بدأت قصّته مع لعبة كرة السلة من مدرجات ملعب غزير. عشق اللعبة وابطالها فاحترفها واصبح احد اهمّ ابطالها واركانها. فاستحق ان يصبح قائد منتخب الأرز وحامل همّ اللعبة وهمّ رفاقه وهمّ بلاده.

ومن اهمّ صفات ​ايلي رستم​ ايضا، الروح القتاليّة العالية الى جانب الموهبة والتواضع. تعلّم ان يحترم هذه اللعبة وقوانينها ويلتزم القواعد التي تقود الى تحقيق الانجازات. فكرّس الرستم وقته وتركيزه للتمارين ولتطوير قدراته وامكاناته التي ترجمها قتالا في كلّ مباراة يخوضها.

الخسارات علّمته ان يعمل ليصبح افضل والانتصارات علّمته التواضع والفخر والمثابرة. والاصابة التي تعرّض لها علّمته الصبر. ومن ليس لديه نعمة الصبر يقع في فخّ التسرّع والغضب والفشل.

وفي ملعب غزير يوم كان ايلي يلعب مع نادي ​الحكمة​، وكان يخوض مباراة الدربي ضد النادي الرياضي تعرّض لاصابة كبيرة في كتفه ابعدته عن الملاعب اشهر طويلة قاسية ولكنّها غالية. غالية لأنّ حماسه في مساعدة فريقه سبّب له الاصابة ولأنه ساهم يومها بفوز فريقه على خصمه.

الأشهر القاسية التي عاشها ايلي رستم بسبب هذه الاصابة جعلت التعبئة العامة التي فرضها فيروس كورونا اقلّ صعوبة، الفرق الوحيد انّ الفيروس خطر على الجميع يقول ايلي، وواجب كلّ انسان ان ينتبه ليحمي اهله واحبائه. ولأول مرة منذ سنوات طويلة، وجد ايلي نفسه في المنزل وبعيدا عن التمارين، هو الذي كان يتمرّن مرتين في اليوم منذ بدأ يمارس لعبة كرة السلّة اي منذ أكثر من ١٥ سنة.

في بداية الحجر، ويتمنى ايلي الّا نعود الى الحجر بسبب ازدياد ارقام الاصابات مؤخرا، انهى بعض الأعمال المنزلية المتراكمة، وفي ما بعد عاد الى التمارين الرياضيّة، بين المشي لساعات طوال في الطبيعة والدراجة الهوائية.

وككل اللاعبين تقريبا، تأثّر ايلي رستم بالوضع الاقتصادي المتردي، خصوصا بعد توقّف الدوري اثر اندلاع ثورة ١٥ تشرين الأول ٢٠١٩، وهو اذ يشكر رئيس نادي بيروت الأستاذ نديم حكيم الذي دفع ٥٠٪؜ من المستحقات للاعبيه، ولكنّه يشير الى المبالغ الكثيرة غير المدفوعة له من اندية مختلفة، وهو كغيره من اللاعبين ضحيّة الأزمة الاقتصاديّة.

ولأول مرة منذ احترف كرة السلّة، لجأ رستم الى مهنة أخرى بعيدا عن الرياضة، فبدأ يعمل في العقارات علما انّه مهندس وحائز على ماجيستير في الادارة الرياضيّة.

فهل هذا يعني انّ ايلي رستم لن يعود الى الملاعب؟ على العكس فهو يتمنى ان يبدأ الدوري وتعود المنافسة ويعود الى الملاعب، فهو ينتمي الى هذه اللعبة وهنا يعيش شغفه لكرة السلّة، ولكنّه علّق على بعض الأرقام المتداولة للموسم المقبل وقد اعتبرها بعيدة قليلا عن المنطق ومجحفة بحقّ اللاعب. موضحا انّ التضحية يجب ان تأتي من الأطراف كلّها، ومن الطبيعي ان تنخفض الأرقام قليلا ولكن أمنيته الّا تكون التضحيات فقط على حساب اللاعب لا سيما وانّ عددا كبيرا منهم لا يملكون مردودا آخر، ويقدّمون لهذه اللعبة ما تحتاجه وتستحقه من وقت وتضحيات خارج وداخل الملعب.

يحاول ايلي رستم ان يضع المنطق قبل المشاعر في هذه المرحلة الاستثنائية. وان يكون ايجابيا رغم كلّ شيء، علما انّ مشاكل كرة السلّة في لبنان ليست جديدة. بعض القرارات وبعض المواقف سبّبت اضرارا للعبة ولأركان اللعبة وقد يكون اللاعب اللبناني الخاسر الأكبر. وجاءت الأزمة الاقتصادية وتلتها ازمة فيروس كورونا لتقضي على احلام الكثيرين وليس فقط في عالم كرة السلّة.

ويضيف ايلي انّ الثقافة الرياضية غير ناضجة في بعض المجتمعات العربيّة ولا سيما في لبنان، لذلك تعاني الرياضة ويعاني الرياضيّ، وتزيد هذه المعاناة في ازمنة الأزمات مثل الآن، لأن اللعبة ليست مبنيًة على اسس متينة فتتصدع عند ادنى مشكلة، ويتابع، قد تكون هذه الأزمة وهذا الوقت محفزا لانطلاق ورشة عمل تسعى الى تحديث القوانين وتطويرها لتحمي اللعبة قدر الامكان من الأزمات المتتالية، ولتحمي اللاعب اللبناني الذي يدفع الثمن في معظم الأوقات.

فقد استعادت دول كثيرة نشاطاتها الرياضية ويأمل ان ينطلق الدوري في الموعد الذي حدّده الاتحاد اللبناني للعبة. وكأول تعليق على لائحة النخبة التي اعلنها الاتحاد، نوّه ايلي بجهود الاتحاد معتبرا انّ الأولوية اليوم ليست الى لائحة نخبة وفضّل عدم الخوض بالأسماء الواردة فيها وغير الواردة فيها.

ويفضّل رستم ان يبقى في لبنان لأسباب كثيرة لا سيما بسبب زواجه المؤجل فيفضّل البقاء الى جانب خطيبته والعائلة ولكنه قد يلعب في الخارج اذا كان العرض مناسبا له ولمشاريعه.

لقد كانت ولا تزال كرة السلّة همّه الأساس ولسنوات كثيرة، ولكنّ أكبر الأحلام تتصدّع عندما تصبح الصعاب وهموم الحياة اكبر منها، فالحكمة تتطلّب احيانا ان نسير باتجاه التيار وليس عكسه، الى ان يستعيد البلد والعالم انفاسه. في هذا الوقت، وما ان ينطلق الدوري، ايلي رستم سيعود الى الملاعب ليقاتل بشراسة لأجل فريقه ولأجل كرة السلّة.