عندما جلس دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد في المكان المخصص له في حفل توزيع جوائز الإتحاد الدولي لكرة القدم في زوريخ، لم يشعر أي من الحاضرين أن المدرب الأرجنتيني غير أهلٍ للمنافسة على جائزة أفضل مدرب لعام 2014، لا بل على العكس فقد اعتبر كثيرون أنه كان يستحق الفوز بلقب أفضل مدرب بعدما "اختزل" المصوّتون إنجازات موسم كامل بعمل شهر قام به يواكيم لوف مع منتخب المانيا.


لسنا هنا بصدد إجراء مقارنة بين سيميوني ولوف، لأن ما أرساه الأول في أتلتيكو مدريد يحتاج إلى الكثير والكثير، ففي الوقت الذي توقع فيه البعض أن تُخمد "فورة" الفريق هذا الموسم بعد تحقيقه لقب الدوري الإسباني وبلوغه المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا، تابع "لوس إنديوس" نهضته فتوّج بلقب كأس السوبر الإسبانية وجرّد ريال مدريد من لقبه كبطل لكأس اسبانيا ولا يزال منافساً شرساً في مهمة الدفاع عن لقبه كبطل لليغا كما بلغ الدور السادس عشر من دوري أبطال اوروبا، ولا تزال امامه فرصة لاقصاء برشلونة من منافسات كأس الملك، وهو ما يؤشر إلى أن ما قدمه أتلتيكو مدريد في الموسم الماضي لم يكن مجرّد صدفة بقدر ما هو نتاج لعمل منظم مبنّي على أسس واقعية.


من المعروف ان أتلتيكو مدريد دفع ضريبة التألق في الموسم الماضي برحيل عدد من اللاعبين وفي مقدمهم الحارس تيبو كورتوا، فيليبي لويس ودييغو كوستا، ومع ذلك كان الفريق قادراً على الإحتفاظ بتوازنه هذا الموسم بعدما دخل فترة الإنتقالات بقوة.

وعزز اتلتيكو صفوفه بعدد من اللاعبين وفي مقدمهم ماريو ماندزوكيتش ومؤخراً فرناندو توريس مخالفاً كل التوقعات التي تنبأت بمصير مجهول ومماثل للكثير من الفرق التي تبلغ القمة ثم تتوارى عن الأنظار ومنها على سبيل المثال لا الحصر بوروسيا دورتموند، الذي لم يتمكن من الحفاظ على تألقه والذي يشبه إلى حد بعيد "مسار" أتلتيكو حتى وجد نفسه يقبع في المركز ما قبل الاخير في الدوري الألماني.

ومن الامثلة كذلك، ليفربول العريق الذي نافس في الموسم الماضي على لقب الدوري الممتاز لكنه يعاني الكثير هذا الموسم محلياً وكذلك على الصعيد القاري بعد فقدانه فرصة التأهل الى الدور السادس عشر من دوري أبطال أوروبا.


ولعل اللافت ان أتلتيكو مدريد تحوّل من فريق عادي في اسبانيا وأوروبا إلى منافس شرس على جميع البطولات، كما ان "عقدة" الخوف من الفرق الكبيرة لم تعد تجد صداها لدى اللاعبين مهما اختلفت الأسماء على أرض الملعب، لا بل على العكس بات أتلتيكو يشكل تلك العقدة لكثير من الفرق ومنها ريال مدريد في حين أن الغريم الآخر برشلونة بات يحتاج للانتظار 85 دقيقة قبل أن يهز شباك خصمه المدريدي مما يعني أن رجال المدرب دييغو سيميوني باتوا رقماً صعباً في المعادلة المحلية والأوروبية.


لا يمكن التبنؤ بما قد يحققه اتلتيكو مدريد هذا الموسم، لكن من المؤكد انه لن يتنازل بسهولة عن عنفوانه كما ان إبعاده عن منصات التتويج سيتطلب الكثير من الجهود والتي قد لا تجد صداها إلا عبر ركلة جزاء أو وقت إضافي!.