دائماً ما يكون التغيير مطلب الشعوب، لكن في حالة الإتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" فإن التغيير هو مطلب دول لها باع وتاريخ طويل في عالم الكرة المستديرة، إلا أن هذا الأمر ربما يكون من المستحيلات في ظل وجود الرئيس الحالي سيب بلاتر القابع في أروقة الفيفا منذ 34 عاماً أمينا عاماً ورئيساً.


فالسويسري الذي يرأس أكبر منظمة دولية في العالم منذ العام ثمانية وتسعين، يخوض معركته الأخيرة من أجل البقاء لولاية خامسة من خلال الإنتخابات التي ستجري في التاسع والعشرين من هذا الشهر بمواجهة الأمير علي بن الحسين نائب رئيس الفيفا الحالي بعد انسحاب اللاعب البرتغالي السابق ​لويس فيغو​ ورئيس الإتحاد الهولندي لكرة القدم مايكل فان براغ.


في الظاهر تبدو المعركة غير متكافئة لكنها في المضمون هي محاولة جديدة لإزاحة ابن التاسعة والسبعين عاماً من المنصب الذي أحبه وقام بالمستحيل لإزاحة خصومه السابقين مستخدماً جميع أنواع الأسلحة المشروعة وغير المشروعة من أجل تحقيق الهدف الذي يصبو إليه، وهو نجح حتى الآن في هذا الأمر.
المعركة الحالية على رئاسة الفيفا قد لا تختلف عن سابقاتها بمعنى ان بلاتر يبقى المرشح الأوفر حظاً من أجل البقاء في رئاسة الإتحاد الدولي معتمداً في الدرجة الأولى على أصوات "مضمونة" من جانب الكثير من الأعضاء لطالما شكّلت "رافعة" بالنسبة له في الولايات السابقة.


من الواضح أن معركة التغيير في الفيفا قد بدأت لكن ربما تتأخر سنوات أخرى في حال بقي بلاتر على قمة الهرم الكروي، لكن اللافت في هذه الإنتخابات كانت الأصوات التي بدأت تتصاعد لا سيما من جانب الدول الأوروبية والمطالبة بتنحي بلاتر بعدما فاحت رائحة الفساد في الآونة الأخيرة والمتعلقة بملفات الترشيح لاستضافة نهائيات كأس العالم وتكنولوجيا خط المرمى وأمور كثيرة، وبدا الأوروبيون بمثابة "رأس حربة" في مشروع التغيير.


إلا أن المؤسف يكمن في إحجام معظم الدول العربية عن تأييد المرشح العربي الأمير علي بن الحسين وتأكيدها على "الولاء" لبلاتر الذي يبدو مطمئناً للأصوات الآسيوية والإفريقية والأميركية الشمالية والجنوبية والوسطى وهو ما يجعله الأوفر حظاً للبقاء في سدة الحكم.


ربما تكون المعركة الإنتخابية في التاسع والعشرين من هذا الشهر بداية رحلة الألف ميل لكن بلاتر سيبقى رئيساً للفيفا ما لم يحدث أمر خارج الحسبان، وهذا ما لا يتوقعه أكثر المتفائلين حتى من كان حتى أمس مرشحاً لإزاحة بلاتر ومنهم البرتغالي فيغو الذي وجه انتقادات لاذعة لسير العملية الإنتخابية عندما قال: "لم يكن هناك أي نقاش علني بشأن مقترحات المرشحين، هل يعتقد أي شخص انه من الممكن اجراء انتخابات واحدة من أكبر المؤسسات على وجه الأرض دون نقاش علني؟".


من الواضح ان فيغو ومن قبله فان براغ شعرا بأن المعركة خاسرة ليس بمواجهة مرشح قوي فحسب، إنما بمواجهة مرشح يدير الإنتخابات ايضا ويعرف خباياها ومفاتيحها، وعليه فإن نتائج معركة التاسع والعشرين ربما تكون محسومة، لذلك يتحتم على أعضاء الفيفا التفكير من الآن بالتعامل مع الرئيس "الثابت" في ولايته الخامسة هذا إن لم يفكر بعد انتهائها بالترشح لولاية سادسة!!.