تعددت الخطط التكتيكية التي استعملها مدربو المنتخبات المشاركة في منافسات ​كاس امم اوروبا 2016​ حيث طبق كل مدرب رؤيته التكتيكية الخاصة والتي كان يرى فيها أنها تناسب فريقه بشكل كبير. وكان اللافت لجوء بعض المدربين الى خطط تكتيكة كانت غائبة في السنوات الأخيرة أقله عن الفرق والمنتخبات الكبرى الأوروبية خصوصا مع انتشار خطة 4-2-3-1 / 4-1-4-1 / 4-3-2-1 / 4-3-3 وغيرها بشكل كبير مع اعتماد معظم الفرق على فكرة رأس الحربة الوحيد. لكن هذه اليورو شهدت إحياء مدربين لخطة 4-4-2 و3-5-2 أو 3-4-2-1 وكلها اعتمدت على عوامل مشتركة لعل أبرزها ثلاثة مدافعين في الخلف ومهاجمان في الأمام.

دعونا نبدأ بخطة 4-4-2 والتي لعبها المنتخب البرتغالي الذي أحرز اللقب مع المدرب فيرناندو سانتوس والتي كان يحولها إلى 4-3-3 في الثلث الاخير من المباريات أو كما فعل في النهائي مع فرنسا بعد خروج رونالدو مصابا. اعتمد سانتوس في خطة 4-4-2 على مهاجمين صريحين هما رونالدو وناني وعلى توزيع لاعبي الوسط بواقع 1-3 أي لاعب ارتكاز صريح في الخلف وثلاثة لاعبين وسط ملعب في الأمام لا يميلون كثيرا للعب على طرفي الملعب بل في العمق مع ترك مساحة كبيرة لتقدم الأظهرة على الأطراف والقيام بلعب كرات عرضية لداخل منطقة الجزاء. سانتوس طبق الخطة بنجاح كبير مع تقارب الخطوط الثلاثة وبفكر دفاعي إنما ليس تقليديا، دفاع يبدأ من منتصف الملعب وإغلاق كامل له وليس الإعتماد على التكتل في الخلف في مشارف منطقة الجزاء لتظهر أن هذه الخطة تناسب المنتخب البرتغالي كثيرا مع رباعي وسط مميز ووجود لاعب الإرتكاز القوي في الخلف وهو كارفاليو إضافة إلى أظهرة جيدة إلى حد بعيد ومهاجمين يتمتعان بالسرعة المطلوبة، كما كان المنتخب أحيانا يعتمدها في الإستحواذ والمبادرة الهجومية لما تملكه من قوة تستطيع السيطرة على خط الوسط فكنا نرى خط دفاع البرتغال أحيانا بعيدا 40 مترا عن مرماه ما يدفع الفريق كله للأمام ويبقى الخطوط متقاربة لكنها لم تكن تحمل أفكارا مبتكرة هجوميا نظرا لإعتمادها فقط على العرضيات من الأظهرة والتي لم تكن فعالة كثيرا. كل هذا جعل مشوار البرتغال نحو اللقب يبدو غير مقنع لكنه في الواقع كان خليطا من الدفاع الجيد والإنضباط التكتيكي ومعرفة الوقت المناسب للهجوم.

خطة 3-5-2 برع فيها المنتخب الإيطالي مع أنطونيو كونتي، وليس جديدا أن يكون الطليان أقوياء دفاعيا لكن كونتي استفاد كثيرا هذه المرة من وجود بوفون وثلاثي دفاعي أمامه يلعب في جوفنتوس فبدا التفاهم كبيرا بينهما.

ما يحسب لكونتي هو القوة التي خلقها في خط الوسط مع الثلاثي دي روسي، جياكيريني وبارولو لكن الأهم كان إيجاد كونتي لثنائي متفاهم جدا في الأمام هو إيدر وبيلي اللذين كانا نقطة الإلتقاء الهجومية للفريق بدعم من ثنائي الوسط وأظهرة الفريق. وقد ميز هذا الفريق السرعة والحيوية إضافة إلى الحماس العالي والسرعة في عملية تحول الفريق من الحالة الدفاعية إلى الهجومية أو العكس، في الإرتداد الدفاعي بعد فقدان الكرة. ورغم كل الإصابات قبل وأثناء البطولة، استطاع كونتي اللعب بخطة استخرج منها كل قدرات لاعبيه وبدت أنها الأفضل لإيطاليا مع تلك المجموعة من اللاعبين وهي ساهمت إلى حد كبير في تقديم إيطاليا ليورو كانت جيدة إلى حد كبير.

خطة أخرى تعتمد على ثلاثة مدافعين 3-4-2-1 تلك التي اعتمدها كريس كوليمان مدرب ويلز خلال البطولةوالتي نجح من خلالها في إيصال ويلز للمربع الذهبي للبطولة للمرة الأولى في تاريخها. وكانت الخطة فعالة جدا فمع وجود رامسي وبايل، كانت الأنظار متجهة لكيفية توظيفهما سواء في وسط الملعب أو على الأطراف، إلا أن كوليمان لعب بثلاثة مدافعين في الخلف، مع ظهيرين وثلاثة لاعبي ارتكاز،ووضع بايل ورامسي وراء المهاجم الوحيد مع صلاحية التنقل يسارا ويمينا أو في العمق حسب معطيات اللعبة وأدوار أكثر دفاعية لرامسي الذي كان يتحول للاعب ارتكاز رابع عند فقدان الكرة مع بقاء بايل في الأمام مع رأس الحربة. ومع الأسلوب الدفاعي الذي انتهجه كوليمان والتكتل في الخلف، أعطت الخطة سرعة كبيرة في الهجمات المرتدة حيث تمت الإستفادة القصوى من قدرات رامسي وبايل في الإنطلاق السريع لمسافات طويلة بالكرة مع قدرة هذا الثنائي على الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط خاصة لرامسي الذي كان إذا صح القول كصانع ألعاب عندما تكون الكرة مع ويلز في حالة البناء الهجومي من الخلف.

أساليب خططية مختلفة انتهجها مدربو الفرق، منها من نجح ومنها من أخفق، لكن المؤكد أن هذه اليورو فتحت المجال أمام خطط كانت " خطط فرق الصف الثاني " أوروبيا في السنوات الأخيرة فهل تشهد فترة ما بعد اليورو عودة هذه الخطط لفرق الصف الأول ؟

أحمد علاء الدين