وضع باستيان شفاينشتايغر حدا لمسيرته الدولية وهو على أبواب الثالثة والثلاثين بعدما أخذ قرار اعتزاله عقب أسابيع من انتهاء ​يورو 2016​. وكان الجميع ينتظر القرار الذي سيأخذه شفاينشتايغر بإكمال مسيرته الدولية حتى كأس العالم 2018 أو الإعتزال الدولي خاصة بعد خروج منتخب بلاده من الدور النصف النهائي لليورو الأخيرة أمام البلد المنظم فرنسا، في مباراة كان شفاينشتايغر فيها هو المسبب بركلة الجزاء التي اعطت فرنسا التقدم وساعدتها على تخطي المنتخب الألماني.

شفاينشتايغر الذي بدأ مسيرته الدولية مع منتخب ألمانيا كلاعب جناح سنة 2004 كان عنصرا هاما في المنتخب الألماني آنذاك لكنه لم يكن نجم الفريق الأول أو اللاعب الذي يقوم بادوار استثنائية في ارض الملعب. ومع مجيئ لويس فان غال لقيادة بايرن ميونيخ، فريق شفاينشتايغر آنذاك، قام المدرب الهولندي بخطوة تكتيكية هامة حيث نقل شفايشنتايغر من مركز الجناح إلى لاعب الوسط الإرتكاز. وربما لم يكن فان غال نفسه يعلم أنه بخطوته هذه، في تغيير مركز لاعب وهو في منتصف مسيرته ، سيفتح المجال أمام العالم لرؤية لاعب من طراز رفيع في هذا المركز فشفايشنتايغر لم يحتج لأكثر من أشهر قليلة كي يفرض نفسه نجما من نجوم خط الوسط في العالم.

ومع تألق شفاينشتايغر في مركزه الجديد، اعتمد ​يواكيم لوف​ عليه لقيادة خط وسط ملعب المنتخب الالماني وخاض الدولي الألماني كأس عالم ناجحة عام 2010 حيث لعب دورا أساسيا في إيصال ألمانيا لنصف نهائي البطولة ليعود ويلعب نفس الدور في يورو 2012. طموح شفاينشتايغر كان اكثر من ذلك، كان يريد وبكل بساطة لقبا دوليا مع ألمانيا في بطولة كبرى، وكان يعلم " النمر الألماني " كما يحب عشاقه أن ينادوه أن الحصول على لقب كأس العالم أو اليورو يحتاج لبذل جهد مضاعف وهو ما قام به تحديدا في كأس العالم 2014 حيث صال وجال في وسط ملعب ألمانيا وتوج مسيرته في تلك البطولة بدماء التي سالت من وجهه يوم نهائي البرازيل، دماء كتبت اسم شفاينشتايغر كأسطورة المانية أحرزت لقب كأس العالم لبلدها. بعد انتهاء تلك البطولة، آثر فيليب لام قائد ألمانيا وزميل شفاينشتايغر الاعتزال الدولي وهو في قمة المجد، رغم أنه كان يستطيع تقديم المزيد للمنتخب، لكن لام قرر الاعتزال كبطل عالم. شفاينشتايغر كان له رأي معاكس، قرر أن يكمل المسيرة مع المنتخب ووضع نصب عينيه هدفا آخر: يورو 2016.

قبل عام من اليورو وتحديدا في 2015 أخذ شفاينشتايغر قرارا بترك ناديه الام بايرن ميونيخ والذهاب لمانشستر يونايتد والأسباب كانت واضحة: لعب الموسم الذي يسبق اليورو بأكمله للوصول إليها بجاهزية تامة فمع بايرن، وفي ظل وفرة النجوم في خط الوسط، كان مبدأ المداورة هو المعتمد من المدرب الإسباني بيب غوارديولا ما يعني حصول شفاينشتايغر على دقائق لعب أقل أما مع مانشستر فالأسماء في خط الوسط ليست بقيمة النجم الألماني ما يعني أنه سيحظى بفرصة اللعب كأساسي طوال الموسم ومن دون اي تهديد من زملاءه ناهيك عن عودته للعب تحت قيادة فان غال، ذاك المدرب الذي كان له الفضل الأكبر في مسيرته.

لكن رياح شفاينشتايغر لم تجر كما تشته سفنه حيث تعرض لسلسلة من الإصابات جعلته يغيب لمعظم مباريات الموسم ما جعله يدخل اليورو وهو بعيد عن حساسية المباريات ليبدأ اليورو من مقاعد الاحتياط ويحصل على فرصته باللعب أساسيا بعد إصابة سامي خضيرة لأول مرة في الدور النصف النهائي امام فرنسا.

في تلك المباراة تسبب شفاينشتايغر بركلة جزاء بعد لمسة يد عليه وعانى بدنيا في الشوط الثاني ليتم استبداله بعدها رغم تاخر ألمانيا في النتيجة. كانت تلك العلامة بأن مشوار شفاينشتايغر الدولي قد اقترب من نهايته خاصة بعد خسارة ألمانيا لليورو وفشله في قيادة ألمانيا للقب أوروبي حلم به شفاينشتايغر كثيرا.

لا يختلف اثنان على الفراغ الكبير الذي سيتركه شفايشتايغر في خط وسط منتخب ألمانيا فلاعب بحجم شفاينشتايغر لن تنجب المانيا مثله بتلك السهولة، لكنه بلا شك أخذ القرار الصائب فاللعب في مونديال 2018 ليس بذاك الحلم الكبير له بعد التتويج بلقب 2014 والبقاء حتى 2020 للعب يورو أخرى وتحقيق حلمه بالتتويج بلقب قاري أمر أقرب للخيال.

كتب شفايشتايغر بنفسه صفحته الاخيرة في كتاب مسيرته الدولية، مسيرة كانت طريقا ممزوجا بالورد والأشواك، نجح مرات وفشل في اخرى لكنه بلا شك حفر اسمه في تاريخ منتخب المانيا تاركا فراغين، الأول عاطفي في قلب كل محب لمنتخب ألمانيا وكرة القدم الالمانية والثاني فني في قلب خط وسط ألمانيا.

أحمد علاء الدين