وليد بيساني


من المعروف ان نهائيات كأس العالم تشّكل فرصة لا تعوّض بالنسبة للمنتخبات المشاركة من أجل ترك بصمة إيجابية تكون عاملاً مساعداً على التقدم في التصنيف العالمي من جهة، ومحطة لإنطلاقة مميزة نحو البطولات والإستحقاقات المقبلة نظراً للخبرة الكبيرة التي تخرج بها من جهة أخرى. هذا الأمر ينطبق على المنتخبات التي تعتبر المشاركة في كأس العالم بطولة بحد ذاتها، فكيف بتلك التي تدخل المونديال من أجل المنافسة على اللقب.
يعتقد كثيرون أن الفوز بلقب عالمي أو إحتلال مركز متقدم في بطولة ما، هو بداية الطريق من أجل الهيمنة على المنافسات المقبلة خاصة وأن تلك الفرصة تُتيح للمنتخبات المتفوقة الإستفادة من هذا الزخم من الناحيتين المعنوية والفنية، لكن هذا الوضع لم تألفه كل من المانيا بطلة العالم و​هولندا​ صاحبة المركز الثالث في البرازيل.
ومنذ صعود لاعبي المنتخب الألماني إلى منصات التتويج بعد أداء رائع في المونديال، كانت التوقعات تتصاعد هي الأخرى بشكل متوازِ وتشير الى سيطرة مطلقة للمانشافت في المدى المنظور، لكن ذلك لم يحدث منذ المباراة الودية الأولى أمام الأرجنتين في سيناريو مشابه لنهائي كأس العالم، وخسر رجال المدرب يواكيم لوف اللقاء بنتيجة أربعة أهداف مقابل اثنين، لكن يومها قيل الكثير عن تلك المواجهة لجهة اعتزال لاعبين وإصابة آخرين، إلا أن الفوز على اسكتلندا في بداية التصفيات المؤهلة لأمم أوروبا 2016 أخمد التساؤلات قبل أن تقع الطامة الكبرى بإحراز نقطة واحدة من مباراتين بعد الخسارة أمام بولندا ومن ثم التعادل أمام جمهورية إيرلندا.
وتكرر الأمر نفسه مع هولندا التي أبدعت في مونديال البرازيل وحُرمت التأهل للنهائي بسبب ركلات الترجيح أمام الأرجنتين إلا أنها سقطت في المباراة الودية الاولى أمام ايطاليا بهدفين دون رد على الرغم من الدماء الجديدة في البرتقالي بقيادة المدرب الجديد القديم غوس هيدينك. لم يتغير أي شيء في المباراة الأولى من التصفيات الأوروبية وخسرت هولندا أمام تشيكيا ثم حققت فوزاً معنوياً على كازاخستان المتواضعة، إلا أن المفاجأة الاكبر تمثلّت بخسارتها أمام ايسلندا لتجمع ثلاث نقاط من ثلاث مباريات وتتخلف بفارق ست نقاط عن الصدارة.
في الحقيقة إن هذا الأمر إنسحب أيضا ولكن بدرجة اقل على بلجيكا واسبانيا، مما يعني ان هناك أسئلة مشروعة لا بد من طرحها وتتعلق بتوقيت التصفيات في بداية الموسم من جهة ومن ثم الآثار التي يمكن أن يخلفها غياب المانيا وهولندا مثلاً عن النهائيات في فرنسا، صحيح أن احداً لا يجزم بهذا الغياب لكن استمرار تلك النتائج قد يُفضي للمجهول.
يبقى القول ان مرحلة من "التشبّع" ربما أصابت لاعبي المانيا وهولندا لكن ذلك ليس مبرراً لهذا الفشل الذريع في التصفيات الأوروبية، ومع ذلك ربما علينا إنتظار بعض الوقت قبل الحديث عن متغيّرات حقيقية في المنتخبين ربما تعيد خلط الأوراق من جديد.