لعبت الحروب والسياسة وحركات التمرد والإستقلال دوراً كبيراً في المناسبات الرياضية بشكل عام وكرة القدم على وجه التحديد حتى أضحت جزءاً من اللعبة الأكثر شعبية في العالم، تغيب وتعود دون أن يتمكن الإتحاد الدولي لكرة القدم "الفيفا" من عزلها عن محيطها الخارجي، ولعل الجميع شاهد ما حصل في مباراة ألبانيا وصربيا الأسبوع الماضي ضمن تصفيات أمم أوروبا 2016، وهو ما يؤكد التزامن بين كرة القدم وما حولها.


اليوم لم تعد القصة تتعلق بهذا المنحى فحسب بعدما دخلت أمور أخرى في مقدمتها العوامل الصحية لتصبح هاجساً لدى الأسرة الدولية إثر إنتشار وباء إيبولا في القارة السمراء، مع العلم ان الأخيرة تنتظر حدثاً هو الأهم بالنسبة لها ألا وهو كأس الأمم الإفريقية في المغرب من 17 كانون الثاني/ يناير وحتى 8 شباط/فبراير من العام المقبل. وباء إيبولا الذي حصد نحو خمسة آلاف شخص حتى الآن أرخى بظلاله على مختلف أرجاء العالم دون أن تكون منظمة الصحة العالمية قادرة على الحد من انتشاره وهو الأمر الذي دفع المغرب لإتخاذ خطوة جريئة وشجاعة تقضي بالطلب من الإتحاد الأفريقي لكرة القدم تأجيل البطولة.


وقبل أن يتخذ "الكاف" قراره في الثاني من نوفمبر يحاول الأخير بشتى الطرق الضغط على المغرب من أجل التخلي عن إستضافة البطولة وتجييرها إلى جنوب أفريقيا التي استضافت النسحة الاخيرة عام الفين وثلاثة عشر، لكن المغرب لا يزال صامداً بوجه كل الضغوط التي تمارس عليه ويطلب تأجيل البطولة حتى صيف 2015 في ظل غياب أي منافسة قارية أو دولية كبرى في هذا التاريخ، وهو الأمر الذي سيتيح الفرصة للجهود الرامية من أجل الحد من انتشار هذا الفيروس والقضاء عليه.


وبات من الواضح أن الحكومة المغربية تستشعر الأخطار المحدقة والتي قد تنجم عن قدوم عشرات الآلاف من المشجعين مما يعني دخولها النفق المظلم بإرادتها وهذا ما لا يريده المغرب المستعد للتنازل أيضاً عن تنظيم البطولة لصالح أي دولة يختارها الإتحاد الإفريقي إذا ما أصر الاخير على إقامتها في موعدها، لكنه سيدخل بالتاكيد في معركة مع "الكاف" من أجل الحصول على تعويضات مالية وربما يكون الخيار الثاني بعد التأجيل الذي سيتم بحثه في الإجتماع المرتقب لإتحاد القارة، لكن نقل البطولة الى بلد آخر لا ينهي المشكلة لأن المغرب لا يعاني من الوباء بقدر ما يتعلق الأمر بقدوم الجماهير من دول أخرى، فهل يقبل الاتحاد الإفريقي إقامة أمم أفريقيا بالجمهور المحلي للدولة المستضيفة؟ الجواب قطعاً لا.


من الخيارات المطروحة على طاولة البحث إلغاء البطولة الحالية على أن تسند بطولة عام 2017 إلى المغرب مع العلم أن الاتحاد الافريقي لم يختر حتى الآن الدولة المستضيفة للبطولة المقبلة.
وبانتظار الرأي الحاسم من منظمة الصحة العالمية والذي قد يكون الفصل في إقامة البطولة من عدمها، تبقى صرخة مدربي الفرق الأوروبية هي الأخرى فاعلة في معرفة المكان والزمان لأمم أفريقيا.