علاقة الانسان بالكرة قديمة وقدمية جدا، وهي تكاد تكون اساسية بفعل الرياضات العديدة التي تم ابتكارها وباتت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

فخارج ميادين الاحتراف، ينشأ الانسان مع الكرة ويطور علاقة وطيدة معها فتواكبه في كل مراحل حياته.


صحيفة "السبورت" الالكترونية من خلال الزميل برنار الطّيار توجهت الى الدكتور شارل كسرواني(*) ليطلعها على ابرز عوامل تطور هذه العلاقة قديما، قبل ان يخوض معها غمار كرة القدم بشكل خاص وتحرك كل طرف من اطراف القدم ودوره في عملية ركل الكرة. في حلقة اليوم سنتكلم عن القدم بالتفصيل من حيث تركيبتها البيولوجية والإصابات التي تتعرض لها وطرق معالجتها.

العُرْقوب (la cheville) هو المفصل الذي يربط الساق بالقدم. يتكوّن هذا المفصل من عظمة نهاية الساق الخارجي ويُسمى بالكاحل الخارجي لعظمة fibula، ومن نهاية الساق الداخلي ويُسمّى بالكاحل الداخلي لعظمة tibia.

يتكوّن هذا المفصل أيضاً من عظمة ثالثة وهي talus أو astragale. إن هذه العظمة الثالثة المتحركة تنقل وزن الجسم إلى القدم.

يقوم هذا المفصل بحركات ثلاث حرة في الفراغ، ليُجسِّد للقدم حريتها البيوميكانيكية في ألإتجاهات والحركات.

1- إلتواء – إمتداد (flexion-extension)

2- إبعاد نحو المحور – تقريب محو المحور (abduction-adduction)

3- دوران محوري – اسفل – وبسط (rotation axiale / prono-supination)

إن حرية التصرف الحركي لهذا المفصل يجعل من القدم آلة ذات حرية كبيرة، وهنا تَكْمن براعة لاعب كرة القدم في كيفية إستعمال الإتجاهات ليتمكّن من تحديد هدف الكرة.

يقوم التنسيق العملي بين الساق والقدم إذاً من خلال مفصل العرقوب (la cheville)، مرتكِزاً على وضعية العظم الهندسية في المفصل، ومرتكِزاً أيضاً على العضلات والاربطة التي تُثبِّت فراغات المفصل الطبيعية.

كلما كان هذا المفصل قوياً عضلياً وثابتاً في الحركة، كلما تمكن لاعب كرة القدم من المثابرة الطويلة في اللعب.

خلال النشاط الرياضي وعندما يتعرّض مفصل العُرقوب الى إنعكاس وتضارب في العمل البيوميكانيكي، يقوم هذا الأخير بتعديل مفصليّ ليُصحِّح من خلال ردة فعل انعكاسية الحركة الخاطئة.

لكن في الحقيقة العلمية الطبية ولِتجنُّب إصابة العضلات والاوتار، فإن وقت ردة الفعل هو بأطول من الحركة المُسبِّبة للإصابة.

إن أصابة العرقوب، أثناء إلتواء المفصل، تتمّ بأقل من 30 جزء من الالف من الثانية (30ms).

بيد أن اول جواب تصحيحي بيوميكانيكي من قبل عضل الساق لعظمة fibula يلزمه 80 جزء من الالف من الثانية (80 ms)، هذا ما يُسمى بالمفعول الرجعي feed-back او retroaction.

من ناحية رياضة كرة القدم، فإن مفصل العرقوب هو الذي يقوم بدفع، برَمية، بقذف، بإرسال الكرة، وليس القدم. لذلك تُسمى هذه المنطقة المفصلية: منطقة عنق القدم أو ضربة القدم (cou ou col du pied).

يرتكز جسم الإنسان في الوزن والحركة على العرقوب والقدم. لا يمكن تجاهلهما في الحياة اليومية أو الرياضية.

ثلاثة اربطة من الجهة الخارجية اي الكاحل الخارجي هي الأساسية في إستقرار الكاحل الخارجي مع القدم. ووتر واحد كبير يربط الكاحل الداخلي بالقدم. إضافة الى مجموعة كبيرة من الأربطة المترابطة مع بعضها البعض تجعل من هذا المفصل محور إستقرار التوازن الجاذبي.

اما العضلات تقوم بتسهيل لإداء الحركات المفصلية الهندسية. لتقوية هذه المجموعة من العضلات والأربطة يلزم تقوية عضلات (le mollet) ربْلة الساق ووتر العرقوب من خلال تمارين التوازن على قدم واحدة والقفز.

يتأثر مفصل الركبة بحركة العرقوب عظمياً وعضلياً.

بالاخص إذا تعرض هذا الاخير الى الإصابة. أنه من النادر أن يُصاب، لكن بحالة الإصابة فإنها بغاية الخطورة والجدية.

يتعرض لاعب كرة القدم لكسر الكاحل الخارجي في اغلب الاحيان. والكسر الداخلي لا يخلو من الإحتمالات.

يُصاب ايضاً بتمدد الاربطة الثلاثة من الكاحل الخارجي، أو بتمزقها.

إن أكثر الإصابات هي التواء المفصل هذا، ويتعرض له الجميع.

والإلتواء هذا عبارة عن تمدد الاربطة اكثر من إمكانيتها البيوميكانيكية. اما الإصابة الاخطر هي تمزق الاربطة عن المفصل العظمي.

ان جسم الإنسان غير ثابت بيولوجياً. يخضع لعناصر الطبيعة ومنها الحركة الباطنية الداخلية. فخلايانا نابضة بحالة مستمرة منذ الولادة. توقفها يعني الموت.

لكن الجسم لا يمكنه التحرك إلا من خلال خلايا العصبية-العضلية (neuro-musculaire) المربوطة بالجهاز العصبي ومركزها الدماغ.

عند إصابة لاعب كرة القدم في منطقة العرقوب يتولّد أولاً الورم (l’oeudème) ومن ثم النزيف الجزئي (l’hématome) ومن ثم الوجع. وهذه الحالات الثلاث ينظمها الدماغ ويرسل الامر بحدوث ذلك نتيجة الإصابة، خلال أجزاءً من الألف من الثانية.

- الورم، يتكوّن لحماية المنطقة المصابة ويُلزمها على التوقف عن الحركة. والورم هو عبارة عن سائل يخرج من الاوعية الدموية ويتجمع في منطقة الإصابة ويسبب بتنفّخها.

- الوجع، هو امر هورموني (endorphine) من الدماغ، فيرسله عند الإصابة لاول عشرين دقيقة ليخفف من حدة الإصابة، ويسهّل على المصاب ان يتحمّل الوجع ويبقيه يقظاً للتفكير.

هذه المادة (endorphine) يزول مفعولها بعد عشرين دقيقة من الدم.

إن سلاح لاعب كرة القدم هو قدمه ومفاصلها.

عليه معالجتها بسرعة وبجدية مهما كانت درجتها.

فالمعالج الفيزيائي للفريق له أول تدخلٍ سريعٍ وفعال.

يمكنه المعالجة وتأهيل المنطقة المصابة بحسب إصابتها .

وفي الحال القصوى يكون للطبيب الجراح الترميم العظمي أو المفصلي.

ان تأهيل اصابة العرقوب صعبة ويلزمها الوقت الضروري لانها صلة وصل ما بين الساق والقدم والركبة.

فالتأهيل الفيزيائي يُعيد توازن هذه المناطق العضوية فيما بينها ليتمكّن عندها لاعب كرة القدم من إستعادة نشاطه الرياضي:

إمكانية إستعادة الوقوف – إمكانية الركض – السيطرة على توازن الجسم وإستقراره ومواجة عنصر الجاذبية – إمكانية إعادة الحركات الهندسية الطبيعية لهذا المفصل المربوط بالقدم والساق معاً – إعادة أمكانية تناغم العمل البيولوجي لجميع العضلات والأربطة ما قَبْل وما بعد مفصل العرقوب.

ليتمكن عندئذٍ لاعب كرة القدم ممارسة الحركات الفنية الخاصة بهذه الرياضة.

(*) الدكتور شارل كسرواني هو معالج فيزيائي، وأخصائي بالحركة البيوميكانيكية الرياضية
physiothérapeute medico-biomécanique du sport.