لم تكن صورة إعتلاء الفرق الأوروبية لمنصات التتويج في بلادها كافية لترسم المشهد الختامي للموسم الحالي، لكونه بات مألوفاً ويتكرر في مثل هذا الوقت من كل عام مع العلم أن الكثير من الملاعب الأوروبية لم تعرف تغييراً في هوية البطل باستثناء إنكلترا بتتويج ليستر سيتي بلقب الدوري الممتاز ومانشستر يونايتد بكأس الإتحاد الإنكليزي.


لكن التغيير في الصورة المكررة لمشهد كل عام جاء هذه المرة من مكان آخر وبشكل مختلف لكونه أخذ حيزاً كبيراً من الإهتمام فاق بحجمه التركيز على فوز فريق بلقب من هنا أو من هناك.


في هذا الإطار شكلت دموع بيب غوارديولا عقب المباراة النهائية لكأس ألمانيا والتي انتهت بفوز الفريق البافاري على بوروسيا دورتموند بركلات الترجيح أكثر من قصة وأكبر من الحدث نفسه كونها حملت الكثير من الدلالات التي تخطت اللحظة الوداعية لمشواره في المانيا مع بايرن ميونيخ.


صحيح ان اللحظة كانت عاطفية بالنسبة للمدرب الإسباني الذي حزم حقائب المغادرة بعد ثلاثة مواسم في اليانز أرينا، إلا أنها في الوقت نفسه كانت لحظة عبّر من خلالها عن فرحة بقرار سيتيح له التخلص من كل الضغوط التي أثقلت كاهله خلال السنوات الماضية ورزح تحت وطأتها أكثر في الموسم الاخير إبان إعلان نيته مغادرة البايرن متوجهاً إلى مانشستر سيتي.


وعلى الرغم من فوزه بخمسة ألقاب محلية وكأس السوبر الأوروبية وكأس العالم للأندية خلال الفترة التي تولى من خلالها تدريب بايرن ميونيخ، إلا ان تلك الألقاب لم تجعله يسلم من الإنتقادات المتكررة خاصة بسبب إختيار عناصر تشكيلته الأساسية أو فلسفة مواجهة الخصوم، لكن عشاق البايرن كانوا على استعداد لوضع كل تلك الأمور جانباً مقابل التتويج بدوري أبطال أوروبا.


لم يحدث هذا الأمر على الرغم من وصول بايرن ميونيخ الى دور الأربعة في المواسم الثلاثة الماضية، لكن غوارديولا ربما شعر للمرة الأولى ان هناك في المانيا من لا يهتم لكمية الألقاب إنما لنوعيتها، وهو ما تركه أسيراً لأهداف وطموحات نادٍ يتمتع بإسم وقاعدة جماهيرية كبيرة في العالم ويرفض إلا ان يكون بين الكبار في عالم الكرة المستديرة.


لطالما حاول غوارديولا الإيحاء لمن حوله ان مهمته في ألمانيا لم تكن فقط من أجل الفوز بدوري أبطال أوروبا، لكن في المقابل لطالما أعلنت الجماهير صراحة انها تريد مدرباً يكمل مسيرة سلفه يوب هاينكس الذي سلم خَلَفه فريقاً فائزاً بالثلاثية الشهيرة في حين أن بيب سيترك للإيطالي كارلو أنشيلوتي فريقاً غير قادر على تخطي الدور نصف النهائي من دوري أبطال أوروبا.


المشهد الآخر لختام الموسم جاء من إنكلترا بعد فوز مانشستر يونايتد على كريستال بالاس وتتويجه بكأس الإتحاد، لأن هذا التتويج لم يفرش طريق المدرب الهولندي ​لويس فان غال​ بالورود بما يتيح له البقاء في أولد ترافورد لموسم ثالث، لا بل انه زاد الغموض حيال مستقبله مع الشياطين الحمر عندما اكتفى بكلمتين أمام وسائل الإعلام عقب اجتماعه بادارة النادي بالقول "إنتهى الأمر".


وكما فعل غوارديولا حاول فان غال القفز فوق إحراز الفريق كأس انكلترا حين أشار الى انه المدرب الاول الذي يعيد مانشستر يونايتد الى منصات التتويج بعد السير أليكس فيرغسون، لكن من الواضح ان هذا الأمر لن يعرقل المضي بإجراءات الطلاق وتسليم الفريق لمدرب قادر على إعادة اليونايتد لقافلة الكبار، هذا المدرب قد يكون جوزيه مورينيو على الأرجح والذي لم يكن يعد قادراً على الإنتظار أكثر بعدما كان يتوقع دخولاً قريباً لأولد ترافورد مع بداية العام ابان النتائج المخيبة للآمال في الدوري والتي وضعت حبل الإقالة غير مرة على عنق فان غال.


بين دموع غوارديولا والطلاق المرتقب مع فان غال ثمة الكثير من المؤشرات ستظهر للعلن من دون شك في الايام القليلة المقبلة.