سامي جو النقاش

تعود نشأة رياضة المعوقين الى افكار جو ثمان الطبيب بمستشفى / مستيك ماندفيل/ بانكلترا و ذلك ابان الحرب العالمية الثانية و بعدها , وذلك بعد ان لاحظ الخمول و الكسل و فقدان الثقة بالنفس الذي يعاني منه من اصيب بالشلل في الحرب والمقيمين بالمستشفى الذين لم يمارسوا أي نشاط , ففكر في انشاء العاب ستيل ماندفيل للمشلولين عام /1948/.

ولكي يساعد هؤلاء المعوقين على استعادة معنوياتهم و توازنهم النفسي والجسدي , وحتى يمكن دمجهم في المجتمع من جديد من خلال النشاط الرياضي عبر قوانين وادوات تتناسب وقدراتهم البدنية والحركية، وهو امر سرعان ما اعطى ثماره الايجابية التي ظهرت على المرضى المعنيين.
واقتصرت الالعاب في بدايتها على الرماية بالقوس والسهم من فوق الكرسي ذي العجلات حيث اشترك فيها جنود وضباط الجيش البريطاني المقعدين ومنذ ذلك التاريخ، اصبحت العاب المعوقين احد مظاهر الرياضة الانكليزية التي تقام سنوياً.‏

لقد احدثت التغييرات الاجتماعية وبخاصة في اعقاب الحروب تغييرات في نظرة المجتمعات واتجاهاتها نحو المعوقين باعتبارهم افرادا ضحوا بأنفسهم او اصيبوا بالعاهات في سبيل الذود عن اوطانهم , الامر الذي جعل المجتمع يشعر بالتعاطف والميل الى تكريمهم, كما أن اساليب العلاج الطبيعي والطب الرياضي والنهوض بحركة التأهيل البدني وتطور اجهزة التعويض , قد ساعدت كثيراً في الارتقاء برياضة المعوقين.‏

اضافة الى ظهور تشريعات اجتماعية ودستورية خاصة بالمعوقين كرد فعل اجتماعي بالتعاطف معهم، بالاضافة الى اسهام الفكر التربوي الحديث الذي اصبح ينظر اليهم كمواطنين لهم حقوق وواجبات ولا ينقصهم إلا التكيف.


ولكي يتجه المعوقون نحو بوابة الرياضة، كان لا بد من وجود من يؤمن بأهميتها ويقوم بتشجيعهم على ممارستها، فنظرة المجتمع القاصرة والأفكار الخاطئة تجاههم تشكل السبب الرئيسي في رفض هذه المبادرات، غير أن الوعي الحضاري يدعو إلى تحفيز وتشجيع الأشخاص من ذوي الإعاقة لخوض التجربة وكسر حواجز الخجل والعزلة لديهم والتضامن معهم ومساندتهم لإثبات قدراتهم ومهاراتهم التي تفوق أحيانا غير المعوقين.


وفي لبنان تحديدا، يظهر نقص الاهتمام بالرياضة بشكل عام من قبل الدولة فكيف بالحري في رياضة المعوقين اللهم ان كان هناك استثناءات من قبل بعض الافراد ولكن هذا ليس كافيا.


ولمن لا يعرف، فإن في لبنان بعض الاشخاص من ذوي الارادة الصلبة الذين تحدوا الاعاقة والاهمال من قبل المعنيين، واصروا على تخطي كل الحوجز من اجل الوصول الى مبتغاهم، وكان لهم ما ارادوا ليكونوا قدوة لغيرهم ومثالا حيا يحتذى عن ان الرياضة حق للجميع دون استثناء، وان ارادة الانسان تبقى اقوى من كل العوائق والصعوبات.

عدنان عبد الله: فريق كرة قدم لبناني مع "عصي" بين 7 فرق في العالم

احد هؤلاء هو عدنان حسن عبد الله ، مواليد ١٩٧٢. وقال لـ"السبورت": أمارس هواية كرة القدم منذ الصغر، ولكن في عمر ١٢ سنة تعرضت لاصابة بالغة افقدتني القدرة على السير، وقد انضممت الى نادي الناجين من الألغام. وبفضل اصراري وطموحي وهوايتي منذ الصغر على هذه اللعبة بذلت كل جهدي للوصول والحمد الله وصلت . ان فريق الناجين من الالغام لا يتلقى أي دعم من المؤسسات المختصة أو الدولة كما هو الحال مع الفرق الاخرى التي تلعب كرة القدم، اضافة الى انه وكما هو معلوم، لا وجود للاحتراف في لبنان على الصعد الرياضية كافة.
واضاف: للعلم فقط، فإن الفريق هو من أهم الفرق في الدول العربية ، وهناك جهة وحيدة تهتم به هي الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين برعاية السيدة رندة بري التي احتضنت الفريق الذي يتألف من ٢٢ لاعبا يمارسون هواياتهم وفرضوا أنفسهم على الساحة اللبنانية والعربية، كونم يشاركون بمعظم الدورات التي تقام بالعالم العربي لألعاب القوى.
وتابع: أما بالنسبة لكرة القدم ، فيتحضّر الفريق وهو من بين سبعة فرق في العالم تلعب مع "عصي"، وقد تقدّمنا بطلب عبر الاتحاد اللبناني لتبنّي هذا الفريق ليقدَّم له الدعم اللوجستي والمعنوي والمادي من أجل الاستمرار لأنه من الممكن ان يشرّف لبنان والعالم العربي.

ومن فترة ٣ أشهر خضت تجربة في اتحاد آسيا للمدربيين وحصلت على شهادة تثبت انضمامي الى نادي مدربي آسيا لفئة " c "، ونظرا لطموحي بهذا المجال سوف اخوض السنة المقبلة امتحانات الفئة b" " وبعدها الفئة "e".
وختم بالقول: اتمنى التوقيق لجميع زملائي بهذا الفريق واتمنى النجاح لهم في كل المجالات الرياضية . واشكر صحيفة "السبورت" لتسليطها الضوء على هذه اللعبة وخصوصًا لعبة المعوقين لانها تستحق كل الاهتمام لتبرز للضوء وترفع اسم لبنان عاليا .

اذا من رحم المعاناة تولد البطولات وبالعزيمة والاصرار لا شيء مستحيلا، لكن المشاكل نفسها موجودة في كل المجالات الرياضية التي تمارس في لبنان. وقد حاولنا التحدث مع المسؤولين المعنيين للاستيضاح حول وجود خطة او فكرة او رؤية واضحة من اجل النهوض بالرياضة بشكل عام ورياضة المعوقين بشكل خاص لكن الكل رفض الحديث.


علي سرور: اين الدولة؟

بالطبع جميع المغامرين في العالم يملكون ثقة كبيرة في انفسهم، فكم بالحري اشخاص جعلوا من الضعف قوة ومن الاعاقة حافزا يدفعهم للامام. وفي هذا المجال التقينا مغامرا اخر لم تمنعه اعاقته من ممارسة رياضته المفضلة، هو علي سرور (زميل عدنان) الذي تحدى نفسه قبل ان يتحدى العالم وهذا ما قاله علي لصحيفة "السبورت":
أمارس هواية كرة القدم ، ووضعي معوّق " بتر تحت الركبة " جراء لغم أرضي . ألعب مع فريق نادي الناجين من الألغام وهو عبارة عن فريق مكوّن من عدد من المصابين جراء الألغام المزروعة في لبنان. وهناك رسالة للفريق هي رسالة تحفيزية لتحويل الاعاقة لطاقة وبذات الوقت لتسليط الضوء على مشكلة الالغام ومخلفات الحرب .
كانت كرة القدم هوايتي قبل الاصابة وبعد تأسيس الفريق كنت من اول المشاركين ، والمبادرة كانت من الجمعية اللبنانية لرعاية المعوقين برعاية السيدة رندة بري. وكانت الفرصة لاستعيد ممارسة هوايتي التي حرمت منها وبالتالي كانت وسيلة لاتحدى اعاقتي واحوّلها لطاقة.

ان هذا الامر بحد ذاته، يظهر بما لا يقبل الشك ان غاية الفريق ليست احترافية بقدر ما هي غاية معنوية وايصال رسالة . بصراحة تامة الاهتمام من قبل الدولة معدوم ، ونُعتَبَر على صعيد البلدان العربية الاقل اهتماما بهذه الرياضة وبالرياضة بشكل عام ، فكيف الوضع مع رياضة المعوقين ؟!
ان طموحي هو المشاركة ببطولات دولية وتفعيل رياضة المعوقين لما لها من مردود مادي ومعنوي للشخص المعوق وللبلد ككل ، ومن طموحي ايضا المشاركة بالالعاب البارالمبية . كمجهود فردي لا استطيع الوصول الى البطولات الاولمبية، لكن على الدولة الاهتمام والمؤازرة لوصولنا . حاليا يجري العمل على تأسيس فريق كرة قدم مع العصي لمصابي الالغام.
اما صرختي فليست بغريبة او جديدة وهي تختصر بعبارة واحدة تقليدية: " اين الدولة"؟

الدولة.....الكلمة التي تقال في كل محفل لكن المعنى الحقيقي للكلمة مفقود، عكس الارادة الشجاعة والايمان الذي يتتع به هؤلاء المكافحين.
تحية الى عدنان وعلي وزملائهم في الفريق، والى جميع الرياضيين ذوي الاحتياجات الخاصة، الذين عوضوا عن فقدان احد اعضاء الجسد بارادة صلبة وعزيمة فولاذية تدجّن المستحيل وتجعله في متناول اليد.