هي الشقيقة الصغرى لكرة القدم لكنها لا تقل عنها جمالا ومهارة وإثارة. ليس من السهل أن تبدع فيها فهي تحتاج إلى عقل كروي فذ ومهارة استثنائية . انها رياضة كرة قدم الصالات أو"الفوتسال ".

لسنا بصدد القول إن واقع الفوتسال مغاير تماما لواقع الرياضات الاخرى في لبنان إذ أنها تتقاسم معها القاسم المادي المشترك، لكننا نكون منصفين إن قلنا إن وضع الفوتسال أفضل من باقي الألعاب الأخرى قهي تسلك درب التطور والتقدم حاليا وهي تزداد جمالا وأناقة يوما بعد يوما بفضل حرص المسؤولين عنها ورغبتهم الكبيرة بتقديم الافضل لهذه اللعبة.

ولعل أبرز ملامح تطور الفوتسال يكمن في نقاط ثلاث أساسية: أولها حجز لبنان دائما لمكان ضمن الثمانية الكبار في آسيا, هذه القارة التي تعتبر من قارات القوة الضاربة للفوتسال في العالم وثانيها وجود دوري قوي محتدم من حيث المنافسة أصبح يستقطب عددا من الأجانب ذائعي الصيت على المستوى العالمي وثالثها تقديم لبنان لملف كامل متكامل لاستضافة كأس الأمم الأسيوية المؤهلة لكأس العالم المقبلة مع وجود بوادر إيجابية لهذا الملف بعد الإعجاب الذي حظيت به المنشآت اللبنانية من قبل الوفد الأسيوي المكلف بالإطلاع على ملفات الدول المرشحة.

شكل قرار فصل كرة القدم عن الفوتسال في لبنان خطوة مهمة في مسار اللعبة, فهووإن أفقد اللعبة من جهة بعض اللاعبين أصحاب المهارة الإستثنائية الذين فضلوا الإتجاه إلى كرة القدم, لكنه أعطاها من جهة أخرى الإستقرار المطلوب والإلتزام الواجب من قبل اللاعبين تجاه أندية الفوتسال، حيث اثمر تفرغا للعبة واحدة عكس ايجابياته على المستوى الفني للعبة الذي زاد بشكل ملحوظ بعد اتخاذ هذا القرار.

زخور: قرار صائب بفضل الفوتسال عن كرة القدم وللنساء دورهن ايضا


دوري زخور اعطى الفوتسال الكثير، وهومؤهل جداً للحديث عنها وعن دورها، علماً انه كان ضمن عداد الجهاز الفني لمنتخب نجوم العالم الذي واجه البرازيل بطلة العالم في مباراتين استعراضيتين عام 2009.
إلتقينا دوري وسألناه بداية عن رؤيته للفوتسال اللبناني حاليا، فأجاب: مما لا شك فيه أن الفوتسال تسير إلى الأمام والخبرة تزداد خصوصا في ظل وجود أربعة فرق منافسة بقوة على لقب الدوري هذا الموسم مع وجود فرق جديدة كل موسم وبروز لاعبين جددا ايضا، وهوامر تزامن مع إطلاق لجنة الفوتسال برئاسة سيمون الدويهي ومساعدة مدير البطولة حسين ديب لدوري الشباب للفوتسال في خطوة إيجابية، أظهرت العديد من اللاعبين القادرين على التألق، لكنهم بحاجة لبعض الوقت للتعود على اللعبة من ناحية الكرة والملعب والخروج من ذهنية الميني فوتبول. فسنة بعد سنة ستكون البطولة أقوى مع لاعبين ناشئين أقوياء سيشكلون خزانا للمنتخب ما سيؤدي إلى تحسن المستوى أكثر فأكثر.

وعن رؤيته لنتائج المنتخب والاندية في المشاركات الخارجية، يرى زخور أن مشاركات الاندية عموما كانت إيجابية بدءا من بروس كافيه مرورا بالصداقة الذي حل ثالثا في بطولة آسيا وأول سبورتس أيضا مبديا أسفه لخروج بنك بيروت من بطولة آسيا الاخيرة رغم مقدرته في حينه على تحقيق نتائج أفضل بكثير.

على صعيد المنتخب, قال زخور ان الإستحقاق الأقرب هوتصفيات بطولة آسيا ولبنان تقدم بملف لإستضافة البطولة وحظوظنا عالية لإقامة التصفيات الأسيوية والبطولة على أرضنا ما سيشكل إنجازا للبنان في حال تحقيقه.

زخور أكد أن ما ينقص لبنان لكي يصبح رائدا في هذه الرياضة هوالمال والإحتراف وتفرغ اللاعب للعبة فقط. وعدم حصول ذلك يؤثر على المنتخب إذ لا معسكرات تقام للمنتخب ولا إمكانية لاستقدام جهاز فني متكامل من مدير فني ومساعد ومدرب لياقة ومدرب حراس وكل هذا لا إمكانية للبنان بالقيام به لأن الأموال غير متوفرة.

زخور يدعم وبقوة قرار فصل اللعبتين الصغرى والكبرى عن بعضهما فهذا أدى للإبتعاد عن المشاكل المتعلقة باللعب لفريقين في نفس الوقت وفي أغلب دول العالم اللعبتين مفصولتين.

سألنا زخور عن وضع الفوتسال النسائي فأكد أن دوري السيدات سينطلق قريبا لكن المشكلة على الصعيد النسائي تكمن في قلة عدد الفرق المشاركة فلا يمكن بدء البطولة بأربعة أوخمسة فرق إذ تنتفي المنافسة عندها خصوصا بعد انسحاب نادي الصداقة. اما على صعيد المنتخب، فلا توجد استحقاقات قريبة لمنتخب النساء.

وختم حديثه بشكر الإعلاميين لتغطيتهم أخبار الفوتسال مبديا سعادته لنقل نهائي البطولة الحالية تلفزيونيا لأن النقل التلفزيوني يفيد اللعبة ويساهم بنشرها أكثر فأكثر لأن المشاهدة لها الدور الابرز في تطوير اللعبة حيث تجلب المستثمرين ما يؤدي إلى تطور اللعبة أكثر فأكثر. ولا يخفي زخور ان السعي لإيجاد نقل تلفزيوني لدوري الفوتسال سيترك بالتأكيد بصمته الإيجابية على اللعبة..

نعم, لا يشك أحد أن نقل دوري الفوتسال عبر الاعلام سيكون دفعة إيجابية إلى الأمام لما سيساهم هذا النقل من نشر للعبة عند اللبنانيين، الامر الذي سينعكس على اللعبة وسيساعد على دخول مستثمرين جددا للعبة وجذب جمهور أكبر في المباريات. فالإعلام اليوم هوشريان كل حدث وكل رياضة.

كريّم: اللعبة تتطور بشكل جيد واطلاق دوري الشباب خير دليل


وللصحافيين الرياضيين دورهم ايضاً في نشر ثقافة هذه الرياضة. ومن بين هؤلاء، شربل كريّم الذي رافق المنتخب في الكثير من محطاته. وهويعتبر أن الفوتسال الى تقدّمٍ مستمر، والمثال البسيط على هذا الامر المستوى المميز الذي تشهده بطولة الدرجة الاولى هذه السنة واتساع رقعة المنافسة ونحن نتابع احدى افضل نسخات البطولة منذ انطلاقها. هناك جديّة كبيرة من كل الفرق وتحديداً الرباعي الذي بلغ مرحلة "الفاينال 4"، وهذا ما لمسناه من خلال استقدام الميادين للاعبَين ذائعَي الصيت عالمياً هما كابتن كولومبيا أنجيلوت كارووكابتن ليبيا محمد رحومة. لكن يمكنني اعطاء مثال اوضح على هذه النقطة وهوان بطولة الدرجة الثانية اصبحت اكثر جدية مقارنة بالاعوام الماضية. اما الدليل القاطع على سيرنا في درب التطور فهواطلاق دوري الشباب، الذي برأيي الشخصي سيكون الرافد الاول لكل الفرق والمنتخبات وخصوصاً في ظل وجود مواهب كثيرة نكتشفها اسبوعاً بعد آخر.


وعن وضعنا الاسيوي يقول كريم أنه يمكن القول اننا حافظنا على مركزنا بين الثمانية الكبار، لكنه حذّر من سرعة تطوّر الفوتسال في شرق آسيا حيث بدأنا نرى صعوداً قوياً لبلدانٍ مختلفة منها الصين، في وقتٍ تعزّز فيه بلدان الخليج حضورها ايضاً، وسط ازدياد الاهتمام باللعبة. وهذا ما بدا واضحاً من خلال اطلاق بطولة خاصة بدول مجلس التعاون الخليجي تماماً على غرار ما يحصل في كرة القدم.

وعندما سألنا كريم عن تقييمه لتجربة بنك بيروت الناجحة على مستوى أن يكون النادي ممولاً من قبل شركة وليس من شخص واحد وكيفية رؤيته لهذه الخطوة أجاب: التجربة التي قام بها بنك بيروت ليس الاولى على مستوى العالم، فهناك عدة مصارف خلت لتسويق اسمها في الفوتسال، وآخرها في تايلاند مع
جي آيتش بنك الذي حصل على لقب البطولة المحلية ومثّل البلاد في بطولة الاندية الآسيوية. الحقيقة وجود نادٍ مثل بنك بيروت هومكسب للعبة، وخصوصاً ان من يديرون هذا النادي هم اشخاص يعرفون ما هي لعبة الفوتسال ولا يفرطون في التبذير بشكلٍ يؤذي اللعبة والاندية الاخرى. ببساطة نحن بحاجةٍ الى اندية عدة مثل بنك بيروت والميادين الذي يسير في نفس النهج ايضاً ويمكن وضعه في الخانة عينها بحيث ان الدعم يأتي من مؤسسة لا من اشخاص.

ويرى شربل أن المال, الإدارة الصحيحة والامور الفنية تنقص الفوتسال اللبناني كي يصل إلى الإحتراف وإلى مستوى النخبة في العالم اذ من دون المال لا يمكنك التصرف بشكلٍ مثالي على الصعيد الاداري، اي من ناحية استقدام الافضل لفريقك من لاعبين ومدربين اجانب. وهذه النقطة الاخيرة هي الشق الفني، اذ وجود اللاعبين والمدربين الاجانب هو ضرورة ملحة لرفع مستوى اللعبة لان اللاعبين المحليين يمكنهم تعلّم الكثير واكتساب الخبرة من هؤلاء القادمين من الخارج.

وأوضح شربل أن الفوتسال اللبناني بانتظار قرار الاتحاد الآسيوي بخصوص ترشحنا لاستضافة كأس آسيا في لبنان. وفي حال عدم نجاح ملفنا، فانه علينا خوض التصفيات في منطقة غرب آسيا هادفين الى التأهل للبطولة القارية حيث سنسعى لحجز بطاقةٍ مؤهلة الى كأس العالم التي ستقام في كولومبيا السنة المقبلة.


ويعتبر شربل أن الفترة السابقة تحت قيادة المدرب الإسباني للمنتخب الوطني باكو اراوخو هي انجح فترة على الاطلاق، لانه نقلنا الى مرحلة اخرى في اللعبة وطوّر واكتشف لاعبين عديدين لدرجةٍ بتنا فيها لا نتأثر بغياب اي لاعب عن التشكيلة. والدليل في كأس آسيا الاخيرة عندما لعبنا من دون الحارس الاساسي حسين همداني والقائد قاسم قوصان، لكن رغم ذلك بلغنا الدور ربع النهائي. آمل ان يعود الينا وان نجدّد الارتباط معه، وخصوصاً مع بروز الكثير من اللاعبين الصغار الذين يمكنه وحده تطويرهم.

اسيل بسمة: اشجع الفتيات على لعب الفوتسال لانها تنمي قدراتهن


وكما نصف الرجل هوالمرأة فنصف أي لعبة هو وجهها النسائي. والصراحة تقال أن لبنان من البلدان العربية القليلة الذي يملك دوري للسيدات لكن المشكلة في هذه الناحية تكمن في عدم قبول البعض لفكرة الإهتمام بالرياضة النسائية وعدم الإيمان بالقدرة على تهيئة فتيات يجدن لعب كرة القدم والفوتسال وأي رياضة أخرى.

ولتسليط الضوء عن قرب على واقع الفوتسال النسائي, إلتقبنا إحدى أنشط الوجوه النسائية في عالم الفوتسال وكرة القدم عموما أسيل بسمة.

أسيل هي مدربة فوتسال ولاعبة في نفس الوقت, تملك شغفا لا يمكن وصفه للعبة وطموحا عاليا جدا وتعيش احترافا ذاتيا وإن كانت تعيش في بلد الهواة. تدرب حاليا فريق الغانرز ليبانون للشباب في دوري الفوتسال كما تدرب في نفس الوقت في أكاديمية أف سي بيروت وساس والجامعة الأميركية في بيروت.

أسيل بدأت كرة القدم منذ أربع سنوات لكنها هذه السنة تحولت إلى الفوتسال لأنها لعبة حماسية ومتعبة أكثر على عكس ما يعرف عنها إذ أن الضغط فيها أكبر والتركيز أعلى واللعب يكون بالعقل قبل الأقدام. وردا على سؤال حول الذي جذبها إلى هذه اللعبة رغم قلة إقبال النساء بشكل عام عليها خصوصا في البلدان العربية أجابت: أنا أحب كرة القدم كثيرا وأشعر معها برغبة كبيرة في الفوز والتنافس والإحتكاك البدني العالي الذي لا أجده في باقي الألعاب الفردية إذ أن لكرة القدم طعم مختلف.

وفيما يخص خوضها التجربة كمدربة لشباب الغانرز ليبانون تقول بسمة أنها استلمت الفريق بعد بداية الدوري بشهرين لكن الفريق كان قد دخل الدوري دون أي استعدادات ولا يملك الثقافة الخاصة بلعبة الفوتسال إذ اعتاد اللاعبون أكثر على الميني فوتبول لذلك فهي غير قادرة على تغيير شيئ هذا الموسم خصوصا مع غياب الدعم المالي...
لكن بسمة أكدت انها مصممة على تحضير الفريق للموسم المقبل شخصياً كي يربح الدوري لأن الخطوة الأولى في بلد مثل لبنان يجب أن تؤخذ بمجهود شخصي.

وتعتبر أسيل ان الفوتسال النسائي سابقاً كان أفضل فالسنة الماضية مثلا كان هناك أكثر من 7 أندية في الدوري أبرزهم الصداقة وساس، لكن هذه السنة الأمر ما زال غامضا إذ كان من المقرر أن ينطلق الدوري في 20-1 لكن انسحاب ثلاثة أندية منهم الصداقة لأسباب لا أحد يعلمها، جعل الأمور غير واضحة والإتحاد لا يمكنه البدء بدوري يضم 4 أو5 فرق.

أسيل لفتت إلى أن الكثير من البنات يدفعن إشتراكا شهريا للنوادي كي يلعبن الفوتسال، لكن البعض منهن أيضا ليس بمقدوره الدفع ما يسبب بابتعادهن عن اللعبة رغم موهبتهن الكبيرة ما يؤدي إلى تفريغ اللعبة من اللاعبات !

وعن دور الإتحاد، ترى بسمة أنه يفعل ما بوسعه لكي يطور اللعبة وهو مشكور لاهتمامه بالوجه النسائي للعبة حسب إمكانياته المتواضعة ،فهو يشجع الأندية على الإشتراك واللعب كما أنه يقيم دورات تدريبية لمن يرغب لكن المشكلة الأساسية تكمن في عدم الإهتمام باللاعبات صغار السن والناشئات اللواتي لا مستقبل للعبة دونهن, مؤكدة أنه بهكذا إمكانيات مادية وفنية لا يمكننا تحقيق النتائج والإحتكاك الخارجي الذي يساهم في رفع مستوى اللعبة بشكل عام.

أما الإعلام فهو برأي أسيل لا يقوم بواجباته تجاه اللعبة إذ لا يوجد الإهتمام الكافي ولا يتم تسويق ونشر اللعبة كما لا يوجد نقل تلفزيوني، والفكرة بحد ذاتها ما زالت غريبة عند البعض إذ أنها تفاجئ بأن هناك فتيات يلعبن كرة القدم.

أسيل نصحت كل الفتيات اللواتي يرغبن بلعب كرة القدم والفوتسال ألا يخجلن أو يخفن من خوض هذه التجربة، بل ان يتشجعن لأن اللعبة رائعة وتنمي شخصية الفتاة من كافة الجوانب، وان تكون داخل الملعب لاعبة كرة قدم وأن تعيش حياتها الطبيعية خارج الملعب، شاكرة أهلها الذين دعموها منذ بداية مسيرتها ولهم الفضل الكبير فيما وصلت وستصل إليه.

تستطيع الفوتسال أن تكون في طليعة الألعاب الرياضية في لبنان وأن توصله إلى العالمية وقد برهنت في الفترة السابقة أنها قادرة على ذلك لكن هذا الأمر مرتبط بمدى تضافر الجهود من قبل القيّمين عليها.

نعم الامل كبير بأن تشرق شمس الفوتسال قريبا وأن تغطي بأشعتها الذهبية التلال الأسيوية ولم لا القمم العالمية فعناصر التألق موجودة ولا يبقى لنا إلا أن نحسن استعمالها كي نبرهن أننا نستطيع من لا شيئ فعل كل شيئ.

سامي جو النقاش