تخطت المباراة النهائية لبطولةأمم أوروبابين فرنسا الدولة المستضيفة والبرتغال حدود التوقعات التي سبقت اللقاء بين المنتخبين،بعدما أفضت تلك المواجهة إلى انتصار غير تقليدي لـ"برازيل أوروبا" باللقب للمرة الأولى في تاريخها.

لم تكن البرتغال من المنتخبات المرشحة للصعود إلى منصة التتويج قبل إنطلاق البطولة، وتعززت تلك الفرضية مع الاداء الباهت لرفاق كريستيانو رونالدو في دور المجموعات وتأهلهم كأفضل فريق يحتل المركز الثالث بدون أي إنتصار.

صحيح ان البرتغال لم تخسر أي مباراة في أمم أوروبا 2016، لكنها في المقابل حققت انتصاراً وحيداً خلال 90 دقيقة على حساب ويلز بهدفين دون رد في الدور نصف النهائي، وخاضت مساراً سهلاً منذ بلوغها دور الستة عشر بمعنى انها لم تواجه أي من منتخبات الصف الأول قبل المباراة النهائية أمام فرنسا.

إلا ان المنتخب البرتغالي الذي دخل منافسات البطولة بمنتخب شاب مطعّماً ببعض لاعبي الخبرة تعامل بحكمة مع المباريات التي خاضها بفضل فلسفة المدرب ​فرناندو سانتوس​ الذي يعرف ان منتخباً يضم نجماً واحداً من فئة "السوبر ستار"، فإن من الأفضل البحث عن التأثير المعنوي والنفسي لهذا الوجود قبل اي كلام آخر عن الامور الفنية.

تلك الفلسفة نجحت في المباراة النهائية أمام فرنسا، ففي الوقت الذي ظن فيه الجميع ان خروج رونالدو مصاباً في الدقيقة الخامسة والعشرين سيكون وبالاً على البرتغاليين، طبق اللاعبون ما تعلموه حيث كان كافياً بالنسبة لهم مشاهدة نجم ريال مدريد يجلس على مقاعد الإحتياط من أجل الحصول على الإلهام الذي خوّلهم قبل كل شيء الصمود أمام فرنسا وجماهيرها ومن ثم الإنقضاض عليها وتحقيق الفوز.

ربما تكون ركلة الجزاء التي أضاعها كريستيانو رونالدو أمام النمسا في دور المجموعات كانت بداية الطريق لتحقيق اللقب الأول في التاريخ، لأن تسجيلها ومن ثم الفوز في المباراة كان يعني ان البرتغال ستواجه إنكلترا، فرنسا وألمانيا على التوالي قبل بلوغ النهائي وهو مسار لا يمكن التكهن بنتيجته.

وفي حال قصد رونالدو إضاعتها أم لا، فإن تأثيره على فوز البرتغال باللقب كان واضحاً للعيان رغم خروجه في الدقيقة الخامسة والعشرين مما يعني ان فلسفة سانتوس التي لطالما أعلن عنها نجحت بإمتياز في إيصال لاعبيه لمنصة التتويج الأوروبية للمرة الأولى.

في المقابل وقع مدرب منتخب فرنسا ضحية فلسفة غريبة سواء لجهة الأسماء التي استدعاها للمشاركة في البطولة أو طريقة اللعب، وبدا واضحا ان المنتخب الفرنسي يفتقد الى القائد والذي لطالما شكلت هويته وطريقه ادائه على أرض الملعب حافزاً في مونديال 1998 ويورو 2000.

دخل ديشان البطولة الحالية وسط الكثير من الإنتقادات التي طالته جراء استبعاده أسماءً هامة وفي مقدمتها كريم بنزيما، حاتم بن عرفة، وماثيو فالبوينا وأصر على المكابرة وعدم الحاجة لأي منهم في الوقت الذي بدا واضحاً ان وجود بنزيما كان سيشكل دعماً إضافياً من أجل تحقيق الطموحات التي يصبو اليها.

ومع ان الفرصة كانت سانحة للفرنسيين من أجل مباغتة البرتغاليين بعد خروج رونالدو، الا ان ديشان أصر على اللعب بنفس الطريقة وهي 4-2-3-1 على الرغم من الفرص التي سنحت للأزرق على مدار الشوطين.
ويبقى القول ان أحداً لن يذكر بعد سنوات كيف بلغت البرتغال الى النهائي ولماذا خسرت فرنسا اللقب على أرضها، لأن التاريخ سيسجل فقط ان البرتغال توّجت بطلة ليورو 2016.