لم يكن التألق الذي أظهره ​محمد صلاح​ مع فريقه الجديد ​فيورنتينا​ هو الوحيد الذي شغل وسائل الإعلام في أوروبا والعالم، بقدر ما سعت معظمها لمعرفة ما يدور في ذهن مدرب تشلسي جوزيه مورينيو الذي منح اللاعب المصري موافقته للعب معاراً مع الفريق الإيطالي قبل نحو شهر من الآن، بعد الأداء الرائع الذي قدمه في المباريات السبع التي لعبها مع فريقه وتوّجها بتسجيل ستة أهداف في ثلاث مسابقات مختلفة.


ليست هي المرة الأولى التي يتألق فيها لاعب عربي في أوروبا لكن ما فعله صلاح يؤكد أن هذا اللاعب الذي لم يجد الفرصة في بلاده، في طريقه لترك بصمة كبيرة قد تفتح آمامه آفاقاً واسعة للإبداع في الفرق الأوروبية الكبيرة.


صحيح أن محمد صلاح تألق مع بازل السويسري وقاده للفوز ببطولة الدوري عام 2013 وهو ما مهّد الطريق أمامه للإنضمام إلى تشلسي بفضل هدفين سجلهما في مرمى الفريق الإنكليزي ضمن منافسات دوري أبطال أوروبا، لكنه وقع ضحية وجوده بين الكثير من الأسماء الكبيرة في البلوز وهذا بحد ذاته أقفل الباب أمام مشاركته كأساسي في مباريات كثيرة في الدوري الإنكليزي، فكان الخيار التوجه الى ال​كالتشيو​ رغبة بصقل موهبته أكثر مع انه لم يتخطى الثانية والعشرين من عمره.


وعندما توجه الى فيورنتينا استقبلته الجماهير بصورة "اللاعب المنقذ"، وبدا ان المصري قد تعلم من تجربته الإحترافية فكانت النتيجة تألق غير محدود وأهداف نقلت الفريق الى موقع مهم في الدوري وقد يصبح ثالثاً في حال الفوز على لاتسيو اليوم، كما ان فيورنتينا بات قريباً من التأهل الى نهائي كأس ايطاليا بعد الهدفين الرائعين الذي سجلهما في مرمى يوفنتوس في ذهاب الدور نصف النهائي يوم الخميس الماضي، وهو ساهم أيضاً بتأهل الفريق الى الدور السادس عشر من الدوري الأوروبي.


لم تأت كل هذه الإنجازات من قبيل الصدفة إنما جاءت لتعبّر عما يمتلكه اللاعب من إمكانيات فنية قد تجعل بقاءه في ايطاليا أمراً صعباً اذا ما قرر مورينيو استعادته في الصيف المقبل على الرغم من أن فيورنتينا قد يكون مستعداَ لإكمال الصفقة بأي ثمن بعدما أظهر انسجاماً سريعاً مع فريقه وتناغماً لا محدود مع الجماهير التي أطلقت عليه لقب "ليو صلاح".


بدأ صلاح أهدافه مع فيورنتينا في مباراة ساسوولو (3-1) في الدوري الإيطالي ثم سجل هدفا بعدها في مباراة تورينو (1-1)، وآخر في مرمى توتنهام الانكليزي (2-0) في إياب الدور الثاني من مسابقة يوروبا ليغ، أما هدفه الرابع فكان في مرمى إنتر ميلان (1-صفر) في المرحلة الخامسة والعشرين من الدوري الإيطالي، وسجل الخامس والسادس في مرمى يوفنتوس في كأس ايطاليا.


ومما لا شك فيه ان استمرار محمد صلاح على هذا المنوال سيجعله يهدد عرش نجم مانشستر سيتي يايا توريه والذي هيمن على لقب أفضل لاعب افريقي في السنوات الماضية وهو أمر لا يبدو صعب المنال في المدى المنظور.


من الواضح أن محمد صلاح نموذج للاعب عربي استفاد من فرصة إحترافه في أوروبا ليوّجه رسالة عملية على قدرة اللاعبين العرب على إبراز موهبتهم متى ما أتيحت لهم الفرصة للخروج من بلدانهم، لكن يبقى القول ان الكثير من الاندية العربية تساهم في في إحباط تلك المواهب من خلال التعنّت في السماح لهم بالاحتراف الخارجي وهذا بحد ذاته يقتل طموحاتهم ويعبث بآمالهم بالبحث عن فرصة خارجية تمنحهم الانطلاقة نحو المزيد من التألق.