تختلف معايير تقييم المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بين ريال مدريد وجاره أتلتيكو خاصة وأن طعم الإنتصار يستر خلفه الكثير من العيوب فيما تفتح الهزيمة الباب أمام إلقاء المسؤوليات بغض النظر عما إذا كان الفريق الخاسر قد قدم اداءً جيداً أو خسر بركلات الترجيح.


من هنا لا يمكن إبعاد كل تلك الفرضيات عن موقعة سان سيرو التي منحت ريال مدريد اللقب الحادي عشر في تاريخه والثاني خلال ثلاث سنوات بينما خذلت أتلتيكو مدريد للمرة الثانية في ثلاثة أعوام أيضاً، وأظهرت أن الشجاعة لوحدها لا تكفي في مثل تلك الاستحقاقات الهامة لأن الصعود الى منصة التتويج الأهم كل موسم يحتاج في كثير من الأحيان لحسابات أخرى.


ومما لا شك فيه ان تتويج الميرينغي بلقب دوري أبطال أوروبا رفع الكثير من أسهم المدرب زين الدين زيدان وأفسح بالمجال أمام صنّاع القرار في الفريق الملكي للتأكيد على صوابية قرارهم باختيار "زيزو" مطلع هذا العام، ليكون خير خلف لسلفه رافائيل بينيتيز.


لكن وعلى الرغم من الانتصار الذي شكل خير تتويج لبداية مسيرة جديدة لزين الدين زيدان مع ريال مدريد، إلا أنه بدا واضحاً حاجة الفرنسي لمزيد من الخبرة في التعاطي مع تلك المناسبات بعدما كانت الأمور تفلت من بين يديه بسبب التغييرات المتسرعة التي أجراها قبل نهاية المباراة ودون إدراك لما يمكن ان تشهده المواجهة من أمور طارئة بغض النظر عن صحة الأسماء البديلة أو المستبدلة.


ولعل هذا الأمر سيلقي بظلاله أكثر على المرحلة المقبلة التي ستشهد من دون أدنى شك سلسلة من التغييرات داخل الفريق الأبيض وهو ما يفرض تعاطياً مختلفاً من جانب زين الدين زيدان خاصة وان الريال مقبل على الكثير من الاستحقاقات المحلية والأوروبية والعالمية.


على أرض الملعب كان جلياً ان النجم كريستيانو رونالدو لم يكن حاضراً لا فنياً ولا بدنياً حتى ان البعض ذهب للقول ان الريال لعب بعشرة لاعبين طوال المباراة وهو قول غير مبالغ فيه لأن البرتغالي بدا عالة على الفريق، حيث أخذ الويلزي غاريث بايل على عاتقه مهمة تعويض هذا الغياب ونجح في كثير من الأحيان في فرض نفسه نجماً للريال إلى جانب آخرين.


في المقابل لم يتخلَ الحظ العاثر عن مدرب أتلتيكو مدريد دييغو سيميوني وبدا كمن يتخطى الصعاب من أجل حضور حفل زفافانتهى لدى وصوله، لذلك فإن الأرجنتيني خرج من تجربته الثانية في نهائي دوري أبطال أوروبا بقناعة مفادها انه لا يكفي الفوز على برشلونة وبايرن ميونيخ من أجل التتويج بالكأس وان كان المنطق يقول ذلك، كما لا يكفي ان تتقدم على خصمك حتى الدقيقة الأخيرة كما حدث عام 2014 لأنه ليس شرطاً أن يكون الفائز باللقبهو الفريق الأفضل دائماً.


وعلى الرغم من كل ما فعله سيميوني مع أتلتيكو مدريد في السنوات الماضية والتعاطف الواسع الذي حظي به من مختلف أرجاء العالم، الا انه مايزال بحاجة لابتداع تكتيك في المباريات النهائية يختلف عما يفعله في المباريات العادية، اذ لا يكفي أن تقفل ملعبك وتنتظر مبادرة الفريق المنافس كما حدث في مباراة السبت أمام ريال مدريد.


ارتكب الأرجنتيني خطأ كبيراً على الأقل في الشوط الأول عندما أفسح بالمجال أمام الريال لمحاصرته مع العلم ان اتلتيكو من الفرق التي تتمتع بقوة بدنية تخوله الانتشار بشكل أفضل في مختلف أرجاء الملعب الا ان ذلك لم يحصل في موقعة سان سيرو وفضل سيميوني انتظار ما سيفعله الريال حتى وجد شباكه تهتز بهدف مباغت.


انتهت منافسات دوري أبطال أوروبا لهذا الموسم بفوز مستحق للريال وخسارة غير عادلة لأتلتيكو، لكن من دون شك ستبقى المباراة النهائية خير تجربة للمدربين من اجل الإستفادة من أخطائهما في المنافسات المقبلة.