كانت الصورة التي التقطتها عدسات المصورين لنجل النجم البرتغالي ​كريستيانو رونالدو​ مستلقياً في المدرجات بعد شعوره بالملل من أحداث مباراة البرتغال وكرواتيا في الدور السادس عشر من بطولة أمم أوروبا، مشابهة إلى حد ما لصورة تياغو نجل النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي وهو يجلس في حضن أمه وينظر إلى السماء ربما في محاولة منه لرؤية الركلة الترجيحية التي أهدرها والده في المباراة النهائية لكوبا أميركا المئوية أمام تشيلي.

صورتان جدليتان لكنهما في الواقع تؤشران إلى قصة جديدة في عالم المستديرة خاصة في الجانب الذي يعني ميسي بعدما اختار توقيتاً حزيناً من أجل أن يعلن فيه توقف مسيرته الدولية، لكن هذا القرار الذي يزيل عن كاهله الكثير من الضغوط على إثر مسيرة فاشلة مع المنتخب الأرجنتيني ربما سيكون له الكثير من التداعيات في الأيام المقبلة.

إلا أن قراراً بهذا الحجم وما سيتبعه من قيام عدد من اللاعبين الآخرين بإعلان اعتزالهم اللعب الدولي، سيكلف الارجنتين غالياً وبالتالي فإن مسيرة البحث عن اللقب الأول منذ العام 1993 ستتواصل، لكن هذه المرة دون اي أفق محدد في ظل غياب أفضل لاعب في العالم خمس مرات.

قد تكون الخسارة في النهائي الثالث خلال ثلاثة أعوام أكبر من أن يتم تقبلها عبر إقالة مدرب و تعيين آخر أو إستبعاد عدد من اللاعبين، لأن الخطوة التي اتخذها ميسي عقب انتهاء المباراة أمام تشيلي لم تكن وليدة لحظة غضب أو إحباط من مسيرة غير مرضية مع منتخب التانغو خسر خلالها أربع نهائيات ( ثلاث في كوبا أميركا اعوام 2007 و2015 و2016ومرة في مونديال 2014) إنما نتيجة تراكمات كانت هزيمة الامس الفرصة المؤاتية لإخراجها إلى العلن.

لا يخفى على احد الهوة الكبيرة بين إنجازات ميسي الفردية والجماعية في برشلونة البالغة 28 لقباً، مع مسيرته على الصعيد الدولي ولطالما حاول ليو بكل ما يستطيع ردم تلك الهوة في محاولة منه لتقديم شيء للجمهور الأرجنتيني ووسائل الإعلام التي لطالما ضاعفت من ضغطها وانتقاداتها قبل كل بطولة من أجل حث اللاعب على إعادة المنتخب الأرجنتيني الى منصات التتويج، لكن في كل مرة كان الإخفاق سيد الموقف وكان ميسي يخرج حزيناً، غاضباً، محبطاً وربما يائساً.

لا يمكن بأي شكل من الأشكال تحميل ليونيل ميسي كل المسؤولية عن الغياب الأرجنتيني عن الساحة الدولية خاصة وان نجم برشلونة يأتي إلى كل استحقاق دولي بعد ان يلعب نحو ستين مباراة مع فريقه، لكن في المقابل لا يمكن تخيّل اي بطولة كبرى من الآن فصاعداً بدون مشاركة لاعب إثرى كرة القدم بنجوميةٍ ومهاراتٍ فنية ليس لها مثيل في الوقت الحالي.

ربما لم يحن الأوان بعد للاعب مثل ميسي كي يغادر الساحة الدولية، لكن المزيد من اليأس والأحباط للاعب على أعتاب الثلاثين ربما تحمل الكثير من المؤشرات السلبية لما يمكن ان ينتظر النجم مستقبلاً في عالم المستديرة، لكن ميسي الذي تحمل الكثير من الضغوط ربما اراد هذه المرة ان يقول للمعنيين "دعونا نرى منتخب الأرجنتين من دوني".

خسارة جديدة للأرجنتين، وسقوط آخر لطموحات الجماهير الأرجنتينية، لكن الضربة مؤلمة هذه المرة وقد تكون قاضية برحيل جيل من اللاعبين بقيادة ساحر كروي في خطوة قد تمهد لما هو أعظم!.