علاقة الانسان بالكرة قديمة وقدمية جدا، وهي تكاد تكون اساسية بفعل الرياضات العديدة التي تم ابتكارها وباتت جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية.

فخارج ميادين الاحتراف، ينشأ الانسان مع الكرة ويطور علاقة وطيدة معها فتواكبه في كل مراحل حياته.


صحيفة "السبورت" الالكترونية من خلال الزميل برنار الطّيار توجهت الى الدكتور شارل كسرواني(*) ليطلعها على ابرز عوامل تطور هذه العلاقة قديما، قبل ان يخوض معها غمار كرة القدم بشكل خاص وتحرك كل طرف من اطراف القدم ودوره في عملية ركل الكرة. في حلقة اليوم سنتكلم عن القدم بالتفصيل من حيث تركيبتها البيولوجية والإصابات التي تتعرض لها وطرق معالجتها.


في مراحل بداية تطور القدم كانت وظائفهأ محدودة جداً. ترتكز على تسلّق الأشجار، وشكلها البيولوجي كان متناسقاً مع هذه الوظيفة.
ومع التطور الإكتسابي والحاجي تغيّر شكل القدم في أجزائها الثلاثة في التركيب الداخلي (anatomie) بحيث إستطاع الإنسان إنحنائها الى الخلف – (flexion) – الى مدّها الأمامي – (extension) – وفي الإتجاه الدائري (mouvement rotatoire).
بالوقت عينه تطورت العضلات القليلة جداً في القدم إنما الأوتار، ويزيد عددها عن 107 وتراً، تأقلمت مع الحركة البشرية أي السير على القدمين والركض.

الوتر (tendon et ligament) يتكوّن بيولوجياً من ألياف الكولاجين (le collagène) ووظيفتها في الجسم ربط العضل في المفصل ومقاومة الضغط الخارجي على المفصل والعضل معاً. فإن إمكانية الأوتار أو الأربطة عالية جداً لكن عتبة المزق أو الكسر محدودة عندها لأنها لا تخضع لعملية التمدد أو التقلّص كما في العضل. لذلك، فإن إصاباتها متعددة وبالغة الأهمية ولا يمكننا تجاهلها عند أي أنسان إن كان رياضياً أم لا.
والوتر الأساسي في القدم هو وتر العرقوب (tendon d'Achille) الذي يخزن الطاقة عند إتصال القدم على الأرض ومن ثم يدفعها الى الأمام. هذا الوتر يربط ربْلة الساق ( le mollet) بعظمة كعب القدم.
أما الأربطة الاخرى العديدة تقوم بعملية التوازن فيما بينها عند كل حركة تقوم بها القدم بأي إتجاه كان.
فيتم عندئذٍ توازن متناغم في الحركة العملية الميكانيكية ليتمكّن اللاعب، خاصة، من المحافظة على إستقراره في خط التوازن الجاذبي مع الأرض. وكلَّ ما كانت سرعة التواصل والتناغم فيما بين الأربطة والوتر الأساسي قصيرة جداً وسريعة، فردة الفعل من خلال سرعة نقل الرسالة التنفيذية من الدماغ تكون بدورها سريعة أيضاً، كلّ ما كانت حركة القدم سليمة ومنتجة رياضياً.




يتعرّض لاعب كرة القدم الى الإرهاق العضلي والاربطة والمفاصل بما ان القدم هي أول أتصال مع الكرة.
يوّلد الإرهاق هذا تقلّص الحركة الرياضية، اي من خلال الكرة. يُضعف إنتاج لاعب كرة القدم من خلال عدم إمكانية مقاومة الاربطة لصدمات الكرة. يولّد إلتهابات متنوعة في الوتر الأساسي أو الأربطة الموزعة في الإتجاهات الأربعة للقدم وبالأخص للأربطة التي تقوم بالحركة الدائرية للقدم المفصلية.

- في حال تمّ الضغط بشكل عشوائي على عضلات وأربطة القدم يتعذّر على لاعب كرة القدم من متابعة اللعب بسبب تولّد التهابات حادة في بعض الاربطة الهامة في الحركة الميكانيكية.

- وفي حال لم يُقَيِّم لاعب كرة القدم جيداً ردة فعل القدم اثناء الصدمة القوية يمكن لهذه الأربطة التمزّق. وهنا الأصعب لدى اللاعب، فعليه التزام الفراش بعد خضوعه لعملية جراحية ترميمية للوتر او للاربطة الممزقة وخضوعه فوراً لإعادة تأهيل للمنطقة المصابة بالعلاج الفيزيائي.

- أنما حالة كسر العظم هي جزء أساسي من أصابات القدم عند أي انسان كان، وبالاخص عند لاعب كرة القدم.
فإن 107 وتراً و26 عظمة و20 عضلاً و16 مفصلاً في القدم لا تجعل منها حلقة محمية في المطلق ولا منطقة بعيدة جداً عن الاصابات العديدة في مكوّناتها المذكورة الأربعة.





يتضمّن العلاج الطبي :
- الاول هو الراحة المطلقة (immobilisation) وتثبيت القدم ورفعها بحسب الإصابة وعدم تحريكها إذا كان ذلك من الدرجة الأولى. وضع الثلج المكثّف (cryotherapie) لمدة 20 دقيقة كل ساعتين. وتناول المسكنات للوجع.
- الثاني، في الإصابة الأكثر أذية قبل تمدد العضلات أو الالربطة (tendinopathie- myopathie – entorse) على اللاعب تناول الادوية المضادة للإلتهابات العضلية (anti-inflammatoire) وذلك بسبب نتيجة الإصابة يتوّلد في المنطقة المصابة إلتهابات في الخلايا ما بين الاوعية الدموية والعضلات والأربطة، مما يولد خللاً في التبادل البيو-كيميائي (biochimique) فيظهر النزيف الجزئي (hématome) والورم (oeudème).

-الثالث، وبحال التمزق الوتري أو كسر العظم فعلاجهما هو الترميم الجراحي.
بعدها ومهما كانت الإصابة أو العلاج بالأدوية يتبع ذلك العلاج الفيزيائي.
يكون هذا العلاج متناغماً مع نوع الإصابة وحدتها ودرجتها. من تدليك طبي مختص أو تمارين عضلية لإعادة توازن عضلات الحركة والحركة المضادة (agoniste et antagoniste)، ليعود هذا التوازن البيو-ميكانيكي الى العمل ضمن ردة فعل رياضية سليمة وصحيحة بما يُسمى علمياً: الأحاسيس الصادرة عن الجسم والتي تدل عن الوضع والحركات والتوازن (la proprioception).
كما التدريب الرياضي المحترف لدى لاعب كرة القدم يرتكز على توجيهات المدرب المختص، فإن العلاج الطبي-الفيزيائي يعود الى المختص عينه.
لا يصحّ إهمال نوع ودرجة الإصابة.
كل خلل وظيفي يجب تقييمه بشكل جدي ليتمكّن لاعب كرة القدم من إستعادة نشاطه بأسرع وقت وبطريقة فعّالة بعد إلتزامه التوقف لبعض الوقت.
إن تناول الأدوية يعود دائماً لإستشارة الطبيب أو المعالج الفيزيائي الذي يرافق فريق كرة القدم. لهما وحدهما المعرفة العلمية الطبية للمعلاجة ووصف الادوية المناسبة بحسب الإصابة.
على لاعب كرة القدم أَلاَّ يتخطى مِقْدار ثقته بذاته وبقوته العضلية. فجسم الانسان له حدود قصوى، إذا تخطاها يغرق بالإصابة ولربما الإعاقة الدائمة.
فذكاء لاعب كرة القدم وفطنته وحَدْسه وإستباقه كافية لحمايته من الخطر الكبير. إن أقدم آلة ناي من عظمة الساق تعود الى 10.000 سنة.



(*) الدكتور شارل كسرواني هو معالج فيزيائي، وأخصائي بالحركة البيوميكانيكية الرياضية
physiothérapeute medico-biomécanique du sport.