تعتبر كرة القدم اللعبة الشعبية الأولى في العالم ويتابعها كثيرون. وغالبا ما تتركز الأنظار على اللاعبين، المدربين والحكام حيث يتم اعتبارهم العامل الأهم في هذه اللعبة. لكن هل تساءلتم يوما عن الملعب ومحتوياته أو معدات اللاعبينوكيفية تأمينها وكلفتها ؟

في هذا التحقيق سنحاول إعطاء فكرة عن تجهيزات الملعب كي يصلح للعب كرة القدم وعن أسعارها في لبنان، كيفية استقدامها وتركيبها، إضافة إلى معدات اللاعبين ومصدرها مع ذكر اسعارها بشكل تقريبي.

العشب الطبيعي والصناعي

تعتبر أرضية ملعب كرة القدم العامل الاساس لنجاح اللعبة فكلما كانت الأرضية جيدة كلما كان اللعب سريعا ومريحا للاعبين، ما يضفي مزيدا من الجمال على اللعبة. وسابقا كانت معظم الملاعب تعتمد على العشب الطبيعي الذي سنتكلم عنه لاحقا لكن مع كثرة مشاكل العشب الطبيعي، ارتأى الكثير من البلدان تحويل ملاعبها إلى عشب صناعي، ولبنان مثلا أكبر دليل حيث من أصل حوالي 20 ملعبا لأندية الدرجة الأولى والثانية والملاعب التابعة للدولة، لا تكاد الملاعب العشبية الطبيعية تتخطى عدد أصابع اليد.


يبلغ سعر متر العشب الصناعي حوالي عشرين دولارا واعتمدته معظم الملاعب اللبنانية نظرا لصعوبة العناية بالعشب الطبيعي إضافة إلى استضافة الملاعب لأكثر من مباراة يوميا. فملاعب العهد، الأنصار، الصفاء، النجمة، بحمدون تستضيف في فترة من الموسم ثلاث أو أربع مباريات يوميا وبالتالي لولا وجود مثل هكذا عشب لكان هناك أزمة بسبب عدد المباريات الكبير مقارنة بعدد الملاعب.


كما يتميز العشب الصناعي بأنه لا يحتاج لصيانة دورية ويقاوم عوامل الطقس المتنوعة خاصة في الشتاء. ويتم تركيب العشب الصناعي عبر حفر الأرض لحوالي 45 سم ثم توضع الاساسات وتتمثل في وضع تربة من نوع خاص لتسهيل تصريف مياه الامطار وكذلك انابيب ومواد أخرى تساعد على منع إصابة اللاعبين وتسهيل حركة الكرة، لتضغط بعدها هذه المواد ويوضع العشب مع رش الملعب بمادة بلاستيكية لتثبيت العشب مع كثير من حبيبات المطاط التي تساهم في جعل الأرضية طرية.


أما فيما خص العشب الطبيعي، فتعاني الملاعب اللبنانية في هذا الموضوع ومعظم المعاناة سببها الإهمال وعدم الرعاية اللازمة لهذا العشب. وتكمن المشكلة في أن التربة في الملاعب اللبنانية أصبحت غير صالحة. ويروي أحد العمال في ملعب بيروت البلدي حيث التقيناه وهو يقوم بصيانة العشب، أن البذور تجلب من الخارج وترش في الملعب بعد انتهاء كل موسم، حيث تحتاج لحوالي 40 يوما من أجل أن تنبت، خلال ذلك تتم عملية الريّ عبر المرشات الموجودة في الملعب مرتين في اليوم.

وبعد أن ينبت العشب، يصبح لزاما أن يتم جزه بطريقة متساوية في كل أنحاء الملعب كي يكون السطح مستقيما. لكن مشاكل عديدة تعترض هذه العملية منها التقلب المناخي الذي يعاني منه لبنان حيث يشهد طقسا حارا ما يستدعي زيادة في الري، وهذه مشكلة ثم أن العصافير تأتي وتأكل البذور. من هنا نحن نلجأ أحيانا لتغطية أرضية الملعب بشوادر لمنع العصافير من أكل البذور والعشب الصغير في فترة نموه.
واضاف: بعد نهاية هذه العملية، يجب علينا الإهتمام بالملعب يوميا ويعد كل مباراة، تكون أجزاء صغيرة من الحشيش قد نزعت، وهنا يجب أن تنظف هذه البقع الصغيرة وتزرع من جديد، وهذا ما يسبب الضرر بالأرضية ككل.


أحد المهندسين الزراعيين الذي فضل عدم ذكر اسمه ولدى سؤاله عن تقنية الزرع، أخبرنا أنه من المهم اختيار البذور المناسبة. بعدها يتم فرش الملعب بالتراب على نفس المستوى ليصار من ثم لزرع البذر وفق طريقة معينة يحددها مصنع البذور نفسه. المشكلة الأساس بحسب رأيه، ليست في البذور بل بعدم الإعتناء المطلوب ووجود الادوات اللازمة من جرار للزرع ورش المبيدات وماكينات قص العشب إضافة للسماد والادوية اللازمة.


أما فيما خص الأعلام على زوايا الملعب، فيحتاج الملعب إلى أربع رايات في زواياه الأربعة ويتراوح سعر الراية بين 3 إلى 4 دولار أي أن مبلغ 16 دولارا يكون كافيا لشراء أربع رايات. تتكون الراية من أنبوب بلاستيكي وزاوية شوكية في أدناها لغرسه في الأرض إضافة إلى علم صغير في رأس الأنبوب مع رأس مدبدب وطول لا يقل عن متر ونصف.


المرمى والشباك

نصل إلى المرمى والذي يجب أن يتألف من الخشب، المعدن أو أي مادة أخرى قاسية، لكن غالبية الملاعب اللبنانية تعتمد على المرمى المصنوع من المعدن والذي يكون في أكثر الأحيان من الألمنيوم المقوى والمطلي بمعجونة من أجل سلامة اللاعبين في حال الإرتطام. لون العارضة يجب أن يكون أبيضا، وسعر المرمى ذو القياس القانوني يتراوح بين المئة والخمسين وثلاثمئة دولار، هذا إن استوردت من الخارج وبالطبع يوجد بعض المصانع اللبنانية التي تصنع المرمى ويمكن شراؤه بسعر اقل من الإستيراد من الخارج.


أما الشباك التي تربط بالمرمى، فلا يشترط وجود لون معين لها لكن معظم الأنواع التي تستعمل تكون بيضاء. يتألف الشبك من القطن المجدول بطريقة جيدة وسعره يتراوح بين ثلاثين إلى المئة دولار حسب جودة الشباك وحسب نوعية القطن وقوة الجدائل إضافة إلى طوله. وتحتاج الشباك أيضا إلى صيانة دورية كونها تتعرض للتلف نتيجة عومل الحرارة الرطوبة والمياه إضافة إلى تحملها للكثير من التسديدات وقوة الكرات الموجهة للمرمى.


دكة البدلاء

جزء آخر يعتبر اساسياً في الملعب، هو دكة البدلاء والتي يجب أن تستوعب على الأقل 14 شخصا، وهي لا تصنع في لبنان بل يتم استيرادها من الخارج وتحديدا من الصين وهو ما تعتمده ملاعب المدينة الرياضية، بيروت البلدي، صيدا البلدي وغيرها... أما في الملاعب الأخرى خاصة تلك الصغيرة، فدكة البدلاء تكون من الصنع المحلي، مقاعد خشبية أو من الباطون وفوقها خيمة من الحديد أو البلاستيك المقوى.


فيما خص كرات اللعب، ولدى سؤالنا أحد الأشخاص الذي يبيع تجهيزات رياضية، أشار إلى أنها تنقسم إلى قسمين: قسم أصلي يستعمل في مباريات الدرجتين الأولى والثانية يتراوح سعره بين 50 و 70 دولارا مع الإشارة إلى أن كرات الباب الأول الأوروبية يصل سعرها إلى ما يقارب 150 دولارا واكثر. أما القسم الثاني فهو الكرات المقلدة والتي تستعمل في الدرجات الادنى وسعرها يتراوح بين 20 و 30 دولارا.


تجهيزات اللاعبين وثياب الحكام

بعد الإنتهاء من تجهيزات الملعب والكرة، لا بد الآن من إعطاء لمحة عن تجهيزات اللاعبين وثياب الحكام. وبالطبع يعتمد النادي في لبنان سياسة الشراء بالجملة، فيشتري طقما كاملا للفريق، ويتراوح سعر الطقم المؤلف من ثلاث قطع (اي القميص والسروال والجوارب) بين 30 دولارا (اذا كانت النوعية مقلدة) وسبعين دولارا (إذا كان الطقم أصليا) حيث بالطبع يحصل الفريق على سعر خاص من الشركة المصنعة بسسب الكمية الكبيرة التي يشتريها. أما سعر واقي الساق الذي يلبسه اللاعب تحت جواربه وهو من التجهيزات الإلزامية للاعب ،فيصل إلى حدود الدولار للواقي الذي يتألف من قطعتين للرجلين اليسرى واليمنى. أما الجوارب فتصل الى سعر الـ 5 دولار حيث يبتاعها النادي بسعر الجملة. الحذاء الذي يلبسه اللاعب فيتختلف سعره بطبيعة الحال. واذا كان من النوعية الاصلية فإن سعره يتراوح بين 100 إلى 150 دولارا، أما الحذاء غير الأصلي فيمكن شراؤه بحوالي 50 دولارا. والنادي بالطبع لا يتكفل بسعر الحذاء بل ان اللاعب هو من يقوم بشرائه على عكس التجهيزات كثياب وإلى ما هنالك التي يقدمها النادي للاعب.


ولا ننسى قفازات حارس المرمى التي تصنع من الجلد وتتفاوت أسعارها طبعا بحسب الجلد وبحسب المواد التي تريح يد الحارس أثناء اللعب، السعر يبدأ من العشرين دولارا للقفاز لكن القفاز الاصلي والذي تصنعه شركات عالمية كأديداس و"نايكي" ويرتديه الكثير من حراس الدرجة الأولى فيتراوح سعره بين ال100 وال130 دولارا للقفاز.


يبقى أن نشير إلى الحكم والذي هو سيد الملعب. يرتدي الحكم ثيابا خاصة تصنعها الشركة وفي لبنان يلبس الحكام ثيابا معتمدة كطقم حكام كأس العالم 2014. وتتراوح سعر القميص بين 40 و45 دولارا، السروال حوالي 30 دولارا والجوارب حوالي 15 دولارا، ويجب على الحكم شراء ثلاثة قمصان بألوان مختلفة: الالوان المعتمدة في لبنان هي الاصفر، الأحمر والكحلي أي أن ثياب الحكم تكلف حوالي 180 دولارا.


بعد هذه النظرة السريعة، اصبح بالامكان اخذ فكرة عن ابرز التجهيزات التي تشكل اساس كل ملعب لكرة القدم وتكلفتها، اضافة الى كلفة الثياب للاعبين والحكام، مع الاشارة الى ان هذه الاسعار تبقى اقل بكثير من تلك التي يدفعها الاوروبيون والمحترفون في عالم كرة القدم ، وهو امر بديهي لان اي ناد في العالم من اندية الدوريات الكبرى يتمتع بميزانية سنوية تغطي كلفة الاندية اللبنانية لمواسم عدة.

احمد علاء الدين