سيحتضن ستاد دي فرانس المباراة النهائية ليورو 2016 والتي ستجمع بين المنتخب المضيف فرنسا ومنتخب البرتغال. ولا يمكن القول بأن افضل منتخبين قد وصلا إلى النهائي، ليس انتقاصا من قيمتهما الفنية بل نظرا إلى العروض التي قدمها المنتخبان منذ بداية البطولة لحين وصولهما للمباراة النهائية، لكنهما في نهاية الامر عرفا من أين تؤكل الكتفليتخطيا جميع منافسيهما ويصلا للنهائي الحلم. هذا الأمر سيزيد من إثارة النهائيحيث سيجعلها خارج إطار التوقعات والتكهنات.


احتاجت فرنسا إلى لحظات أخيرة حاسمة لتتجاوز رومانيا وألبانيا في أول لقائين، قبل أن تحرجها إيرلندا في الدور الثاني لخمس وخمسين دقيقة، فيما لم يكن فوزها الكبير على إيسلندا معيارا لمدى قوتها نظرا لإمكانيات الخصم المتواضعة قبل أن تقصي ألمانيا في مواجهة لعب الحظ فيه دورا كبيرا إذ حصلت فرنسا على ضربة جزاء في نهاية شوط تسيده الألمانلينجحوا بعدها من إنهاء المواجهة لمصلحتهم. البرتغاليين لم يكونوا افضل حالا، فبعد ثلاث تعادلات في الدور الأول، احتاجوا إلى هدف متأخر في الوقت الإضافي وركلات جزاء ترجيحية لتخطي كرواتيا وبولندا في الأدوار الإقصائية قبل أن يلعب كريستيانو رونالدو دور البطل ويقود المنتخب لتجاوز ويلز " ذات الإمكانيات المحدودة " في الدور النصف النهائي.


يمتلك الفريقان نفس نسبة الإستحواذ ب53 % وهما بالطبع سيعتمدان في المباراة النهائية علي سياسة اللعب الحذر، وعدم الإندفاع الهجومي وترك مساحات في الخلف خاصة مع وجود رونالدو في البرتغال، وغريزمان في فرنسا. قوة البرتغال هي في لعبها الجماعي حيث ظهر الفريق ككتلة واحدة في المباريات التي خاضها بخطة 4-4-2 فكانت الخطوط الثلاثة متقاربة ولم يعطوا أي خصم مساحات رغم تقدم الأظهرة سيدريك وغيريرو دائما للمساندة الهجومية لكن قرب خط الدفاع من لاعبي الوسط ضيق المساحات في الخلف على طرفي الملعب ما أعطى الفريق صلابة دفاعية فتلقى الفريق هدفا واحدا في الأدوار الإقصائية الثلاث ولم يسدد على مرماه سوى ثمان تسديدات في 330 دقيقة لعبوها في تلك الأدوار. هجوميا لم يظهر الفريق البرتغالي الشيئ الكثير، وكان اغلب لعبه معتمدا على عرضيات من الاظهرة والتي يجيدوها بشكل كبير من اجل إيجاد رونالدو لكن الفريق بدا معانيا أمام الأساليب الدفاعية التي اعتمدت أمامه فظهر بطيئا للغاية في بناء اللعب ومفتقدا للحركية دون كرة أثناء العملية الهجومية. أما فرنسا، فإن الدور الذي أعطي لغريزمان بدءا من شوط مباراة إيرلندا الثاني حيث لعب بالشكل علي اليسار لكن فعليا خلف جيرو رأس الحربة نقل الهجوم الفرنسي إلى مرحلة أخرى سواء فرديا أو جماعيا للفريق ككل. وهنا لا بدمن إعطاء جيرو حقه، فهو نجح في تحركاته بالثلث الأخير وإشغاله دائما لاحد قلبي الدفاع بخلق مساحة في عمق الفريق وهذا أمر يجب أن يتنبه له البرتغاليين وتحديدا لاعب الإرتكاز كارفالو والذي سيكون أول محطة حماية لظهر الدفاع من اجل الحد من انطلاقات غريومان في العمق ثم على فرنسا معالجة مشكلة خط الوسط الذي ظهر بشكل سيئ امام ألمانيا اقله قبل تسجيل غريزمان لركلة الجزاء، ليس من الناحية الدفاعية بل من ناحية مساهمته الهجومية ومساندته للثلاثي الهجومي كما عليهم القيام بادوارهم كاملة في تغطية تقدم الأظهرة سانيا ويإيفرا في الحالة الهجومية.


ليس من المنصف وصف المباراة بانها مواجة بين رونالدووغريزمان فبكل تأكيد اللاعبان وصلا لمرحلة يريدان المجد الوطني في ليلة النهائي أكثر بكثير من المجد الفردي لكن تركيز الفريقين على مراقبتهما قد يمنح الفرصة للاعبين آخرين للعب دور البطل ووهنا سيكون دور ناني من البرتغال وباييت من فرنسا في استغلال الإفراط في مراقبة الثنائي المذكور من أجل استغلال المساحات بجانبهما والإستفادة من كونهما محطة هجومية أكثر منه كمفاتيح. كما أن هذه المباريات النهائية عادة ما تحتاج لكثير من المهارة والحظ المجموعين سوية. يبقى في الختام أن نشير إلى أن اللعب الحذر من قبل الفريقين ومحاولة كلاهما الإلتزام الخططي والتكتيكي على حساب اللعب الهجومي سيجعل المباراة مباراة الهدف اليتيم أو أن تذهب لوقت إضافي إلا إذا سجل أحد الفريقين هدفا مبكرا سيخلط أواق النهائي دون ادنى شك.


في ليلة المجد الأوروبي، هل يفعلها الفرنسيون أمام جماهيرهم ويحرزوا لقبهم الثالث أم أن البرتغاليين سيحرزوا لقبهم الأول ويحولوا ليلة الفرنسيين في ستاد دو فرانس إلى كابوس ؟ الإجابة لن تطول أبدا.


أحمد علاء الدين