خطف الدوري الصيني الأنظار في فترة الإنتقالات الشتوية حيث قامت الأندية الصينية بعقد صفقات ضخمة وجلب لاعبين نجوم من فرق أوروبية عريقة. مبالغ قياسية دفعتها الأندية الصينية وصفقات تبرمها عادة فرق النخبة الأوروبية جعلت من دوري بلد المليار ونصف الدوري الأكثر إنفاقا في هذا الميركاتو الشتوي.

جاكسون مارتينيز، راميريس، جيرفينيو وغوارين هي الأسماء الأربعة الأبرز التي انضمت إلى الدوري الصيني هذا الشتاء، صفقات كلفت خزينة الأندية المالية مبالغ طائلة أبرزها صفقة انتقال مارتينيز من أتليتيكو مدريد إلى ​غوانغزو إيفرغراند​ مقابل 42 مليون يورو، الأسماء تلك انضمت إلى كتيبة من النجوم سبقتها إلى هناك أبرزها أسامواه جيان، ديمبا با وتيم كاهيل.

فلماذا قامت الأندية الصينية بتلك التعاقدات ؟ وهل أصبح الدوري الصيني محط أنظار للنجوم الأول في آسيا ؟
وماذا عن الدوري الإماراتي والقطري الذين كانوا أول من بادروا بتلك الخطوات إضافة إلى الدوري الهندي ؟ هل سحب البساط من تحتهم لمصلحة الصين ؟

الواقع أن أندية الإمارات وقطر قامت إذا صح التعبير بفورة خصوصا بين العامين 2003 و2005 حيث استطاعت جلب نجوم كبار على حافة الإعتزال لكن الامر في السنين الاخيرة لم يعد كذلك فأسعار اللاعبون في ارتفاع كبير ولا رغبة لدى الخليجيين بدفع عشرة ملايين أو ما شابه باستمرار خصوصا مع الأزمات الإقتصادية المتلاحقة إضافة إلى أنه ورغم كل ما قامت به قطر خصوصا ما زالت ملاعبها شبه فارغة وهذا دليل على أن تسويق كرة القدم في تلك البلاد ما زال ينقصه الكثير. أما الهند، فهي رغم جلبها لنجوم مهمين منذ سنوات ليست بالبعيدة، إلا أن البلاد ما زال ينقصها الكثير إن كان على صعيد البنى التحتية أو الملاعب، عدد الاندية، مستوى المدربين وهي أمور تحتاج إلى سنين لتتحسن وليس فقط إلى شراء نجوم لذلك لا تستطيع الهند الإستمرار في سياسة التعاقد مع نجوم كبار في ظل نقص كل ما ذكر.

في الصين، الأمر مختلف تماما. ملاعب من طراز رفيع مع بنى تحتية رياضية متطورة جدا، شعبية هائلة لكرة القدم، مدربون عالميون كأمثال مارشيلو ليبي، سكولاري، كوكا وغيرهم... كل هذا لفت انظار رجال الأعمال للبدء في صناعة كرة القدم وجلب أموال طائلة على غرار التجارة، لتحقيق العديد من المكاسب المادية، بحسب العائدات المتوقع الحصول عليها خلال السنوات القادمة، من الإعلانات والحضور الجماهيري، كذلك حقوق البث التليفزيونية، نظرا لارتفاع شعبية المسابقة الجارفة.

كل هذا دفع المتمولين لدخول معترك كرة القدم لأن الأرضية كما ذكرنا مهيأة ولا شيئ يمكن أن يجذب النظار أكثر من التعاقد مع نجوم عالميين ما زالوا قادرين على إعطاء الكثير، فمن جهة يتحسن المستوى الفني للدوري ومن جهة أخرى تصبح متابعة الدوري إعلاميا أكبر بكثير ومع متابعة إعلامية أكبر، يأتي الجمهور مع رعاة جدد وشركات إضافية لتصبح الاموال التي أنفقت على اللاعبين جزءا بسيطا من الأرباح المجنية.

إذا هي تجارة كرة القدم لكنها تجارة مربحة وصحيحة ومطلوبة فهي ليس فقط لجني الاموال بل لجعل الدوري الصيني قوة عظمى وهذا ما ترجم أصلا عبر فوز غوانغزو بدوري أبطال آسيا وسيطرته آسيويا، وإذا ما كانت الصين قد نجحت في التفوق في هذا الميركاتو فإن أنظار الجميع ستكون متجهة إلى سوق الإنتقالات الصيفية لمعرفة من هم النجوم الجدد المنضمون إلى قائمة الدوري الصيني... من هنا إلى ذاك الوقت، يمكنكم الإستمتاع برؤية نجوم الدوري الصيني وهم يلعبون تحت ظل سور الصين العظيم مع ملايين من المشجعين.

أحمد علاء الدين