أرخى تأهل ريال مدريد وأتلتيكو إلى المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا بظلاله على المشهد الأوروبي بعدما أكد هذا التأهل أن هيمنة الكرة الإسبانية بفرعيْها (المنتخب والأندية) ما تزال مستمرة لا بل انها تتعزز بمزيد من السيطرة، وهو ما تجلى ببقاء لقب دوري أبطال أوروبا إسبانياً للعام الثالث على التوالي، وإستعداد إشبيلية حامل اللقب في العامين الماضيين لفعل الأمر نفسه في اليوروبا ليغ بعدما بلغ المباراة النهائية للمرة الثالثة توالياً أيضاً.


ومما لا شك فيه أن إحتفاظ الكرة الإسبانية بريادتها على الصعيدين العالمي والأوروبي يأتي مواكبة "للفورة" التي سمحت للمنتخب الإسباني بالسيطرة على الألقاب الدولية الكبرى منذ العام 2008 وحتى 2012 كما انه جاء نتيجة للتألق الكبير لفريق برشلونة في السنوات الماضية وهيمنته على الكثير من الألقاب، ومع ذلك فإن هناك الكثير من المؤشرات التي يمكن تلمسها من هذا الأمر وتؤسس لمزيد من السيطرة على الألقاب في السنوات المقبلة.


من الواضح ان قدرة الأندية الإسبانية على إختزال كل تلك المسافات وفرض تواجدها كطرف "شبه ثابت" إن في المباراة النهائية أو على منصات التتويج لدوري أبطال أوروبا والدوري الأوروبي في السنوات العشر الأخيرة، يؤكد بما لا يدع للشك مجالاً الفارق الفني والمادي وحتى المعنوي بينها وبين نظيراتها في القارة العجوز حتى غدت الملاعب الإسبانية الأكثر جذباً لنجوم العالم من هنا وهناك والأكثر قدرة على منح هؤلاء الفرصة للتوشح بالألقاب.


ولم تعد سيطرة الأندية الإسبانية على البطولات الأوروبية مجرد تواجد مرحلي في الأدوار النهائية بعدما ظهر جلياً قدرتها على إبعاد أي منافس مهما بلغت قوته في طريقها لفرض "أمر واقع" بدا واضحاً للعيان في السنوات الثلاث الأخيرة، بدليل ان بايرن ميونيخ الألماني الذي يعتبر الفريق الوحيد تقريباً القادر على مواجهة وإيقاف "المد" الإسباني، خرج من دور الأربعة لدوري أبطال أوروبا في السنوات الثلاث الأخيرة على يد فرق إسبانية هي برشلونة ، ريال مدريد وأخيراً أتلتيكو مدريد الثلاثاء الماضي.


وتكفي الإشارة إلى انه في الوقت الذي حسمت فيه صورة الفائزين ببطولات الدوري في أوروبا، ما يزال المشهد مبهماً في الليغا قبل مرحلتين فقط على اختتام الدوري الإسباني، حيث ما تزال هوية البطل مجهولة وهو ما يؤشر بحد ذاته لحجم المنافسة واستمرار الصراع على اللقب حتى الرمق الأخير مما يزيد من حجم الإثارة والمتابعة لكل شاردة وواردة.


ربما يعتبر البعض ان التفوق الإسباني في المسابقات الأوروبية وتحديداً في دوري الأبطال سببه المباشر القوة الفنية والمالية لكل من ريال مدريد وبرشلونة مما جعلهما الأفضل في العالم والأكثر نجاحاً على جذب النجوم خلال السنوات الماضية.


قد لا يتمكن أحد من "نقض" هذا الكلام لكن في المقابل لا يمكن لاحد أن ينكر ان القوة الثنائية باتت ثلاثية بوجود أتلتيكو مدريد هذا الفريق الذي أثبت طموحه وقدرته على دخول "نادي الكبار"، وما بلوغه المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا للمرة الثانية في السنوات الثلاث الاخيرة ووجوده كمنافس ثابت في الليغا، إلا دليل إضافي على ما يمكن ان يشكله هذا الفريق في السنوات المقبلة.


يبقى القول ان هذا التفوق لن يتوقف في المدى المنظور خاصة في ظل إتساع الهوة بين الاندية الأوروبية والإسبانية حتى باتت الأولى تحلم بانتصار على الثانية لكن أي أمل بإيقاف هذا "القطار السريع" قد لا يكون متاحاً في الوقت الحالي.