مع كل القوى السياسية ونحن نقول لها لا للسياسة، نعم لمساعدتكم في عملية الإنماء مؤكدا أنه كان يدعو دائما لفصل الرياضة عن السياسة وهذا المبدأ سيطبقه ايضا في البلدية.

وختم بعينو حديثه إلينا بتوجيه رسالة للشباب الرياضيين في الذوق داعيا إياهم إلى بذل مزيد من الجهود لإعلاء شأن الرياضة في منطقتهم والبلدية ستكون دوما بجانبهم وستسخر كل امكاناتها المادية والمعنوية لهم، كما أكد أنه سيتعاون مع بلدات الجوار من أجل تشجيع الرياضيين في تلك المناطق على المجيء إلى الذوق وممارسة الرياضة عندنا، امر سيفيد كثيرا حيث سيقوي العلاقات الإجتماعية ويزيد من الإنصهار الوطني ويقرب الشباب أكثر واكثر من بعضهم البعض.


كان من الجيد أن يصل رياضيون على رأس بلديات مناطقهم وذلك عبر انتخابات ديمقراطية، ما يثبت ان الشعب اللبناني ما زال يمتلك شغفا بالرياضة وثقة عمياء بالرياضيين لما رآه منهم من صورة حسنة عكسوها أثناء مسيرتهم الرياضية سواء في الملاعب أو من وراء المكاتب.، يبقى ان يكون الرياضيون على قدر طموحات من انتخبوهم وأن يعطوا صورة رائعة عن العمل البلدي وفق أصوله كما أن يكونوا خير داعمين للرياضة والرياضيين لأنه لا تقدم ولا تطور إذا لم تكن الرياضة بمختلف مجالاتها الأساس في عملية بناء مجتمع سليم خال من البغض والتعصب والكراهية وفي العملية الإنمائية أيضا لأن الرياضة اليوم يجب أن تكون صناعة أكثر منها هواية.

احمد علاء الدين